1- ما ذُكِرَ فِي أَبِي يَكْسُومَ، وَأَمْرِ الْفِيلِ.
37689- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو يَكْسُومَ صَاحِبُ الْحَبَشَةِ وَمَعَهُ الْفِيلُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ، بَرَكَ الْفِيلُ، فَأَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ، قَالَ: فَإِذَا وُجِّهَ رَاجِعًا أَسْرَعَ رَاجِعًا، وَإِذَا أُرِيدَ عَلَى الْحَرَمِ أَبَى، فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمْ طَيْرٌ صِغَارٌ بِيضٌ، فِي أَفْوَاهِهَا حِجَارَةٌ أَمْثَالُ الْحِمَّصِ، لاَ تَقَعُ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ هَلَكَ.
37690- قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو مَكِينٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: فَأَظَلَّتْهُمْ مِنَ السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَعَلَهُمَ اللَّهُ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ، أَرْسَلَ اللَّهُ غَيْثًا، فَسَالَ بِهِمْ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمْ إِلَى الْبَحْرِ.
37691- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ {طَيْرًا أَبَابِيلَ} قَالَ: كَانَ لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفَّ كَأَكُفِّ الْكِلاَبِ.
37692- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: طَيْرٌ سُودٌ تَحْمِلُ الْحِجَارَةَ بِمَنَاقِيرِهَا وَأَظَافِيرِهَا.
37693- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ.
37694- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَ أَصْحَابَ الْفِيلِ، بَعَثَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أُنْشِئَتْ مِنَ الْبَحْرِ أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ، كُلُّ طَيْرٍ مِنْهَا يَحْمِلُ ثَلاَثَةَ أَحْجَارٍ مُجَزَّعَةٍ: حَجَرَيْنِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرًا فِي مِنْقَارِهِ، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى صَفَّتْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، ثُمَّ صَاحَتْ، فَأَلْقَتْ مَا فِي أَرْجُلِهَا وَمَنَاقِيرِهَا، فَمَا يَقَعُ حَجَرٌ عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ إِلاَّ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، وَلاَ يَقَعُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ إِلاَّ خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ، قَالَ: وَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا شَدِيدَةً، فَضَرَبَتِ الْحِجَارَةَ فَزَادَتْهَا شِدَّةً، قَالَ: فَأُهْلِكُوا جَمِيعًا.
2- مَا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْلَ النُّبُوَّةِ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
37695- حدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرٌ، قَالَ: انْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى يَهُودٍ، فَقَالَ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ، الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَجِدُونَ مُحَمَّدًا فِي كُتُبِكُمْ ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُوهُ ؟ فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ رَسُولاً إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ كِفْلٌ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ كِفْلُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ، وَهُوَ عَدُوُّنَا مِنْ بَيْنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَمِيكَائِيلُ سِلْمُنَا، فَلَوْ كَانَ مِيكَائِيلُ هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ أَسْلَمْنَا . قَالَ: فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، مَا مَنْزِلَتُهُمَا مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالُوا: جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أَشْهَدُ مَا يَتَنَزَّلاَنِ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ، وَمَا كَانَ مِيكَائِيلُ لِيُسَالِمَ عَدُوَّ جِبْرِيلَ، وَمَا كَانَ جِبْرِيلُ لِيُسَالِمَ عَدُوَّ مِيكَائِيلَ.
فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهُمْ، إِذْ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالُوا: هَذَا صَاحِبُك يَابْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} .
37696- حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ، وَخَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ، هَبَطُوا فَحَلُّوا رِحَالَهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَ الرَّاهِبُ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَلْتَفِتُ، قَالَ: فَهُمْ يَحِلُّونَ رِحَالَهُمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا عِلْمُكَ ؟ قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ، وَلاَ حَجَرٌ إِلاَّ خَرَّ سَاجِدًا، وَلاَ يَسْجُدُونَ إِلاَّ لِنَبِي، وَإِنِّي لأَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ.
ثُمَّ رَجَعَ وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ
هُوَ فِي رَعِيَّةِ الإِبِلِ، قَالَ: أَرْسِلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، قَالَ: اُنْظُرُوا إِلَيْهِ، عَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ، وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اُنْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لاَ يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ لَوْ رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِتِسْعَةِ نَفَرٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ ؟ قَالُوا: جِئْنَا، أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ فِي طَرِيقٍ إِلاَّ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ فَبُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ ؟ قَالُوا: لاَ، إِنَّمَا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ بِطَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ، هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ.
فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ ؟ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَنَا، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلاَلاً، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ.
37697- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ قَبِيلَةٌ مِنَ الْجِنِّ إِلاَّ وَلَهُمْ مَقَاعِدُ لِلسَّمْعِ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ سَمِعَتِ الْمَلاَئِكَةُ صَوْتًا كَصَوْتِ الْحَدِيدَةِ أَلْقَيْتهَا عَلَى الصَّفَا، قَالَ: فَإِذَا سَمِعَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ خَرُّوا سُجَّدًا، فَلَمْ يَرْفَعُوا رُؤُوسَهُمْ حَتَّى يَنْزِلَ، فَإِذَا نَزَلَ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونُ فِي السَّمَاءِ، قَالُوا: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونُ فِي الأَرْضِ مِنْ أَمْرِ الْغَيْبِ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي الأَرْضِ تَكَلَّمُوا بِهِ، فَقَالُوا: يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَتَسْمَعُهُ الشَّيَاطِينُ، فَيُنْزِلُونَهُ عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ.
فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دُحِرُوا بِالنُّجُومِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ بِهَا ثَقِيفٌ، فَكَانَ ذُو الْغَنَمِ مِنْهُمْ يَنْطَلِقُ إِلَى غَنَمِهِ فَيَذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً، وَذُو الإِبِلِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ بَعِيرًا، فَأَسْرَعَ النَّاسُ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنْ كَانَتِ النُّجُومُ الَّتِي يُهْتَدِي بِهَا وَإِلاَّ فَإِنَّهُ أَمْرٌ حَدَثَ، فَنَظَرُوا فَإِذَا النُّجُومُ الَّتِي يُهْتَدِي بِهَا كَمَا هِي، لَمْ يُرْمَ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَكَفُّوا، وَصَرَفَ اللَّهُ الْجِنَ، فَسَمِعُوا الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ، قَالُوا: أَنْصِتُوا، قَالَ: وَانْطَلَقَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى إِبْلِيسَ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا حَدَثٌ حَدَثَ فِي الأَرْضِ، فَأْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِتُرْبَةٍ، فَلَمَّا أَتَوْهُ بِتُرْبَةِ تِهَامَةَ، قَالَ: هَاهُنَا الْحَدَثُ.
37698- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: لاَ تَقُلْ نَبِيٌّ، فَإِنَّهُ لَوْ قَدْ سَمِعَك كَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ، قَالَ: فَأَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَسَأَلاَهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ: لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِ، وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فَيَقْتُلَهُ، وَلاَ تَسْحَرُوا، وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلاَ تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ، وَلاَ تُوَلُّوا لِلْفِرَارِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يَهُودُ: لاَ تَعْدُوا فِي السَّبْتِ، قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ حَقٌ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي ؟ قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا لاَ يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ.
3- مَا جَاءَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ابْنَ كَمْ كَانَ حِيْنَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ.
37699- حدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ مَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.
37700- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ.
37701- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا.
37702- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.
37703- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.
37704- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بُعِثَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، فَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.
37705- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام عَشْرًا بِمَكَّةَ وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ، لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَخَمْسًا وَسِتِّينَ وَأَكْثَرَ.
37706- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.
37707- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَتُوُفِّيَ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً.
4- مَا جَاءَ فِي مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
37708- حدَّثَنَا عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ؛ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا ؟ قَالَ: كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ.
37709- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادّ، قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَغَمَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ، قَالَ: وَمَا أَقْرَأُ ؟ قَالَ: فَغَمَّهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ، قَالَ: وَمَا أَقْرَأُ ؟ قَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فَأَتَى خَدِيجَةَ فَأَخْبَرَهَا بِاَلَّذِي رَأَى، فَأَتَتْ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ رَأَى زَوْجُك صَاحِبَهُ فِي حَضَرٍ ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ زَوْجَك نَبِيٌّ وَسَيُصِيبُهُ مِنْ أُمَّتِهِ بَلاَءٌ.
37710- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ إِذَا بَرَزَ سَمِعَ مَنْ يُنَادِيهِ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَأَتَى خَدِيجَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَ:
يَا خَدِيجَةُ، قَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خَالَطَ عَقْلِي شَيْءٌ، إِنِّي إِذَا بَرَزْتُ أَسْمَعُ مَنْ يُنَادِي، فَلاَ أَرَى شَيْئًا، فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا، فَإِذَا هُوَ عِنْدِي يُنَادِينِي، فَقَالَتْ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ ذَلِكَ، إِنَّك مَا عَلِمْتُ تَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتُؤَدِّي الأَمَانَةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ ذَلِكَ.
فَأَسَرَّتْ ذَلِكَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ نَدِيمًا لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ ؟ فَحَدَّثَهُ بِمَا حَدَّثَتْهُ خَدِيجَةُ، فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَلْ تَرَى شَيْئًا ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي إِذَا بَرَزْتُ سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَلاَ أَرَى شَيْئًا، فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا، فَإِذَا هُوَ عِنْدِي، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، فَإِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ لَك.
فَلَمَّا بَرَزَ سَمِعَ النِّدَاءَ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: قُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُلَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} حَتَّى فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ أَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَبْشِرْ، ثُمَّ أَبْشِرْ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّك الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّك أَنْتَ أَحْمَدُ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّك مُحَمَّد، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللهِ، وَلَيُوشِكُ أَنْ تُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ، وَلَئِنْ أُمِرْتَ بِالْقِتَالِ وَأَنَا حَيٌّ لأُقَاتِلَنَّ مَعَك، فَمَاتَ وَرَقَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ.
37711- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ابْتَعَثَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَرَّةً لإِدْخَالِ رَجُلٍ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَمَرَّ عَلَى كَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ الْيَهُودِ، فَدَخَلَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَقْرَؤُونَ سِفْرَهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَطْبَقُوا السِّفْرَ وَخَرَجُوا، وَفِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ رَجُلٌ يَمُوتُ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا مَنَعَهُمْ أَنْ يَقَرَؤُوا أَنَّك أَتَيْتَهُمْ وَهُمْ يَقْرَؤُونَ نَعْتَ نَبِيٍّ، هُوَ نَعْتُك، ثُمَّ جَاءَ إِلَى السِّفْرِ فَفَتَحَهُ، ثُمَّ قَرَأَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قُبِضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: دُونَكُمْ أَخَاكُمْ، قَالَ: فَغَسَّلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ، وَحَنَّطُوهُ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ.
37712- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ عَلَقَةً مِنْهُ، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْك، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، قَالَ: وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ، يَعْنِي ظِئْرَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، قَالَ: فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ.
37713- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: احْتَبَسَ الْوَحْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ، وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، فَجَعَلَ يَخْلُو فِي حِرَاءَ، فَبَيْنَمَا هُوَ مُقْبِلٌ مِنْ حِرَاءَ، قَالَ: إٍِذَا أَنَا بِحِسٍّ فَوْقِي فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِشَيْءٍ عَلَى كُرْسِيٍّ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ جُئِثْتُ إِلَى الأَرْضِ، وَأَتَيْتُ أَهْلِي بِسُرْعَةٍ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي دَثِّرُونِي، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّك فَكَبِّرْ، وَثِيَابَك فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.
37714- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، قَالَ: دُثِّرْتَ هَذَا الأَمْرَ فَقُمْ بِهِ، وَقَوْلِهُ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}، قَالَ: زُمِّلْتَ هَذَا الأَمْرَ فَقُمْ بِهِ.
5- فِي أَذَى قُرَيْشٍٍ لِلنّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَمَا لَقِيَ مِنْهُمْ.
37715- حدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا، فَقَالُوا: اُنْظُرُوا أَعْلَمَكُمْ بِالسِّحْرِ وَالْكِهَانَةِ وَالشِّعْرِ، فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتْ أَمْرَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، فَلْيُكَلِّمْهُ، وَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَقَالُوا: أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيد.
فَأَتَاهُ عُتْبَةُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ خَيْرٌ، أَمْ عَبْدُ اللهِ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ
قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ، أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلاَءِ خَيْرٌ مِنْك، فَقَدْ عَبَدُوا الآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّك خَيْرٌ مِنْهُمْ فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَك، إِنَّا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا سَخْلَةً قَطُّ أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْك، فَرَّقْتَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَعِبْتَ دِينَنَا، وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ، حَتَّى لَقَدْ طَارَ فِيهِمْ أَنَّ فِي قُرَيْشٍ سَاحِرًا، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا، وَاللهِ مَا نَنْتَظِرُ إِلاَّ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، أَنْ يَقُومَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِالسُّيُوفِ حَتَّى نَتَفَانَى.
أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْبَاءَةُ، فَاخْتَرْ أَيَّ نِسَاءِ قُرَيْشٍ فَلْنُزَوِّجُك عَشْرًا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ، جَمَعْنَا لَك حَتَّى تَكُونَ أَغْنَى قُرَيْشٍ رَجُلاً وَاحِدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَفَرَغْتَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بسم الله الرَّحْمَن الرحيم{حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ} حَتَّى بَلَغَ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثُمَّودَ ْ}، فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ: حَسْبُك حَسْبُك، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ: لاَ، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنَّكُمْ تُكَلِّمُونَهُ بِهِ إِلاَّ وَقَدْ كَلَّمْتُهُ بِهِ، فَقَالُوا: فَهَلْ أَجَابَك ؟ قَالَ: نَعَمْ؛
قَالَ: لاَ، وَالَّذِي نَصَبَهَا بَيِّنَةً مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَا قَالَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَنْذَرَكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثُمَّودَ، قَالُوا: وَيْلَك، يُكَلِّمُك رَجُلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ لاَ تَدْرِي مَا قَالَ، قَالَ: لاَ وَاللهِ، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَا قَالَ غَيْرَ ذِكْرِ الصَّاعِقَةِ.
37716- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، إِلاَّ يَوْمًا ائْتَمَرُوا بِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَذَبَهُ حَتَّى وَجَبَ لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، وَتَصَايَحَ النَّاسُ فَظَنُّوا أَنَّهُ مَقْتُولٌ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يَشْتَدُّ، حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ وَرَائِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ} ؟ ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ، مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلاَّ بِالذَّبْحِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ جَهُولاً، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَنْتَ مِنْهُمْ.
37717- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ ؟ فَانْتَهَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: لِمَ تَنْتَهِرُنِي يَا مُحَمَّدُ ؟ وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا بِهَا رَجُلٌ أَكْبَرُ نَادِيًا مِنِّي . قَالَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} قَالَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ أَنْ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ.
37718- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُصَلِّي فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنُحِرَتْ جَزُورٌ فِي نَاحِيَةِ مَكَّةَ، قَالَ: فَأَرْسَلُوا فَجَاؤُوا مِنْ سَلاَهَا، فَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، قَالَ: فَكَانَ يَسْتَحِبُّ ثَلاَثًا، يَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْشٍ: بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ.
قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قَتْلَى فِي قَلِيبِ بَدْرٍ.
قَالَ أبُو إِسْحَاقَ: وَنَسِيتُ السَّابِعَ.
37719- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَنْ مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، قَالَ: فَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ أَخِيك يَشْتُمُ آلِهَتَنَا، وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، وَيَقُولُ وَيَقُولُ، فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ فَنَهَيْتَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، أَوَ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَدَخَلَ الْبَيْتَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ، قَالَ: فَخَشِيَ أَبُو جَهْلٍ إِنْ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى جَنْبِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَكُونَ أَرَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، فَوَثَبَ فَجَلَسَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَجِدَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَجْلِسًا قُرْبَ عَمِّهِ، فَجَلَسَ عِنْدَ الْبَابِ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيَ ابْنَ أَخِي، مَا بَالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَك ؟ يَزْعُمُونَ أَنَّك تَشْتُمُ آلِهَتَهُمْ، وَتَقُولُ وَتَقُولُ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، قَالَ: فَأَكْثَرُوا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْوِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا عَمِ، إِنِّي أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقُولُونَهَا، تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ، وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ بِهَا الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ، قَالَ: فَفَزِعُوا لِكَلِمَتِهِ وَلِقَوْلِهِ، قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، نَعَمْ، وَأَبِيك وَعَشْرًا، وَمَا هِيَ ؟ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَأَيُّ كَلِمَةٍ هِيَ يَا ابْنَ أَخِي ؟ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: فَقَامُوا فَزِعِينَ يَنْفُضُونَ ثِيَابَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا، إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}، قَالَ: وَقَرَأَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى قَوْلِهِ: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}.
37720- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَأَنَا فِي بَيَّاعَةٍ أَبِيعُهَا، قَالَ: فَمَرَّ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا، وَرَجُلٌ يَتْبَعُهُ بِالْحِجَارَةِ، قَدْ أَدْمَى كَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تُطِيعُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا غُلاَمُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قُلْتُ: فَمَنْ هَذَا الَّذِي يَتْبَعُهُ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ ؟ قَالُوا: عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى، وَهُوَ أَبُو لَهَبٍ.
37721- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَالِثَةٌ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا لِي وَلِبِلاَلٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلاَّ مَا وَارَاهُ إِبِطُ بِلاَلٍ.
37722- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؛ فِي قَوْلِهِ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاًَ مَعَ أَثْقَالَهِمْ} قَالَ: كَانَ أَبُو جَهْلٍ وَصَنَادِيدُ قُرَيْشٍ يَتَلَقَّوْنَ النَّاسَ إِذَا جَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُسْلِمُونَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَمْرَ، وَيُحَرِّمُ الزِّنَا، وَيُحَرِّمُ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ الْعَرَبُ، فَارْجِعُوا، فَنَحْنُ نَحْمِلُ أَوْزَارَكُمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ}.
37723- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ، وَرُمِيَ رَمْيَةً عَلَى كَتِفِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عْن وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: كَيْفَ تُفْلِحُ أُمَّةٌ فَعَلَتْ هَذَا بِنَبِيِّهَا وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَك مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}.
37724- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: قالَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا كَمَا تَزْعُمُ، فَبَاعِدْ جَبَلَيْ مَكَّةَ، أَخْشَبَيْهَا هَذَيْنِ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَوْ خَمْسَةٍ، فَإِنَّهَا ضَيِّقَةٌ حَتَّى نَزْرَعَ فِيهَا وَنَرْعَى، وَابْعَثْ لَنَا آبَاءَنَا مِنَ الْمَوْتَى حَتَّى يُكَلِّمُونَا، وَيُخْبِرُونَا أَنَّك نَبِيٌّ، وَاحْمِلْنَا إِلَى الشَّامِ، أَوْ إِلَى الْيَمَنِ، أَوْ إِلَى الْحِيرَةِ، حَتَّى نَذْهَبَ وَنَجِيءَ فِي لَيْلَةٍ، كَمَا زَعَمْتَ أَنَّك فَعَلْتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}.
6- حَدِيثُ الْمِعْرَاجِ حِيْنَ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ عليه السلام.
37725- حدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرَفِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَ يَرْبِطُ بِهَا الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ.
قَالَ: ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ: مُحَمَّد، فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ فَقَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ: مُحَمَّد، فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيَ الْخَالَةِ يَحْيَى وَعِيسَى، فَرَحَّبَا وَدَعَوا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ،
فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ، وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: {وَرَفَعَنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ فَقَالَ: مُحَمَّد، فَقِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ مُحَمَّد، فَقِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟
قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ: مُحَمَّد، فَقِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ.
ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا أَمْثَالُ الْقِلاَلِ، فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَهَا تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ أللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصِفَهَا مِنْ حُسْنِهَا، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، وَفَرَضَ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسِينَ صَلاَةً، فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّك عَلَى أُمَّتِكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلاَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي، فَقُلْتُ لَهُ: رَبِّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ ؟ فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَيَحُطُّ عَنِّي خَمْسًا خَمْسًا، حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بِكُلِّ صَلاَةٍ عَشْرٌ، فَتِلْكَ خَمْسُونَ صَلاَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا، لَمْ تُكْتَبْ لَهُ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.
فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ.
37726- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم؛ بِنَحْوٍ مِنْهُ، أَوْ شَبِيهٍ بِهِ.
37727- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، أَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، قَالَ: فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ، فَقَعَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُعْتَزِلاً حَزِينًا، فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هُوَ ؟ قَالَ: أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمْ يَرَ أَنَّ يُكَذِّبَهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَ الْحَدِيثَ إِنْ دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَتُحَدِّثُ قَوْمَك مَا حَدَّثْتَنِي إِنْ دَعَوْتُهُمْ إِلَيْك ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ، هَيَّا مَعَاشِرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، هَلُمَّ، قَالَ:
فَتَنَفَّضَتِ الْمَجَالِسُ، فَجَاؤُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ: حَدِّثْ قَوْمَك مَا حَدَّثْتَنِي.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ، زَعَمَ، وَقَالُوا: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ ؟ قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ مَنْ سَافَرَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ لَهُمْ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ وَأَنْعَتُ، حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ، فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَيْهِ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عُقَيْلٍ، أَوْ دَارِ عِقَاْلٍ، فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَيْهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللهِ لَقَدْ أَصَابَ.
37728- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُتِيَ بِالْبُرَاقِ، هُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرَفِهِ، قَالَ: فَلَمْ يُزَايِلْ ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ، حَتَّى أَتَيَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَفُتِحَتْ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَرَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
قَالَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَلَمْ يُصَلِّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ زِرٌّ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَدْ صَلَّى، قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا اسْمُك يَا أَصْلَعُ ؟ فَإِنِّي أَعْرِفُ وَجْهَك، وَلاَ أَدْرِي مَا اسْمُك ؟ قَالَ: قُلْتُ: زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ ؟ وَهَلْ تَجِدُهُ صَلَّى ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَقُولُ اللَّهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً
مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . قَالَ: وَهَلْ تَجِدُهُ صَلَّى ؟ إِنَّهُ لَوْ صَلَّى فِيهِ صَلَّيْنَا فِيْهِ، كَمَا نُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: وَرَبَطَ الدَّابَّةَ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهَا الأَنْبِيَاءُ ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَوَكَانَ يَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ، وَقَدْ أَتَاهُ اللَّهُ بِهَا ؟.
37729- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَنَظَرْتُ فَوْقِي فَإِذَا أَنَا بِرَعْدٍ وَبَرْقٍ وَصَوَاعِقَ، قَالَ: وَأَتَيْتُ عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ، فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ، هَؤُلاَءِ أَكَلَةُ الرِّبَا، فَلَمَّا نَزَلْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، نَظَرْت أَسْفَلَ شَيءٍ فَإِذَا بِرَهْجٍ وَدُخَانٍ وَأَصْوَاتٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّيَاطِينُ يَحُومُونَ عَلَى أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ، لاَ يَتَفَكَّرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَوْلاَ ذَاكَ لَرَأَوْا الْعَجَائِبَ.
37730- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ.
37731- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَرَرْت لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قِيلَ: هَؤُلاَءِ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، مِمَّنْ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ، أَفَلاَ يَعْقِلُونَ ؟.
37732- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرَفِهِ، يُقَالُ لَهُ: بُرَاقٌ، فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِعِيرٍ لِلْمُشْرِكِينَ فَنَفَرَتْ، فَقَالُوا: يَا هَؤُلاَءِ، مَا هَذَا ؟ قَالُوا: مَا نَرَى شَيْئًا، مَا هَذِهِ إِلاَّ رِيحٌ، حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأُتِيَ بِإِنَاءَيْنِ؛ فِي وَاحِدٍ خَمْرٌ، وَفِي الآخَرِ لَبَنٌ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هُدِيتَ وَهُدِيْتْ أُمَّتُك.
ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ.
37733- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَمَّا انْتَهَيْتُ إلَى السِّدْرَةِ، إِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا نَبْقُهَا أَمْثَالُ الْقِلاَلِ، فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَحَوَّلَتْ، فَذَكَرْتُ الْيَاقُوتَ.
37734- حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ غَزْوَانَ، قَالَ: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى صُبْرُ الْجَنَّةِ.
37735- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ فِي قَوْلِهِ: {سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} قَالَ: صُبْرُ الْجَنَّةِ، يَعْنِي وَسَطَهَا، عَلَيْهَا فُضُولُ السُّنْدُسِ وَالإِسْتَبْرَقِ.
37736- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى يَنْتَهِي إِلَيْهَا أَمْرُ كُلِّ نَبِيٍّ وَمَلَكٍ.
7- فِي النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِيْنَ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْعَرَبِ.
37737- حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ، يَقُولُ: أَلاَ رَجُلٌ يَعْرِضُنِي عَلَى قَوْمِهِ ؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّي، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ، فَقَالَ: وَمِمَّنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: وَعِنْدَ قَوْمِكَ مَنَعَةٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ إِنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَخْفِرَهُ قَوْمُهُ، فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَذْهَبُ فَأَعْرِضُ عَلَى قَوْمِي، ثُمَّ آتِيكَ مِنْ قَابِلٍ، ثُمَّ ذَهَبَ وَجَاءَتْ وُفُودُ الأَنْصَارِ فِي رَجَبٍ.
8- إِسْلاَمُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37738- حدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَسَأَلْتُهُ ؟ فَقَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ.
37739- حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ، أَوْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَوَّلَ إِسْلاَمًا ؟ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ:
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ *** فَاذْكُرْ أَخَاك أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلاَ
خَيْرَ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلَهَا *** إِلاَّ النَّبِيَّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلاَ
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودَ مَشْهَدُهُ *** وَأَوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرَّسْلاَ.
37740- حدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ أَسْلَمَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
37741- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَبِلاَلٌ، وَخَبَّابٌ، وَصُهَيْبٌ، وَعَمَّارٌ، وَسُمَيَّةُ أُمُّ عَمَّارٍ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَمَنَعَهُ عَمُّهُ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ، وَأُخِذَ الآخَرُونَ فَأُلْبِسُوا أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، ثُمَّ صَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، حَتَّى بَلَغَ الْجَهْدُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَأَعْطَوْهُمْ مَا سَأَلُوا، فَجَاءَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَوْمُهُ بِأَنْطَاعِ الأُدْمِ فِيهَا الْمَاءُ، فَأَلْقُوهُمْ فِيهَا، ثُمَّ حُمِلُوا بِجَوَانِبِهِ إِلاَّ بِلاَلاً، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، جَاءَ أَبُو جَهْلٍ فَجَعَلَ يَشْتُمُ سُمَيَّةَ وَيَرْفُثُ، ثُمَّ طَعنها فَقَتَلَهَا، فَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدٍ اُسْتُشْهِدَ فِي الإِسْلاَمِ، إِلاَّ بِلاَلاً، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ حَتَّى مَلُّوا، فَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلاً، ثُمَّ أَمَرُوا صِبْيَانَهُمْ فَاشْتَدُّوا بِهِ بَيْنَ أخْشَبَيْ مَكَّةَ، وَجَعَلَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ.
37742- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ مِثْلَهُ.
37743- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَعْطُوهُمْ مَا سَأَلُوا إِلاَّ خَبَّابًا، فَجَعَلُوا يُلْصِقُونَ ظَهْرَهُ بِالرَّضْفِ، حَتَّى ذَهَبَ مَاءُ مَتْنَيْهِ.
37744- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي بِلاَلاً، بِخَمْسَةِ أَوَاقٍ وَهُوَ مَدْفُونٌ بِالْحِجَارَةِ، قَالُوا: لَوْ أَبَيْتَ إِلاَّ أُوقِيَّةً لَبِعْنَاكَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ مِئَةَ أُوقِيَّةٍ لأَخَذْتُهُ.
37745- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ خَبَّابٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللهِ.
37746- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ كُرْدُوسًا، يَقُولُ: أَلاَ إِنَّ خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ أَسْلَمَ سَادِسَ سِتَّةٍ، كَانَ لَهُ سُدُسٌ مِنَ الإِسْلاَمِ.
37747- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ، قَالَ: جَاءَ خَبَّابٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: اُدْنُهُ، فَمَا أَجِدَ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْك إِلاَّ عَمَّارًا، قَالَ: فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ آثَارًا فِي ظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ.
37748- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلاَلٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمَ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ وَأَتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلاَّ بِلاَلاً، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَعْطُوهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ،وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ.
9- إِسْلاَمُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ.
37749- حدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ مَوْلَى الأَنْصَارِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيٌّ.
37750- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلاَمًا ؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: فِيمَ عَلاَ أَبُو بَكْرٍ وَسَبَقَ، حَتَّى لاَ يُذْكَرَ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَ: كَانَ أَفْضَلَهُمْ إِسْلاَمًا حِينَ أَسْلَمَ حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ.
10- إِسْلاَمُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37751- حدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَوْرٍ الْفَهْمِيَّ، يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فَدَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ: إِنِّي لَرَابِعُ الإِسْلاَمِ.
11- إِسْلاَمُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37752- حدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غُزَاةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
12- إِسْلاَمُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37753- حدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا، ذِي مَالٍ وَذِي هَيْئَةٍ طَيِّبَةٍ، قَالَ: فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ، فَقَالُوا: إِنَّك إِذَا خَرَجْتَ مِنْ
أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ، قَالَ: فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَى عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ، قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ، وَلاَ جِمَاعَ لَك فِيمَا بَعْدُ، قَالَ: فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، قَالَ: وَغَطَّى رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ، قَالَ: فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، قَالَ: فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا، قَالَ: فَأَتَانَا أُنَيْسٌ بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا، قَالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِثَلاَثِ سِنِينَ، قَالَ: قُلْتُ: لِمَنْ ؟ قَالَ: لِلَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ كُنْتَ تُوَجِّهُ ؟ قَالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِي اللَّهُ أُصَلِّي عِشَاءً، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرَ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُونِي الشَّمْسُ.
قَالَ: قَالَ أُنَيْسٌ: لِي حَاجَةٌ بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَرَاثَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَتَانِي، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَك ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ، يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ ؟ قَالَ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَاحِرٌ، وَأَنَّهُ كَاهِنٌ، وَأَنَّهُ شَاعِرٌ، قَالَ أُنَيْسٌ: فَوَاللهِ لَقَدْ سَمِعْت قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَلاَ يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ، وَاللهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، وَكَانَ أُنَيْسٌ شَاعِرًا.
قَالَ: قُلْتُ: اكْفِنِي أَذْهَبُ فَأَنْظُرُ، قَالَ: نَعَمْ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنَّفُوا لَهُ، وَتَجَهَّمُوا لَهُ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى قَدِمْتَ مَكَّةَ،
قَالَ: فَتَضَيَّفْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ قَالَ: فَأَشَارَ إِلَيَّ، قَالَ: الصَّابِئ، قَالَ: فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، قَالَ: فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ وَكَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا.
قَالَ: فَبَيْنَمَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ، إِضْحِيَانٍ إِذْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِمْ، قَالَ: فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ امْرَأَتَيْنِ، قَالَ: فَأَتَتَا عَلَيَّ وَهُمَا يَدْعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، قُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الأُخْرَى، قَالَ: فَمَا ثَنَاهُمَا ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِمَا، قَالَ: فَأَتَتَا عَلَيَّ، فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكْنِ، قَالَ: فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلاَنِ، وَتَقُولاَنِ: لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا.
قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ مِنْ الْجَبَلِ، قَالَ: مَا لَكُمَا ؟ قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، قَالاَ: مَا قَالَ لَكُمَا ؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ.
قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ هُوَ وَصَاحِبُهُ، قَالَ: وَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى صَلاَتَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلاَتَهُ، قَالَ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ
الإِسْلاَمِ، قَالَ: وَعَلَيْك وَرَحْمَةُ اللهِ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ نَحْوَ رَأْسِهِ، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ، قَالَ: فَقَدَعَنِي صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَهُنَا ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ كُنْت هَهُنَا مُنْذُ عَشْرٍ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُك ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ غَيْرُ مَاءِ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ، قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُهُ: ائْذَنْ لِي فِي إِطْعَامِهِ اللَّيْلَةَ.
فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبُو بَكْرٍ، فَانْطَلَقْت مَعَهُمَا، قَالَ: فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَقَبَضَ إِلَيَّ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، قَالَ: فَذَاكَ أَوَّلُ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا، قَالَ: فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ، أَوْ غَبَّرْتُ، ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ، وَلاَ أَحْسَبُهَا إِلاَّ يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَك، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ، وَأَنْ يَأْجُرَك فِيهِمْ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أُنَيْسًا، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ أُنَيْسٌ: وَمَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ: فَأَتَيْنَا أُمَّنَا، فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ: فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارًا، قَالَ: فَأَسْلَمَ
بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ، قَالَ: وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ، قَالَ: وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَسْلَمْنَا، قَالَ: فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ، فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ.
قَالَ: وَجَاءَتْ أَسْلَمُ، فَقَالُوا: إِخْوَانُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَسْلَمُوا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ.
13- إِسْلاَمُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله ُعَنْهُ.
37754- حدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ إِسْلاَمِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: ضَرَبَ أُخْتِي الْمَخَاضُ لَيْلاً، فَأُخْرِجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَدَخَلْتُ فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي لَيْلَةٍ قَارَّةٍ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَدَخَلَ الْحِجْرَ وَعَلَيْهِ نَعْلاَهُ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ: فَسَمِعْتُ شَيْئًا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ، فَخَرَجْتُ فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ: عُمَرَ، قَالَ: يَا عُمَرُ، مَا تَتْرُكُنِي نَهَارًا، وَلاَ لَيْلاً، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّك رَسُولُ اللهِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا عُمَرُ، اُسْتُرْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لأَعْلِنَنَّهُ كَمَا أَعْلَنْتُ الشِّرْكَ.
37755- حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَِسَاف، قَالَ: أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً.
14- إِسْلاَمُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ رَضِيَ الله ُعَنْهُ.
37756- حدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، سَمِعَهُ مِنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَابِعَ سَبْعَةٍ.
15- إِسْلاَمُ عَبْدِ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله ُعَنْهُ.
37757- حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا.
37758- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَفْشَى الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَأَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِلاَلٌ، وَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ سَعْدُ بْنُ مَالِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ، وَأَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ الْمِقْدَادُ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أَدَّى الصَّدَقَةَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ بَنُو عُذْرَةَ، وَأَوَّلُ حَيٍّ أُلِّفُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جُهَيْنَةُ.
16- أَمْرُ زَيْدَ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ الله ُعَنْهُ.
37759- حدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ غُلاَمًا ذَا ذُؤَابَةٍ، قَدْ أَوْقَفَهُ قَوْمُهُ بِالْبَطْحَاءِ يَبِيعُونَهُ، فَأَتَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ غُلاَمًا بِالْبَطْحَاءِ قَدْ أَوْقَفُوهُ لِيَبِيعُوهُ، وَلَوْ كَانَ لِي ثَمَنُهُ لاَشْتَرَيْتُهُ، قَالَتْ: وَكَمْ ثَمَنُهُ ؟ قَالَ: سَبْعُ مِئَةٍ، قَالَتْ: خُذْ سَبْعَ مِئَةٍ، وَاذْهَبْ فَاشْتَرِهِ، فَاشْتَرَاهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهَا، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي لأَعْتَقْتُهُ، قَالَتْ: فَهُوَ لَك فَأَعْتَقَهُ.
17- إِسْلاَمُ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.
37760- حدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَبْنَاءِ أَسَاوِرَةِ فَارِسَ، وَكُنْتُ فِي كُتَّابٍ وَمَعِي غُلاَمَانِ, وَكَانَا إِذَا رَجَعَا مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمِهِمَا أَتَيَا قَسًّا، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمَا أَنْ تَأْتِيَانِي بِأَحَدٍ ؟ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمَا، قَالَ: فَقَالَ لِي: إِذَا سَأَلَكَ أَهْلُكَ: مَنْ حَبَسَكَ ؟ فَقُلْ: مُعَلِّمِي, وَإِذَا سَأَلَكَ مُعَلِّمُكَ: مَنْ حَبَسَكَ ؟ فَقُلْ: أَهْلِي.
ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ, فَقُلْتُ لَهُ: أَنَا أَتَحَوَّلُ مَعَكَ, فَتَحَوَّلْتُ مَعَهُ، فَنَزَلْنَا قَرْيَةً, فَكَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِيهِ، فَلَمَّا حُضِرَ، قَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ: احْفُرْ عِنْدَ رَأْسِي, فَحَفَرْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ، فَقَالَ لِي: صُبَّهَا عَلَى صَدْرِي, فَصَبَبْتُهَا عَلَى صَدْرِهِ, فَكَانَ يَقُولُ: وَيْلٌ لاِقْتِنَائِي، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ، فَهَمَمْتُ بِالدَّرَاهِمِ أَنْ آخُذَهَا، ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ فَتَرَكْتُهَا، ثُمَّ إِنِّي آذَنْتُ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ بِهِ فَحَضَرُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالاً، قَالَ: فَقَامَ شَبَابٌ فِي الْقَرْيَةِ، فَقَالُوا: هَذَا مَالُ أَبِينَا, فَأَخَذُوهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِلرُّهْبَانِ: أَخْبِرُونِي بِرَجُلٍ عَالِمٍ أَتَّبِعْهُ، قَالُوا: مَا نَعْلَمُ فِي الأَرْضِ رَجُلاً أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ بِحِمْصَ, فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ، فَلَقِيتُهُ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، قَالَ: فَقَالَ: أَوَ مَا جَاءَ بِكَ إِلاَّ طَلَبُ الْعِلْمِ ؟ قُلْتُ: مَا جَاءَ بِي إِلاَّ طَلَبُ الْعِلْمِ،
قَالَ: فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ الْيَوْمَ فِي الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ كُلَّ سَنَةٍ, إِنِ انْطَلَقْتَ الآنَ وَجَدْتَ حِمَارَهُ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ, فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ، وَانْطَلَقَ, فَلَمْ أَرَهُ حَتَّى الْحَوْلِ, فَجَاءَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ, مَا صَنَعْتَ بِي ؟ قَالَ: وَإِنَّك لَهَاهُنَا ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي وَاللهِ مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ رَجُلاً أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ بِأَرْضِ تَيْمَاءَ, وَإِنْ تَنْطَلِقِ الآنَ تُوَافِقْهُ, وَفِيهِ ثَلاَثُ آيَاتٍ: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلاَ يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ, وَعِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ الْيُمْنَى خَاتَِمُ النُّبُوَّةِ، مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، لَوْنُهَا لَوْنُ جِلْدِهِ.
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ، تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى، حَتَّى مَرَرْتُ بِقَوْمٍ مِنَ الأَعْرَابِ، فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي، حَتَّى اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ, فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا، فَقُلْتُ لَهَا: هَبِي لِي يَوْمًا، قَالَتْ: نَعَمْ, فَانْطَلَقْتُ، فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ, وَصَنَعْتُ طَعَامًا، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَكَانَ يَسِيرًا، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قُلْتُ: صَدَقَةٌ، قَالَ: فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا, وَلَمْ يَأْكُلْ، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا مِنْ عَلاَمَتِهِ.
ثُمَّ مَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ قُلْتُ لِمَوْلاَتِي: هَبِي لِي يَوْمًا، قَالَتْ: نَعَمْ, فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ حَطَبًا فَبِعْتُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَصَنَعْتُ بِهِ طَعَامًا, فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: مَا هَذَا ؟ قُلْتُ: هَدِيَّةٌ, فَوَضَعَ يَدَهُ، وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: خُذُوا بِاسْمِ اللهِ, وَقُمْتُ خَلْفَهُ, فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، فَإِذَا خَاتَِمُ النُّبُوَّةِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللهِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ ؟ فَحَدَّثْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ، ثُمَّ قُلْتُ: أَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّك نَبِيٌّ، قَالَ: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ.
18- إِسْلاَمُ عدِيِّ بنِ حَاتِمٍ الطّائِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37761- حدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً، قَالَ: قُلْتُ: أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ، فَأَكُونُ أَنَا الَّذِي أَسْمَعُهُ مِنْهُ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَتَعْرِفُنِي ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ، وَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ، قُلْتُ: حَدَّثَنِي، قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَنْزِلَ أَقْصَى أَهْلِ الْعَرَبِ مِمَّا يَلِي الرُّومَ، فَكَرِهْتُ مَكَانِي أَشَدَّ مِمَّا كَرِهْتُ مَكَانِي الأَوَّلَ، فَقُلْتُ: لآَتِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لاَ يَضُرُّنِي، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لاَ يَخْفَى عَلَيَّ.
فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَاسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قُلْتُ: إِنِّي مِنْ أَهْلِ دِينٍ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْك، قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْك، قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَك ؟ قُلْتُ: بَلَى،
قَالَ: أَوَلَسْتَ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَك فِي دِينِكَ، قَالَ: فَتَوَاضَعْتُ مِنْ نَفْسِي.
قَالَ: يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَإِنِّي مَا أَظُنُّ، أَوْ أَحْسَبُ أَنَّهُ يَمْنَعُك مِنْ أَنْ تُسْلِمَ إِلاَّ خَصَاصَةُ مَنْ تَرَى حوْلِي، وَأَنَّك تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا، وَيَدًا وَاحِدَةً، فَهَلْ أَتَيْتَ الْحِيرَةَ ؟ قُلْتُ: لاَ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا، قَالَ: يُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْكُمْ كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، قَالَهَا ثَلاَثًا، يُوشِكُ أَنْ يَهُمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ.
فَلَقَدْ رَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَخْرُجُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَلَقَدْ كُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الْمَدَائِنِ، وَلَتَحِينُ الثَّالِثَةُ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَهُ لِي.
19- إِسْلاَمُ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
37762- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا أَنْ دَنَوْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ، أَنَخْتُ رَاحِلَتِي، ثُمَّ حَلَلْتُ عَيْبَتِي، وَلَبِسْتُ حُلَّتِي، فَدَخَلْتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَخْطُبُ، فَسَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ، هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ أَمْرِي شَيْئًا ؟ قَالَ: نَعَمْ،
ذَكَرَك بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَخْطُبُ إِذْ عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَيَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، أَلاَ وَإِنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسَحَةُ مَلَكٍ، قَالَ جَرِيرٌ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا أَبْلاَنِي.
20- مَا قَالُوا فِي مُهَاجِرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبِي بَكْرٍ، وَقُدُومِ مَنْ قَدِمَ.
37763- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، حِيْنَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: وَاللهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِي، قَالَتْ: فَقَالَ: شُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ، فَارْبِطِي بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وَبِالآخَرِ السُّفْرَةَ، فَلِذَلِكَ سُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.
37764- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، تَبِعَهُمَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَلَمَّا أَتَاهُمَا، قَالَ: هَذَانِ فَرَّ قُرَيْشٍ، لَوْ رَدَدْتُ عَلَى قُرَيْشٍ فَرَّهَا، قَالَ: فَعَطَفَتْ فَرَسُهُ عَلَيْهِمَا، فَسَاخَتِ الْفَرَسُ، فَقَالَ: اُدْعُوا اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَهَا، وَلاَ أَقْرَبَكُمَا، قَالَ: فَخَرَجَتْ، فَعَادَ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ: فَكَفَّ، ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّا إِلَى الزَّادِ وَالْحُمْلاَنِ، فَقَالاَ: لاَ نُرِيدُ، وَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي ذَلِكَ.
37765- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً بِثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي، فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لاَ، حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَيْثُ خَرَجْتُمَا وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمَا.
قَالَ: رَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ ألظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ، فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهَا، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا، فَنَظَرْتُ بِقُبَّةِ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِ فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ
الطَّلَبِ أَحَدًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أُرِيدُ، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: فَسَمَّاهُ، فَعَرَفْتُهُ.
فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالأُخْرَى، فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَوَافَقْتُهُ قَدَ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى رَضِيتُ.
ثُمَّ قُلْتُ: أَنَى الرَّحِيلُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ بْنِ جَعْشَمٍ، عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيك ؟ فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ، مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْك، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللهِ
لأَعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي، فَخُذْ سَهْمًا مِنْهُمَا، فَإِنَّك سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ، وَانْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ
وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلاً، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ، أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ النَّاسُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَفِي الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ: جَاءَ مُحَمَّدٌ، جَاءَ رَسُولُ اللهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ فَنَزَلَ حَيْثُ أُمِرَ.
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ، فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قَالَ: فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ: {مَا وَلاَهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قَالَ: وَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى وُجِّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ.
قَالَ الْبَرَاءُ: وَكَانَ نَزَلَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَي، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ فَقَالَ: هُوَ مَكَانُهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدُ عَمْرٌو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، أَخُو بَنِي فِهْرٍ الأَعْمَى، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَائِكَ؛ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ ؟ فَقَالَ: هُمْ عَلَى أَثَرِي، ٍثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلاَلٌ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنْ سُوَرِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى نَتَلَقَّى الْعِيرَ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حُذِّرُوا.
37766- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِ النَّاسَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ، وَبِلاَلٌ، وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ قَطُّ فَرَحَهُمْ بِهِ، قَالَ: فَمَا قَدِمَ أَحَدٌ حَتَّى قَرَأْتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.
37767- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيِّ، حَدَّثَهُمْ؛ أَنَّ قُرَيْشًا جَعَلَتْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبِي بَكْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَيْنِ الَّذَيْنِ جَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِيهِمَا مَا جَعَلَتْ قَرِيبٌ مِنْكَ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: فَأَتَيْتُ فَرَسِي، وَهُوَ فِي الرَّعْيِّ، فَنَفَرْتُ بِهِ، ثُمَّ أَخَذْتُ رُمْحِي، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَجُرُّ الرُّمْحَ مَخَافَةَ أَنْ يُشْرِكَنِي فِيهِمَا أَهْلُ الْمَاءِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا بَاغٍ يَبْغِينَا, فَالْتَفَتَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَوَحِلَ فَرَسِي، وَإِنِّي لَفِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ, فَوَقَعْتُ عَلَى حَجَرٍ، فَانْقَلَبْتُ، فَقُلْتُ: ادْعُ الَّذِي فَعَلَ بِفَرَسِي مَا أَرَى أَنْ يُخَلِّصَهَا, وَعَاهَدَهُ أَنْ لاَ يَعْصِيَهُ، قَالَ: فَدَعَا لَهُ, فَخَلَّصَ الْفَرَسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَوَاهِبُهُ أَنْتَ لِي ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَهَاهُنَا، قَالَ: فَعَمِّ عَنَّا النَّاسَ.
وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم طَرِيقَ السَّاحِلِ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ، قَالَ: فَكُنْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ لَهُمْ
طَالِبًا، وَآخِرَ النَّهَارِ لَهُمْ مَسْلَحَةً، وَقَالَ لِي: إِذَا اسْتَقْرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْتِيَنَا فَأْتِنَا، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَظَهَرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ، وَأَسْلَمَ النَّاسُ وَمَنْ حَوْلَهُمْ، قَالَ سُرَاقَةُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ النِّعْمَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ: مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: دَعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا تُرِيدُ ؟ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَبْعَثَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى قَوْمِي, فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تُوَادِعَهُمْ, فَإِنْ أَسْلَمَ قَوْمُهُمْ أَسْلَمُوا مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا لَمْ تَخْشُنْ صُدُورُ قَوْمِهِمْ عَلَيْهِمْ, فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ مَعَهُ، فَاصْنَعْ مَا أَرَادَ.
فَذَهَبَ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ, فَأَخَذُوا عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يُعِينُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قُرَيْشٌ أَسْلَمُوا مَعَهُمْ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا} حَتَّى بَلَغَ: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ، أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ، أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}.
قَالَ الْحَسَنُ: فَاَلَّذِينَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ بَنُو مُدْلِجٍ, فَمَنْ وَصَلَ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ فِي مِثْلِ عَهْدِهِمْ.
37768- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّك بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.
37769- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِالطَّعَامِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبِي بَكْرٍ وَهُمَا فِي الْغَارِ.
37770- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ فِي قَوْلِهِ: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ}، ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ مِنْ أَوَّلِ شَأْنِهِ حِينَ بُعِثَ، يَقُولُ: فَاَللَّهُ فَاعِلٌ ذَلِكَ بِهِ، نَاصِرُهُ كَمَا نَصَرَهُ ثَانِيَ اثْنَيْنِ.
37771- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَكَثَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْغَارِ ثَلاَثًا.
37772- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهُمَا لَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الْغَارِ، قَالَ: إِذًا جُحْرٌ، قَالَ: فَأَلْقَمَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِجْلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَتْ لَدْغَةٌ، أَوْ لَسْعَةٌ كَانَتْ بِي.
37773- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، قَالَ: هُمَ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَدِينَةِ.
37774- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ، يَقُولُ: وُلِدْتُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ.
37775- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ أَنَسًا، يَقُولُ: قدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ.
37776- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، قَالَ: اسْتَقْبَلَتْهُمْ هَدِيَّةُ طَلْحَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الطَّرِيقِ، فِيهَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبُو بَكْرٍ فِيهَا الْمَدِينَةَ.
37777- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ؛ أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَضَعَتْهُ بِقُبَاءَ، فَلَمْ تُرْضِعْهُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَطَلَبُوا تَمْرَةً لِيُحَنِّكُوهُ حَتَّى وَجَدُوهَا فَحَنَّكُوهُ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.
37778- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنِ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ غُلاَمَانِ مِنْ قُرَيْشٍ.
37779- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ؟ قَالَ: فَرَقُ مَا بَيْنَهُمَا الْقِبْلَتَانِ، فَمَنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْقِبْلَتَيْنِ فَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ.
37780- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْتَلِفُ إِلَى الشَّامِ، فَكَانَ يُعْرَفُ، وَكَانَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام لاَ يُعْرَفُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الْغُلاَمُ بَيْنَ يَدَيْك ؟ فَيَقُولُ: هَادٍ يَهْدِيَنِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلاَ الْحَرَّةَ، وَبَعَثَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَاؤُوا، قَالَ: فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَحْسَنَ، وَلاَ أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ، وَشَهِدْتُ يَوْمَ مَاتَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَقْبَحَ، وَلاَ أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
21- مَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبعوثِهِ.
37781- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كَتَبَ كِسْرَى إلَى بَاذَامَ: إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّ رَجُلاً يَقُولُ شَيْئًا لاَ أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَرْسِلْ إلَيْهِ، فَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ، وَلاَ يَكُنْ مِنَ النَّاسِ فِي شَيْءٍ، وَإِلاَّ فَلْيُوَاعِدْنِي مَوْعِدًا أَلْقَاهُ بِهِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ بَاذَامُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَجُلَيْنِ حَالِقِي لِحَاهُمَا، مُرْسِلِي شَوَارِبِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا يَحْمِلُكُمَا عَلَى هَذَا ؟ قَالَ: فَقَالاَ لَهُ: يَأْمُرُنَا بِهِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَكِنَّا نُخَالِفُ سُنَّتَكُمْ، نَجُزُّ هَذَا، وَنُرْسِلُ هَذَا.
قَالَ: فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ طَوِيلُ الشَّارِبِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَجُزَّهُمَا.
قَالَ: فَتَرَكَهُمَا بِضْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبَا إِلَى الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَبُّكُمَا، فَأَخْبِرَاهُ أَنَّ رَبِّي قَتَلَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَبُّهُ، قَالاَ: مَتَى ؟ قَالَ: الْيَوْمَ، قَالَ: فَذَهَبَا إِلَى بَاذَامَ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى كِسْرَى، فَوَجَدُوا الْيَوْمَ هُوَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ كِسْرَى.
37782- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، يَقُولُ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ: أَمَّا بَعْدُ، {تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، أَلاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ، وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَمَزَّقَ كِسْرَى الْكِتَابَ وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مُزِّقَ وَمُزِّقَتْ أُمَّتُهُ، فَأَمَّا النَّجَاشِيُّ فَآمَنَ، وَآمَنَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُهْدِيهِ حُلَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُتْرُكُوهُ مَا تَرَكَكُمْ.
وَأَمَّا قَيْصَرُ؛ فَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ بَعْدَ سُلَيْمَانَ النَّبِيِّ: {بسم الله الرَّحْمَن الرحيم}، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَا تَاجِرَيْنِ بِأَرْضِهِ، فَسَأَلَهُمَا عَنْ بَعْضِ شَأْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَسَأَلَهُمَا مَنْ تَبِعَهُ، فَقَالاَ: تَبِعَهُ النِّسَاءُ وَضَعَفَةُ النَّاسِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمَا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مَعَهُ يَرْجِعُونَ ؟ قَالاَ: لاَ، قَالَ: هُوَ نَبِيٌّ، لَيَمْلِكَنَّ مَا تَحْتَ قَدَمِي، لَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَقَبَّلْتُ قَدَمَيْهِ.
37783- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَرْبَعَةَ نَفَرٍ إِلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: رَجُلاً إِلَى كِسْرَى، وَرَجُلاً إِلَى قَيْصَرَ، وَرَجُلاً إِلَى الْمُقَوْقَسِ، وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَتَى عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ النَّجَاشِيَّ وَجَدَ لَهُمْ بَابًا صَغِيرًا يَدْخُلُونَ مِنْهُ مُكَفِّرِينَ، فَلَمَّا رَأَى عَمْرُو ذَلِكَ وَلَّى ظَهْرَهُ الْقَهْقَرَى، قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَبَشَةِ فِي مَجْلِسِهِمْ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، حَتَّى هَمُّوا بِهِ، حَتَّى قَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْ كَمَا دَخَلْنَا، قَالَ: مَا مَنَعَك أَنْ تَدْخُلَ كَمَا دَخَلُوا ؟ قَالَ: إِنَّا لاَ نَصْنَعُ هَذَا بِنَبِيِّنَا، وَلَوْ صَنَعَنَاهُ بِأَحَدٍ صَنَعَنَاهُ بِهِ، قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: دَعُوهُ.
قَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى مَمْلُوكٌ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي عِيسَى ؟ قَالَ: كَلِمَةُ اللهِ وَرُوحُهُ، قَالَ: مَا اسْتَطَاعَ عِيسَى أَنْ يَعْدُوَ ذَلِكَ.
37784- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى جَدِّي، وَهَذَا كِتَابُهُ عِنْدَنَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى عُمَيْرِ ذِي مُرَّانَ، وَإِلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ هَمْدَانَ، سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، أَمَّا بَعْدُ ذَلِكُمْ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا إِسْلاَمُكُمْ مَرْجِعَنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِهُدَاهُ، وَأَنَّكُمْ إِذَا شَهِدْتُمْ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَأَقَمْتُمَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتُمَ
الزَّكَاةَ، فَإِنَّ لَكُمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَذِمَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَرْضِ الْبَوْنِ الَّتِي أَسْلَمْتُمْ عَلَيْهَا، سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا وَعُيُونِهَا وَمَرَاعِيهَا، غَيْرَ مَظْلُومِينَ، وَلاَ مُضَيَّقًا عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ زَكَاةٌ تُزَكُّونَ بِهَا أَمْوَالَكُمْ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّ مَالِكَ بْنَ مُرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ حَفِظَ الْغَيْبَ، وَبَلَّغَ الْخَبَرَ، وَآمُرُك بِهِ يَا ذَا مُرَّانَ خَيْرًا، فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ إِلَيْهِ . وَكَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، وَلَيُحْيِّيَكُمْ رَبُّكُمْ.
37785- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى خَثْعَمَ، لِقَوْمٍ كَانُوا فِيهِمْ، فَلَمَّا غَشِيَهُمَ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعْصَمُوا بِالسُّجُودِ، قَالَ: فَسَجَدُوا، قَالَ: فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَعْطُوهُمْ نِصْفَ الْعَقْلِ لِصَلاَتِهِمْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَلاَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ.
37786- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلاَحِ، قَالَ: فَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلاَحِ، أَمْ لاَ ؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ.
37787- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُحْرِزٍ عَلَى بَعْثٍ أَنَا فِيهِمْ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَأْسِ غُزَاتِهِ، أَوْ كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِي، فَكُنْتُ فِيمَنْ غَزَا مَعَهُ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا لِيَصْطَلُوا، أَوْ لِيَصْنَعُوا عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَمَا أَنَا بِآمِرِكُمْ شَيْئًا إِلاَّ صَنَعْتُمُوهُ ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكُمْ إِلاَّ تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ، قَالَ: فَقَامَ نَاسٌ فَتَحَجَّزُوا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ، قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكُمْ، فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةٍ، فَلاَ تُطِيعُوهُ.
37788- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى، فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، وَيَقُولُ:
يَا عُزًّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ
إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ.
37789- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، يَقُولُ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: أُسِلْمٌّ أَنْتَ، قَالَ: فَلَمْ يَفْرُغَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام مِنْ كِتَابِهِ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ أَنَّهُ يَقْرَأُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِ السَّلاَمَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَيْهِ السَّلاَمَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِهِ.
37790- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِهَذَا الْمِرْبَدِ بِالْبَصْرَةِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ مَعَهُ قِطْعَةٌ مِنْ أَدِيمٍ، أَوْ قِطْعَةٌ مِنْ جِرَابٍ، فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ كَتَبَهُ لِي النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ، فَقَرَأْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ: إِنَّكُمْ إِنْ أَقَمْتُمَ الصَّلاَةَ، وَآتَيْتُمَ الزَّكَاةَ، وَأَعْطَيْتُمْ مِنَ الْمَغَانِمِ الْخُمُسَ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ، وَالصَّفِيَّ، فَأَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللهِ وَأَمَانِ رَسُولِهِ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ شَيْئًا ؟، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ.
37791- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُنَيْسٍ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، خِفْتُ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ مُحَاوَلَةٌ، أَوْ مُزَاوَلَةٌ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي.
37792- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَمْرًا عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ إِلَى لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَمَسَايِفِ الشَّامِ، قَالَ: وَكَانَ فِي أَصْحَابِهِ قِلَّةٌ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ عَمْرُو: لاَ يُوقِدَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ نَارًا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَكَلَّمُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُكَلِّمَ عَمْرًا فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ: لاَ يُوقِدُ أَحَدٌ نَارًا إِلاَّ أَلْقَيْتَهُ فِيهَا، فَقَاتَلَ الْعَدُوَّ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، وَاسْتَبَاحَ عَسْكَرَهُمْ، فَقَالَ النَّاسُ: أَلاَ نَتْبَعُهُمْ ؟ فَقَالَ: لاَ، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ وَرَاءَ هَذِهِ الْجِبَالِ مَادَّةٌ يَقْتَطِعُونَ الْمُسْلِمِينَ، فَشَكَوْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ رَجَعُوا، فَقَالَ: صَدَقُوا يَا عَمْرُو ؟ قَالَ: كَانَ فِي أَصْحَابِي قِلَّةٌ فَخَشِيتُ أَنْ يَرْغَبَ الْعَدُوُّ فِي قَتْلِهِمْ، فَلَمَّا أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: اتْبَعْهُمْ، قُلْتُ: أَخْشَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ وَرَاءَ هَذِهِ الْجِبَالِ مَادَّةٌ يَقْتَطِعُونَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَمِدَ أَمْرَهُ.
37793- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ لِبِلاَلٍ: أَجَهَّزْتَ الرَّكْبَ، أَوِ الرَّهْطَ الْبَجَلِيِّينَ ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَجَهِّزْهُمْ، وَابْدَأْ بِالأَحْمَسِيِّينَ قَبْلَ الْقَسْرِيِّينَ.
37794- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَتَبَ إِلَى رِعْيَةَ السُّحَيْمِيِّ بِكِتَابٍ، فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَقَّعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَرِيَّةً، فَأَخَذُوا أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَأَفْلَتَ رِعْيَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ عُرْيَانًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَأَتَى ابْنَتَهُ وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فِي بَنِي هِلاَلٍ.
قَالَ: وَكَانُوا أَسْلَمُوا فَأَسْلَمَتْ مَعَهُمْ، وَكَانُوا دَعُوهُ إِلَى الإِسْلاَمِ.
قَالَ: فَأَتَى ابْنَتَهُ، وَكَانَ مَجْلِسُ الْقَوْمُ بِفِنَاءِ بَيْتِهَا، فَأَتَى الْبَيْتَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ ابْنَتُهُ عُرْيَانًا أَلْقَتْ عَلَيْهِ ثَوْبًا، قَالَتْ: مَالَكَ ؟، قَالَ: كُلُّ الشَّرِ،
مَا تُرِكَ لِي أَهْلٌ، وَلاَ مَالٌ، قَالَ: أَيْنَ بَعْلُكِ ؟ قَالَتْ: فِي الإِبِلِ، قَالَ: فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: خُذْ رَاحِلَتِي بِرَحْلِهَا، وَنُزَوِّدُك مِنَ اللَّبَنِ، قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَلَكِنْ أَعْطِنِي قَعُودَ الرَّاعِي وَإِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي أُبَادِرُ مُحَمَّدًا لاَ يَقْسِمُ أَهْلِي وَمَالِي، فَانْطَلَقَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ إِذَا غَطَّى بِهِ رَأْسَهُ خَرَجَتْ اسْتُهُ، وَإِذَا غَطَّى بِهِ اسْتَهُ خَرَجَ رَأْسُهُ.
فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ لَيْلا ً، فَكَانَ بِحِذَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْفَجْرَ، قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُبْسُطْ يَدَك فَلأُبَايِعْك، فَبَسَطَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَدَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ رِعْيَةُ لِيَمْسَحَ عَلَيْهَا، قَبَضَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ قَالَ لَهُ رِعْيَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُبْسُطْ يَدَك، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: رِعْيَةُ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِعَضُدِهِ فَرَفَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا رِعْيَةُ السُّحَيْمِيُّ الَّذِي كَتَبْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذَ كِتَابِي فَرَقَّعَ بِهِ دَلْوَهُ، فَأَسْلَمَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَهْلِي وَمَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمَّا مَالُك فَقَدْ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا أَهْلُك فَانْظُرْ مَنْ قَدَرْت عَلَيْهِ مِنْهُمْ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا ابْنٌ لِي قَدْ عَرَفَ الرَّاحِلَةَ، وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عِنْدَهَا، فَأَتَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنِي، فَأَرْسَلَ مَعِي بِلاَلاً، فَقَالَ: انْطَلِقْ مَعَهُ فَسَلْهُ: أَبُوكَ هُوَ ؟ فَإِنْ
قَالَ نَعَمْ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ بِلاَلٌ، فَقَالَ: أَبُوك هُوَ ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَتَى بِلاَلٌ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: وَاللهِ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمَا مُسْتَعْبِرًا إِلَى صَاحِبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: ذَلِكَ جَفَاءُ الأْعَرَابِ.
22- مَا جَاءَ فِي الْحَبَشَةِ، وَأَمْرِ النّجاشِيِّ، وقِصَّةِ إِسْلاَمِهِ.
37795- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ قَوْمَنَا، فَبَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيد، وَجَمَعُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدِيَّةً، فَقَدِمْنَا وَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِي، فَأَتَوْهُ بِهَدِيَّتِهِ فَقَبِلَهَا، وَسَجَدُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَّا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا، وَهُمْ فِي أَرْضِكَ، فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: فِي أَرْضِي ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا.
فَقَالَ لَنَا جَعْفَرٌ: لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْكُمْ أَحَدٌ، أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِهِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَارَةُ عَنْ يَسَارِهِ
وَالْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ جُلُوسٌ سِمَاطَيْنِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعُمَارَةُ: إِنَّهُمْ لاَ يَسْجُدُونَ لَكَ.
قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، زَبَرَنَا مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ: اُسْجُدُوا لِلْمَلِكِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: لاَ نَسْجُدُ إِلاَّ لِلَّهِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ، قَالَ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسْجُدَ ؟ قَالَ: لاَ نَسْجُدُ إِلاَّ لِلَّهِ، قَالَ لَهُ النَّجَاشِي: وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِينَا رَسُولَهُ، وَهُوَ الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: {بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}، فَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَنُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: فَأَعْجَبَ النَّجَاشِيَّ قَوْلُهُ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ ؟ قَالَ: يَقُولُ فِيهِ قَوْلَ اللهِ: هُوَ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ، أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَتُولِ الْعَذْرَاءِ الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الأَرْضِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، مَا يَزِيدُ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ عَلَى مَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ مَا يَزِنُ هَذِهِ، مَرْحَبًا بِكُمْ، وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَالَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَلَوْلاَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لأَتَيْتُهُ حَتَّى أَحْمِلَ نَعْلَيْهِ، اُمْكُثُوا فِي أَرْضِي مَا شِئْتُمْ، وَأَمَرَ لَنَا بِطَعَامٍ وَكِسْوَةٍ، وَقَالَ: رُدُّوا عَلَى هَذَيْنِ هَدِيَّتَهُمَا.
قَالَ: وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَجُلاً قَصِيرًا، وَكَانَ عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ رَجُلاً
جَمِيلاً، قَالَ: فَأَقْبَلاَ فِي الْبَحْرِ إِلَى النَّجَاشِيِّ، قَالَ: فَشَرِبُوا، قَالَ: وَمَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا شَرِبُوا الْخَمْرَ، قَالَ عُمَارَةُ لِعَمْرٍو: مُرَ امْرَأَتَكَ فَلْتُقَبِّلْنِي، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَلاَ تَسْتَحْي، فَأَخَذَهُ عُمَارَةُ فَرَمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ، فَجَعَلَ عَمْرٌو يُنَاشِدُهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ السَّفِينَةَ، فَحَقَدَ عَلَيْهِ عَمْرٌو ذَلِكَ، فَقَالَ عَمْرٌو لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّك إِذَا خَرَجْتَ خَلَفَ عُمَارَةُ فِي أَهْلِكَ، قَالَ: فَدَعَا النَّجَاشِيُّ بِعُمَارَةَ فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِهِ فَصَارَ مَعَ الْوَحْشِ.
37796- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَنَحْنُ أَفْضَلُ مِنْكُمْ، قَالَتْ: لاَ أَرْجِعُ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقِيتُ عُمَرَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَّا، وَأَنَّهُمْ سَبَقُونَا بِالْهِجْرَةِ، قَالَتْ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بَلْ أَنْتُمْ هَاجَرْتُمْ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَالَتْ يَوْمَئِذٍ لِعُمَرَ: مَا هُوَ كَذَلِكَ، كُنَّا مُطرَّدِينَ بِأَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ، وَأَنْتُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَيُطْعِمُ جَائِعَكُمْ.
37797- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} قَالَ: نَزَلَ ذَلِكَ فِي النَّجَاشِيِّ.
37798- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، قَالَ: مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَفْرَحُ، بِقُدُومِ جَعْفَرٍ، أَوْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ ؟ ثُمَّ تَلَقَّاهُ فَالْتَزَمَهُ، وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
37799- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: دَعَا النَّجَاشِيُّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَجَمَعَ لَهُ رُؤُوسَ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ لِجَعْفَرٍ: اقْرَأْ عَلَيْهِمْ مَا مَعَك مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ {كهيعص} فَفَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ، فَنَزَلَتْ: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ}.
37800- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ؛ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّهُمْ يَسُبُّونَهُ، قَالَ: وَيْحَهُمْ، يَسُبُّونَ رَجُلاً دَخَلَ عَلَى النَّجَاشِيِّ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكُلُّهُمْ أَعْطَاهُ الْفِتْنَةَ غَيْرَهُ، قَالُوا: وَمَا الْفِتْنَةُ الَّتِي أَعْطَوْهَا ؟ قَالَ: كَانَ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ أَوْمَأَ إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ، فَأَبَى عُثْمَان، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ كَمَا سَجَدَ أَصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَسْجُدَ لأَحَدٍ دُونَ اللهِ.
23- فِي غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَمْ غَزَا.
37801- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ.
37802- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بُسْرَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
37803- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، سَمِعَهُ مِنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ.
37804- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لِدَةٌ.
37805- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ قَتَادَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ، قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ: يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ أُحُدٍ، وَيَوْمَ الأَحْزَابِ، وَيَوْمَ قُدَيْدٍ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ، وَيَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَيَوْمَ مَاء لبَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ.
24- غَزْوَةُ بَدْرٍ الأُولَى.
37806- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ، جَاءَتْ جُهَيْنَةُ، فَقَالَتْ: إِنَّك قَدْ نَزَلْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّى نَأْمَنَكَ وَتَأْمَنَنَا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ وَلَمْ يُسْلِمُوا، فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي رَجَبٍ، وَلاَ نَكُونُ مِئَةً، وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ، قَالَ: فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا كَثِيرًا، فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ، فَمَنَعُونَا وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ؟ فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ ؟ فَقَالُوا: نَأْتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَنُخْبِرُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: لاَ، بَلْ نُقِيمُ هَاهُنَا، وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي: لاَ، بَلْ نَأْتِي عِيرَ قُرَيْشٍ هَذِهِ فَنُصِيبُهَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ، وَكَانَ الْفَيْءُ إِذْ ذَاكَ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ، وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَامَ غَضْبَانَ مُحْمَرًّا لَوْنُهُ وَوَجْهُهُ، فَقَالَ: ذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعًا، وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ ؟ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ، لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلاً لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ الأَسَدِيَّ، فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ فِي الإِسْلاَمِ.
37807- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ؛ فِي قَوْلِهِ: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} فَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ لاَ يُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، إلاَّ أَنْ يَبْدَؤُوا فِيهِ بِقِتَالٍ، ثُمَّ نَسَخَتْهَا: {يَسْأَلُونَك عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} نَسَخَهَا هَاتَانِ الآيَتَانِ؛ قَوْلُهُ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ، وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ}.
25- غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى، وَمَا كَانَتْ، وَأَمْرُهَا.
37808- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ بَدْرٌ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
37809- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: كَانَتْ بَدْرٌ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ.
37810- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ: تَحَرُّوهَا لإِحْدَى عَشْرَةَ تَبْقَى صَبِيحَةَ بَدْرٍ.
37811- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَيُّ لَيْلَةٍ كَانَتْ لَيْلَةَ بَدْرٍ ؟ فَقَالَ: هِيَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، لِسَبْعِ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ.
37812- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: إِنَّ بَدْرًا إِنَّمَا كَانَتْ بِئْرًا لِرَجُلٍ يُدْعَى بَدْرًا.
37813- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمْ تُقَاتِلَ الْمَلاَئِكَةُ إِلاَّ يَوْمَ بَدْرٍ.
37814- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قيلَ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَلِي، يَوْمَ بَدْرٍ: مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ، أَوْ يَقِفُ فِي الصَّفِّ.
37815- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَدْرٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلَغَنَا أَنَّهُمْ بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ ؟ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: إيَّانَا تُرِيدُ، فَوَالَّذِي أَكْرَمَكَ وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا سَلَكْتُهَا قَطُّ، وَلاَ لِي بِهَا عِلْمٌ، وَلَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ، وَلاَ نَكُونُ كَاَلَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلاَ، إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا مَعَكُمَا مُتَّبِعُونَ، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْك غَيْرَهُ، فَانْظُرَ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَامْضِ لَهُ، فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ، وَعَادِ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ: {كَمَا أَخْرَجَك رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُرِيدُ غَنِيمَةَ مَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَحْدَثَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ الْقِتَالَ.
37816- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَتَسَارَعَ فِي ذَلِكَ شُبَّانُ الرِّجَالِ، وَبَقِيَتِ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْغَنَائِمُ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهُمْ، فَقَالَ الشُّيُوخُ: لاَ تَسْتَأْثِرُونَ عَلَيْنَا، فَإِنَّا كُنَّا رِدْأَكُمْ وَكُنَّا تَحْتَ الرَّايَاتِ، وَلَوَ انْكَشَفْتُمَ انْكَشَفْتُمْ إِلَيْنَا، فَتَنَازَعُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَسْأَلُونَك عَنِ الأَنْفَالِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
37817- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ}، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالُوا: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
37818- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ؛ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ.
37819- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ {حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ، إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} قَالَ: ذَاكَ يَوْمُ بَدْرٍ.
37820- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَقُولُ: هُزِمَ الْجَمْعُ، هُزِمَ الْجَمْعُ.
37821- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ.
37822- حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ.
37823- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: تَسَوَّمُوا، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ قَدْ تَسَوَّمَتْ، قَالَ: فَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ وَضَعَ الصُّوفَ.
37824- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ سِيمَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ الصُّوفُ الأَبْيَضُ.
37825- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَحَدَّثَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ يُمِدُّ الْمُشْرِكِينَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا، يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} يَقُولُ: إِنْ أَمَدَّهُمْ كُرْزٌ أَمَدَدْتُكُمْ بِهَؤُلاَءِ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمْ يُمْدِدْهُمْ كُرْزٌ بِشَيْءٍ.
37826- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} قَالاَ: طَشٌّ يَوْمَ بَدْرٍ.
37827- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمَيحُ أَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ.
37828- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ.
37829- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ؛ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: اللَّهُمَّ أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لاَ يُعْرَفُ، فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ اسْتِفْتَاحًا مِنْهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ، وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الآيَةَ.
37830- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَبِهِ رَمَقٌ، قَالَ: قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَالَ: هَلْ أَعَمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ.
37831- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: إِنِّي لَفِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَالْتَفَتُّ عَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا غُلاَمَانِ حَدِيثَا السِّنِّ، فَكَرِهْتُ مَكَانَهُمَا، فَقَالَ لِي أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ: أَيْ عَمِ، أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ، قَالَ: قُلْتُ: مَا تُرِيدُ مِنْهُ ؟ قَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ، قَالَ: فَقَالَ الآخَرُ أَيْضًا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ: أَيْ عَمِ، أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا تُرِيدُ مِنْهُ ؟ قَالَ: جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ، قَالَ: فَمَا سَرَّنِي بِمَكَانِهِمَا غَيْرُهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: وَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ، فَابْتَدَرَاهُ كَأَنَّهُمَا صَقْرَانِ، وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى ضَرَبَاهُ.
37832- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْشٍ ثَلاَثًا: بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قَتْلَى فِي قَلِيبِ بَدْرٍ.
37833- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ بَدْرًا وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، فَقَالَ: إِنْ يَكُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا، فَقَالَ عُتْبَةُ: أَطِيعُونِي، وَلاَ تُقَاتِلُوا هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ لَمْ يَزَلْ ذَاكَ فِي قُلُوبِكُمْ، يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ وَقَاتِلِ أَبِيهِ، فَاجْعَلُوا فِيَّ جُبْنَهَا وَارْجِعُوا.
قَالَ: فَبَلَغَتْ أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ: انْتَفَخَ وَاللهِ سَحْرُهُ حَيْثُ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، وَاللهِ مَا ذَاكَ بِهِ، وَإِنَّمَا ذَاكَ لأَنَّ ابْنَهُ مَعَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أَكْلَةُ جَزُورٍ لَوْ قَدَ الْتَقَيْنَا، قَالَ: فَقَالَ
عُتْبَةُ: سَيَعْلَمُ الْمُصَفِّرُ اسْتِهِ مَنِ الْجَبَانُ الْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَرَى تَحْتَ الْقِشَعِ قَوْمًا لَيَضْرِبُنَّكُمْ ضَرْبًا يَدْعُونَ لَكُمُ الْبَقِيعَ، أَمَا تَرَوْنَ كَأَنَّ رُؤُوسَهُمْ رُؤُوسُ الأَفَاعِي، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمَ السُّيُوفُ ؟ قَالَ: ثُمَّ دَعَا أَخَاهُ وَابْنَهُ وَمَشَى بَيْنَهُمَا، حَتَّى إِذَا فَصَلَ مِنَ الصَّفِّ دَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ.
37834- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَأَصَبْنَا مِنْ ثِمَارِهَا اجْتَوَيْنَاهَا وَأَصَابَنَا وَعْكٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَخَبَّرُ عَنْ بَدْرٍ، قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا، سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَدْرٍ، وَبَدْرُ بِئْرٌ، فَسَبَقْنَا الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهَا، فَوَجَدْنَا فِيهَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ؛ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ إِلَيْهَا، وَأَمَّا الْمَوْلَى فَأَخَذْنَاهُ، فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهُ: كَمَ الْقَوْمُ ؟ فَيَقُولُ: هُمْ وَاللهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ ذَاكَ ضَرَبُوهُ، حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لَهُ: كَمَ الْقَوْمُ ؟ فَقَالَ: هُمْ وَاللهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ، فَجَهَدَ الْقَوْمُ عَلَى
أَنْ يُخْبِرَهُمْ كَمْ هُمْ، فَأَبَى.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَأَلَهُ: كَمْ يَنْحَرُونَ ؟ فَقَالَ: عَشْرًا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: الْقَوْمُ أَلْفٌ، كُلُّ جَزُورٍ لِمِئَةٍ وَتَبَعِهَا.
ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ، قَالَ: وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَيْلَتَئِذٍ يَدْعُو رَبَّهُ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى: الصَّلاَةَ عِبَادَ اللهِ، فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَحَرَّضَ عَلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ عِنْدَ هَذِهِ الضِّلَعَةِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ، فَلَمَّا أَنْ دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ، إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عَلِيُّ، نَادِ لِي حَمْزَةَ، وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؛ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ، وَمَا يَقُولُ لَهُمْ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنْ يَكُ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ، فَجَاءَ حَمْزَةُ، فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا قَوْمُ، إِنِّي أَرَى قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ، لاَ تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ، يَا قَوْمُ، اِعْصِبُوا اللَّوْمَ بِرَأْسِي، وَقُولُوا: جَبُنَ عُتْبَةُ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا، لَوْ غَيْرُكَ قَالَ
هَذَا أَعْضَضْتُهُ، لَقَدْ مُلِئَتْ رِئَتُكَ وَجَوْفُكَ رُعْبًا، فَقَالَ عُتْبَةُ: إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ، سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا أَجْبَنُ ؟.
قَالَ: فَبَرَزَ عُتْبَةُ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً، فَقَالُوا: مَنْ مُبَارِزٌ ؟ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ سِتَّةٌ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لاَ نُرِيدُ هَؤُلاَءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا، مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ، فَقَتَلَ اللَّهُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ أَسِيرًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّ هَذَا وَاللهِ مَا أَسَرَنِي، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا، عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ لَهُ: اُسْكُتْ، لَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ، قَالَ عَلِيٌّ: فَأُسِرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسُ، وَعَقِيلٌ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ.
37835- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَبْهُ لِي، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَك عَنِ الأَنْفَالِ} الآيَةَ.
37836- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ؛ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ هُوَ الَّذِي اسْتَفْتَحَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَيُّنَا كَانَ أَفْجَرَ بِكَ، وَأَقْطَعَ لِرَحِمِهِ، فَأَحِنْهُ الْيَوْمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا، فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}.
37837- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ: لَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ، يَعْنِي أَمَانًا إِلاَّ أَبَا الْبَخْتَرِي، فَمَنْ كَانَ أَسَرَهُ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ أَمَّنَهُ، فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ.
37838- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ: لَنَزَلَتْ هَؤُلاَءِ الآيَاتُ فِي هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ: عَلِيٍّ، وَحَمْزَةَ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.
37839- حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَصْحَابِهِ، وَهُمْ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَنَيِّفٌ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَرَدَّاهُ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ} فَلَمَّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالْتَقَوْا، هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا، فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ، هَؤُلاَءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ وَالإِخْوَانِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمَ الْفِدْيَةَ، فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ فَيَكُونُوا لَنَا عَضُدًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَرَى
الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلاَنٍ، قَرِيبًا لِعُمَرَ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ أَخِيهِ فُلاَنٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، هَؤُلاَءِ صَنَادِيدُهُمْ، وَأَئِمَّتُهُمْ، وَقَادَتُهُمْ.
فَهَوِيَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَأَخَذَ مِنْهُمَ الْفِدَاءَ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ عُمَرُ: غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِيَانِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكُمْ مِنَ الْفِدَاءِ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ، تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} إِلَى قَوْلِهِ: {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِنَ الْفِدَاءِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمَ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِم الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ.
37840- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تُوُفِّيَتْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَدْرٍ، وَهِيَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ، فَتَخَلَّفَ عُثْمَان، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يَوْمَئِذٍ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَدْفِنُونَهَا إِذْ سَمِعَ عُثْمَانُ تَكْبِيرًا، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، اُنْظُرْ مَا هَذَا التَّكْبِيرُ ؟ فَنَظَرَ، فَإِذَا هُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْجَدْعَاءِ، يُبَشِّرُ بِقَتْلِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: لاَ وَاللهِ مَا هَذَا بِشَيْءٍ، مَا هَذَا إِلاَّ الْبَاطِلُ، حَتَّى جِيءَ بِهِمْ مُصَفَّدِينَ مُغَلَّلِينَ.
37841- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، قَالَ: أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْعُونَ رَجُلاً، وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، فَجَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الأَنْصَارَ فَخَيَّرَهُمْ، فَقَالَ: مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمَ اُقْتُلُوهُمْ، وَيُقْتَلُ مِنْكُمْ عِدَّتُهُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْتُمْ فِدَاءَهُمْ، فَتَقَوَّيْتُمْ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَأْخُذُ الْفِدَاءَ نَتَقَوَّى بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَيُقْتَلُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ، قَالَ: فَقُتِلَ مِنْهُمْ عِدَّتُهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ.
37842- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم؛ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ.
37843- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى الْعَرِيشِ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَدْعُو، يَقُولُ: اللَّهُمَّ اُنْصُرْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ، فَإِنَّك إِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَعْضَ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّك، فَوَاللهِ لَيُنْجِزَنَّ لَك الَّذِي وَعَدَكَ.
37844- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: قُدِمَ بِأُسَارَى بَدْرٍ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِي مَنَاحَتِهِمْ، عَلَى عَوْفٍ وَمُعَوِّذٍ ابْنَيْ عَفْرَاءَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، قَالَتْ: قُدِمَ بِالأُسَارَى فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَإِذَا أَنَا بِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ، مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ قُلْتُ: أَبَا يَزِيدَ، أَعْطَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ، أَلاَ مُتُّمْ كِرَامًا، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا نَبَّهَنِي إِلاَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ: أَيْ سَوْدَةُ: أَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ إِنْ مَلَكْتُ نَفْسِي حَيْثُ رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ.
37845- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلاَءِ الأُسَارَى ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمُكَ وَأَصْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَتِبْهُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ، قَدِّمْهُمْ نَضْرِبْ أعَنَاقَهُمْ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ، فَأَضْرِمَ الْوَادِيَ عَلَيْهِمْ نَارًا، ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ، قَالَ، فَسَكَتَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ.
فَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُلَيِّنُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى، قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ مُوسَى، قَالَ {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ، قَالَ: {رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلاَ يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ بِفِدَاءٍ، أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلاَّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإِسْلاَمَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِلاَّ سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
37846- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا، إِلاَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ.
37847- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمْ يَقْتُلْ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا إِلاَّ ثَلاَثَةً: عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَطُعَيْمَةَ بْنَ عَدِي، وَكَانَ النَّضْرُ أَسَرَهُ الْمِقْدَادُ.
37848- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَجُلاً أَسَرَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، فَرَآهُ بِلاَلٌ فَقَتَلَهُ.
37849- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، قَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ: رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ.
37850- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَقْعَصَ أَبَا جَهْلٍ ابْنَا عَفْرَاءَ، وَذَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ.
37851- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ أَبِي جَهْلٍ لأَبِي جَهْلٍ وَهُوَ يَسِيرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ: أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ إِلَى مُحَمَّدٍ ؟ أَتَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا تَبَعًا لِعَبْدِ مَنَافٍ ؟.
37852- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبِي، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ ضُرِبَتْ رِجْلُهُ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَهُوَ يَذُبُّ النَّاسَ عَنْهُ بِسَيْفِهِ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، قَالَ: هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي غَيْرِ
طَائِلٍ، فَأَصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفَهُ، فَأَخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَأَنَّمَا أَقَلُّ مِنَ الأَرْضِ، يَعْنِي مِنَ السُّرْعَةِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: آللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ؟ فَرَدَّدَهَا عَلَيَّ ثَلاَثًا، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، هَذَا كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ وَكِيعٌ: زَادَ فِيهِ أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَيْفَهُ.
37853- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي إِلَى جَنْبِي: كَمْ تَرَاهُمْ ؟ تَرَاهُمْ سَبْعِينَ . قَالَ: أُرَاهُمْ مِئَة، حَتَّى أَخَذْنَا مِنْهُمْ رَجُلاً فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: كُنَّا أَلْفًا.
37854- حَدَّثَنَا شَاذَانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ خَمْسَةُ رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، مِنْ قُرَيْشٍ؛ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ، يَحْمِلُ يَقُولُ: أَنَا مِهْجَعٌ، وَإِلَى رَبِّي أَجْزْعُ، وَقُتِلَ ذُو الشِّمَالَيْنِ، وَابْنُ بَيْضَاءَ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَامِرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
37855- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: إِنَّ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْحَرْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلاَ يُؤْتَى بِأَسِيرٍ إِلاَّ أَوْجَرَهَا إِيَّاهُ، قَالَ: فَلَمَّا أُخِذَ الْعَبَّاسُ، قَالَ لآخِذِهِ: أَتَدْرِي مَنْ أَنَا ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: أَنَا عَمُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلاَ تَذْهَبْ بِي إِلَى عُمَرَ، قَالَ: فَأَمْسَكَهُ، وَأُخِذَ عَقِيلٌ، وَقَالَ لآخِذِهِ: تَدْرِي مَنْ أَنَا ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: أَنَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَأَمْسَكَ النَّاسُ.
37856- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِي جَدَّهُ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي، يُقَالُ لَهَا: الْقَرْحَاءُ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ، قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ أُقِيضَكَ بِهِ الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ، قُلْتُ: مَا كُنْتُ أُقِيضُكَ الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا ذَا الْجَوْشَنِ، أَلاَ تُسْلِمُ فَتَكُونَ مِنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: وَلِمَ ؟ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْمَكَ وَلِعُوا بِكَ، قَالَ: فَكَيْفَ مَا بَلَغَكَ عَنْ مَصَارِعِهِمْ ؟ قُلْتُ: قَدْ بَلَغَنِي، قَالَ: فَأَنَّى يُهْدَى
بِكَ ؟ قُلْتُ: إِنْ تَغْلِبْ عَلَى الْكَعْبَةِ وَتَقْطُنْهَا، قَالَ: لَعَلَّك إِنْ عِشْتَ أَنْ تَرَى ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا بِلاَلُ، خُذْ حَقِيبَةَ الرَّجُلِ، فَزَوِّدْهُ مِنَ الْعَجْوَةِ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ فُرْسَانِ بَنِي عَامِرٍ، قَالَ: فَوَاللهِ، إِنِّي بِأَهْلِي بِالْعَوْذَاءِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ قَالَ: مِنْ مَكَّةَ، قَالَ: قُلْتُ: مَا فَعَلَ النَّاسُ ؟ قَالَ: قَدْ وَاللهِ غَلَبَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ وَقَطَنَهَا، فَقُلْتُ: هَبِلَتْنِي أُمِّي، لَوْ أُسْلِمُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ أَسْأَلُهُ الْحِيرَةَ لأَقْطَعَنِيهَا، قَالَ: وَاللهِ لاَ أَشْرَبُ الدَّهْرَ مِنْ كُوزٍ، وَلاَ يَضْرِطُ الدَّهْرَ تَحْتِي بِرْذَوْنٌ.
37857- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ: عَلَيْكَ بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ، فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ أَسِيرٌ فِي وَثَاقِهِ: لاَ يَصْلحُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لِمَهْ ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ.
37858- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، مُعْتَجِرًا بِهَا، فَنَزَلَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَعَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ.
37859- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ؛ بِنَحْوٍ مِنْهُ.
37860- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ، فَقَالَ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًا ؟ ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمَ الآنَ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ.
37861- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ إِلاَّ فَرَسَانِ، كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا الزُّبَيْرُ.
37862- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: عُرِضْتُ أَنَا، وَابْنُ عُمَرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتُصْغِرْنَا، وَشَهِدْنَا أُحُدًا.
37863- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا، قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ.
قَالَ: فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ، وَفِيهِمْ غُلاَمٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذُوهُ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ، فَيَقُولُ: مَا لِي عِلْمٌ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ، فَإِذَا ضَرَبُوهُ، قَالَ: نَعَمْ، أَنَا أُخْبِرُكُمْ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، فَإِذَا تَرَكُوهُ، قَالَ: مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي النَّاسِ، فَإِذَا قَالَ هَذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ.
وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ انْصَرَفَ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ، وَتَتْرُكُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
37864- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَتَرَاءَى الْهِلاَلَ، فَرَأَيْتُهُ وَكُنْتُ حَدِيدَ الْبَصَرِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ: مَا تَرَاهُ ؟ وَجَعَلَ عُمَرُ يَنْظُرُ وَلاَ يَرَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَيُرِي مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ بِالأَمْسِ، يَقُولُ: هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأُوا تِلْكَ الْحُدُودَ يُصْرَعُونَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ جُعِلُوا فِي بِئْرٍ، بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى انْتَهَى إِِلَيْهِمْ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لاَ أَرْوَاحَ فِيهَا ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ يَرُدُّونَ عَلَيَّ شَيْئًا.
37865- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: تَبَارَزَ عَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.
37866- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ أَسَرَ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ حِزَامٍ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ أَمَّنَهَا، فَأَسَرَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَتَفَهَا بِذُؤَابَتِهَا، فَلَمَّا سَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ خَلَّى سَبِيلَهَا.
37867- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَنْحَازُوا، وَلَوْ انْحَازُوا لَمْ يَنْحَازُوا إِلاَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ.
37868- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَمَّتِي حَارِثَةُ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ، فَانْطَلَقَ غُلاَمًا نَظَّارًا، مَا انْطَلَقَ لِقِتَالٍ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ عَمَّتِي أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنِي حَارِثَةُ، إِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَاحْتَسَبْتُ، وَإِلاَّ فَسَتَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّ حَارِثَةَ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى.
37869- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا، وَأَبِي حُسَيْلٌ، قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا ؟ فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ.
37870- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا: إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ.
37871- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ صَاحِبَ رَايَةِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُبَارَزَةً.
37872- حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلاَ يَقْتُلْهُ، فَإِنَّهُمْ أُخْرِجُوا كُرْهًا.
37873- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثُمَّ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَتَلَ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَصَلَبَهُ إِلَى شَجَرَةٍ.
37874- حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ، الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَكَانَتْ هَزِيمَةُ بَدْرٍ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ.
37875- حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَدْرٍ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ.
37876- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ بَدْرٍ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاَثُ مِئَةٍ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُمْ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ.
37877- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيْدَةَ، قَالَ: عِدَّةُ الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَدْرًا كَعِدَّةِ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَ طَالُوتَ النَّهَرَ، عِدَّتُهُمْ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ.
37878- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ.
37879- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ عِدَّةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثَلاَثُ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهُمْ عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ يَوْمَ جَالُوتَ، الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهَرَ، وَمَا جَاوَزَ مَعَهُ النَّهَرَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ.
37880- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّ مَلَكًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْحَابُ بَدْرٍ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ: أَفْضَلُ النَّاسِ، فَقَالَ الْمَلَكُ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ.
37881- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، يَعْنِي حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَمَا يَدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.
37882- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا: يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ.
37883- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ لِعُمَرَ: وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ.
37884- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.
37885- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَشْتَكِي حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَذَبْتَ، لاَ يَدْخُلُهَا، إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ.
37886- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرَائِيلُ، أَوْ مَلَكٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِيكُمْ ؟ قَالَ: خِيَارُنَا، قَالَ: كَذَلِكَ هُمْ عِنْدَنَا خِيَارُ الْمَلاَئِكَةِ.
37887- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ؛ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} قَالَ: هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً.
37888- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ؛ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} قَالَ: هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً، لَيْسَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِرِ.
37889- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِدَاءَ الْعَرَبِيِّ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَجَعَلَ فِدَاءَ الْمَوْلَى عِشْرِينَ أُوقِيَّةً، الأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
37890- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: كَانَ الصَّفِيُّ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفَ عَاصِمِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ.
37891- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي فِدَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ.
37892- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يَوْمَ بَدْرٍ، وَالدُّخَانُ قَدْ مَضَى.
37893- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: اشْتَرَكْنَا يَوْمَ بَدْرٍ أَنَا، وَعَمَّارٌ، وَسَعْدٌ فِيمَا أَصَبْنَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَمَّا أَنَا، وَعَمَّارٌ فَلَمْ نَجِئْ بِشَيْءٍ، وَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ.
37894- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو رَجُلاً أَعْلَمَ مِنْ شَفَتِهِ السُّفْلَى، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُسِرَ بِبَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، اِنْزَعْ ثَنِيَّتَيْهِ السُّفْلَيَيْنِ فَيُدْلَعَ لِسَانُهُ، فَلاَ يَقُومَ عَلَيْك خَطِيبًا بِمَوْطِنٍ أَبَدًا، فَقَالَ: لاَ أُمَثِّلُ، فَيُمَثِّلَ اللَّهُ بِي.
37895- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ، كَانَتْ نَارٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسْرَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا}.
37896- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنِ اُسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ مِهْجَعٌ.
26- هَذَا مَا حَفِظَ أَبُو بَكْرٍ فِي أُحْدٍ، وَمَا جَاءَ فِيهَا.
37897- حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ مَكَرَ فِيهِ بِهِمْ.
37898- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللهِ، أُخْرَاكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، قَالَ: فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: عِبَادَ اللهِ، أَبِي أَبِي، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ.
37899- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ، فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ بِإِخْوَانِهِمْ مُثْلَةً سَيِّئَةً، جَعَلُوا يَقْطَعُونَ آذَانَهُمْ وَآنَافَهُمْ، وَيَشُقُّونَ بُطُونَهُمْ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَئِنْ أَنَالَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ لَنَفْعَلَنَّ وَلَنَفْعَلَنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بَلْ نَصْبِرُ.
37900- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ سَعْدٌ أَشَدَّ الْمُسْلِمِينَ بَأْسًا يَوْمَ أُحُدٍ.
37901- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ؛ أَنَّ النَّاسَ انْجَفَلُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ يَرْمِي، وَفَتًى يَنبِّلُ لَهُ، فَكُلَّمَا فَنِيَتْ نَبْلُهُ، دَفَعَ إِلَيْهِ نَبْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اِرْمِهِ أَبَا إِسْحَاقَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ طَلَبُوا الْفَتَى فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.
37902- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُفَدِّي أَحَدًا بِأَبَوَيْهِ إِلاَّ سَعْدًا، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ: ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.
37903- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا، يَقُولُ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.
37904- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَعَنْ شِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ، لَمْ أَرَهُمَا قَبْلُ، وَلاَ بَعْدُ.
37905- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ، فَعَثَرَ، فَوَقَعَ عَلَى قَفَاهُ مُسْتَلْقِيًا وَانْكَشَطَ، وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ، فَأَبْصَرَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَزَرَّقَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ حَرْبَةٍ فَنَفَذَهُ بِهَا.
37906- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالُوا: لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ مَا أَصَبْنَا مِنَ الْخَيْرِ كَيْ يَزْدَادُوا رَغْبَةً، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغُ عَنْكُمْ، فَنَزَلَتْ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} إِلَى قَوْلِهِ: {الْمُؤْمِنِينَ}.
37907- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَرَّ بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا؛ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْعَافِيَةُ، فَيُحْشَرَ مِنْ بُطُونِهَا، ثُمَّ دَعَا بِنَمِرَةٍ، فَكَانَتْ إِذَا مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا مُدَّتْ عَلَى رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مُدُّوهَا عَلَى رَأْسِهِ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلَ، وَقَلَّتِ الثِّيَابُ، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَكَانَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالثَّلاَثَةُ يُكَفَّنُونَ فِي الثَّوْبِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَسْأَلُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا، فَيُقَدِّمُهُ.
37908- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا.
37909- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ، فَبَيْنَمَا نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ يَبْكِينَ عَلَى هَلْكَاهُنَّ، فَقَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ، فَجِئْنَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ، وَرَقَدَ فَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: يَا وَيْحَهُنَ إِنَّهُنَّ لَهَاهُنَا حَتَّى الآنَ ؟ مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ، وَلاَ يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ.
37910- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلاَّ نَمِرَةٌ، كَانُوا إِذَا وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وَإِذَا وَضَعُوهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اجْعَلُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.
37911- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زَيْدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ الْبَدْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ: إِنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى قَبْرِ حَمْزَةَ، فَمُدَّتِ النَّمِرَةُ عَلَى رَأْسِهِ فَانْكَشَفَتْ رِجْلاَهُ، فَجُذِبَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ فَانْكَشَفَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مُدُّوهَا عَلَى رَأْسِهِ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ شَجَرَ الْحَرْمَلِ.
37912- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَعَمْرِو بْنِ جَمُوحٍ قَتِيلَيْنِ، فَقَالَ: ادْفِنُوهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا.
37913- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، قَالُوا: لَمَّا صَرَفَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي تَمُرُّ عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ، جَرَتْ عَلَيْهِمَا، فَبَرَزَ قَبْرُهُمَا، فَاسْتُصْرِخَ عَلَيْهِمَا، فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَتَثَنَّيَانِ تَثَنِّيًا كَأَنَّمَا مَاتَا بِالأَمْسِ، عَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غُطِّيَ بِهِمَا عَلَى وُجُوهِهِمَا، وَعَلَى أَرْجُلِهِمَا مِنْ نَبَاتِ الإِذْخِرِ.
37914- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي عَبْدُ اللهِ: أَيْ بنِيَّ، لَوْلاَ نُسَيَّاتٌ أُخَلِّفُهُنَّ مِنْ بَعْدِي مِنْ أَخَوَاتٍ وَبَنَاتٍ، لأَحْبَبْتُ أَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي، وَلَكِنْ كُنَّ فِي نِظَارِي الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَتْ بِهِمَا عَمَّتِي قَتِيلَيْنِ، يَعْنِي أَبَاهُ وَعَمَّهُ، قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى بَعِيرٍ.
37915- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَرَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَدُوهُ فَأَبَى، فَأَعْطَوْهُ حَتَّى بَلَغَ الدِّيَةَ فَأَبَى.
37916- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ، وَدَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْفَارِسِيِّ مَوْلَى بَنِي مُعَاوِيَةَ؛ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلاً يَوْمَ أُحُدٍ فَقَتَلَهُ، وَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا الْغُلاَمُ الْفَارِسِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَ: الأَنْصَارِي وَأَنْتَ مِنْهُمْ ؟ إِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ.
37917- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمُشْرِكِينَ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ، لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاَءِ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، وَتَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدٌ بِأُخْرَاهَا مَا دُونَ أُحُدٍ، فَقَالَ سَعْد: أَنَا مَعَكَ، قَالَ سَعْدٌ: فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَصْنَعُ مَا صَنَعَ، وَوُجِدَ بِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، فَكُنَّا نَقُولُ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} .
37918- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ غُسِّلُوا.
37919- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ شَلاَءَ، وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ.
37920- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قُتِلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ الَّذِي طَهَّرَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ يَوْمَ أُحُدٍ.
37921- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَاسْتَصْغَرَنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي، قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: هَذَا حَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَنْ يَفْرِضُوا لاِبْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُقَاتِلَةِ، وَلاِبْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ.
37922- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أُحُدٍ، فَلَمَّا خَلَّفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ فَنَظَرَ خَلْفَهُ فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالُوا: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ وَمَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ: أَقَدْ أَسْلَمُوا ؟ قَالُوا: لاَ، بَلْ عَلَى دِينِهِمْ، قَالَ: مُرُوهُمْ فَلْيَرْجِعُوا فَإِنَّا لاَ نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
37923- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ؛ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ سَقَطَتْ عَيْنُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنٍ وَأَحَدَّهَا.
37924- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ بِالْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ فَزِمِّلُوا بِدِمَائِهِمْ، وَأَنْ يُقَدَّمَ أَكْثَرُهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ، وَأَنْ يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ، قَالَ: فَدَفَنْتُ أَبِي وَعَمِّي فِي قَبْرٍ.
37925- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَقْدِمْ مُصْعَبُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ يُقْتَلْ مُصْعَبٌ ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَلَكٌ قَامَ مَكَانَهُ، وَتَسَمَّى بِاسْمِهِ.
37926- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّ النِّسَاءُ يَوْمَ أُحُدٍ يُجْهِزْنَ عَلَى الْجَرْحَى، وَيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.
37927- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ، فَجَعَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا أَنَا، فَقَالَ: فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ ؟ قَالَ: فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَالَ سِمَاكٌ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ، قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ.
37928- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا رَأَى أُحُدًا، قَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ.
37929- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا، يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ.
37930- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْفُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَرَبَاعِيَتُهُ، وَزَعَمَ أَنَّ طَلْحَةَ وَقَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدِهِ، فَضُرِبَ فَشَلَّتْ إِصْبَعَهُ.
37931- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدَيَّ مِرَارًا.
37932- حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا رَهِقَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ قَامَ آخَرُ يَرُدُّهُمْ حَتَّى قُتِلَ حَتَّى قُتِلَ سَبْعَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا.
37933- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ؛ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٌ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَآمَنَ بِهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِأَهْلِ مَكَّةَ وَشَهِدَ أُحُدًا فَقَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أُسْقِطَ فِي يَدِهِ فَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ جُلاَسِ بْنِ سُوَيْدٌ: يَا أَخِي، إِنِّي قَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي، فَأَتُوبُ إِلَى اللهِ، وَأَرْجِعُ إِلَى الإِسْلاَمِ، فَاذْكُرْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَإِنْ طَمِعْتَ لِي فِي تَوْبَةٍ فَاكْتُبْ إِلَي، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} قَالَ: فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ: يَتَمَنَّعُ، ثُمَّ يُرَاجَعُ إِلَى الإِسْلاَمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا، لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمَ الضَّالُّونَ}.
37934- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ؛ أَنَّ عَلِيًّا لَقِيَ فَاطِمَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: خُذِي السَّيْفَ غَيْرَ مَذْمُومٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عَلِيُّ، إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ الْيَوْمَ، فَقَدْ أَحْسَنَهُ أَبُو دُجَانَةَ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ؛ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ.
37935- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: جَاءَ عَلِيٌّ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: خُذِيهِ حَمِيدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ الْيَوْمَ، فَقَدْ أَحْسَنَهُ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ، وَأَبُو دُجَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ ؟ فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا، وَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى جَاءَ بِهِ قَدْ حَنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَعْطَيْتَهُ حَقَّهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
37936- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مُصْلِتًا يَمْشِي، فَاسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَمْشِي، فَقَالَ:
أَنَا النَّبِيُّ غَيْر الْكَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
قَالَ: فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَتَلَهُ.
37937- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ أَنَّ امْرَأَةً دَفَعَتْ إِلَى ابْنِهَا يَوْمَ أُحُدٍ السَّيْفَ، فَلَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ، فَشَدَّتْهُ عَلَى سَاعِدِهِ بِنِسْعَةٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنِي يُقَاتِلُ عَنْكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيْ بُنَيَّ احْمِلْ هَاهُنَا، أَيْ بُنَيَّ احْمِلْ هَاهُنَا، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَصُرِعَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَعَلَّك جَزِعْتَ ؟ قَالَ: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ.
37938- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ، يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ، فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ لَرَجَوْتُ أَنْ أَبَرَّ، أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ، ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}.
فَلَمَّا خَالَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ، أُفْرِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي تِسْعَةٍ، سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ عَاشِرُهُمْ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً رَدَّهُمْ عَنَّا، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ سَاعَةً حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ أَيْضًا، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ رَجُلاً رَدَّهُمْ عَنَّا، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِصَاحِبَيْهِ: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا.
فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: اُعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا عُزَّى، وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُولُوا: اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَالْكَافِرُونَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ،
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ.
يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا
وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَر
حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ، وَفُلاَنٌ بِفُلاَنٍ، وَفُلاَنٌ بِفُلاَنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ سَوَاءً، أَمَّا قَتْلاَنَا فَأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ، وَقَتْلاَكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مَلأٍ مِنِّي، مَا أَمَرْتُ وَلاَ نَهَيْتُ، وَلاَ أَحْبَبْتُ وَلاَ كَرِهْتُ، وَلاَ سَاءَنِي وَلاَ سَرَّنِي، قَالَ: فَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلاَكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَكَلَتْ مِنْهُ شَيْئًا ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ.
فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَرُفِعَ الأَنْصَارِيُّ وَتُرِكَ حَمْزَةُ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ وَتُرِكَ حَمْزَةُ، ثُمَّ جِيءَ بِآخَرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ وَتُرِكَ حَمْزَةُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلاَةً.
37939- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: شُجَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَذُلِقَ مِنَ الْعَطَشِ، حَتَّى جَعَلَ يَقَعُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَتَرَكَهُ أَصْحَابُهُ، فَجَاءَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَطْلُبُهُ بِدَمِ أَخِيهِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَقَالَ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَلْيَبْرُزْ لِي، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَبِيًّا قَتَلَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
: أَعْطُونِي الْحَرْبَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَبِكَ حَرَاكٌ ؟ فَقَالَ: إِنِّي قَدَ اسْتَسْقَيْتُ اللَّهَ دَمَهُ، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ، ثُمَّ مَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَحَمَلَهُ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: مَا نَرَى بِكَ بَأْسًا، قَالَ: إِنَّهُ قَدَ اسْتَسْقَى اللَّهَ دَمِي، إِنِّي لأَجِدُ لَهَا مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى رَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَوَسِعَتْهُمْ.
37940- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، مِثْلَهُ.
37941- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ، أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ تَطْلُبُهُ، لاَ تَدْرِي مَا صَنَعَ، قَالَ: فَلَقِيَتْ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلزُّبَيْرِ: اُذْكُرْهُ لأُمِّكَ، وَقَالَ الزُّبَيْرُ: لاَ، بَلَ اُذْكُرْهُ أَنْتَ لِعَمَّتِكَ، قَالَتْ: مَا فَعَلَ حَمْزَةُ ؟ قَالَ: فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لاَ يَدْرِيَانِ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: إِنِّي لأَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا، وَدَعَا لَهَا، قَالَ: فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: لَوْلاَ جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَيَضَعُ تِسْعَةً وَحَمْزَةَ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُجَاءُ بِتِسْعَةٍ، فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ.
37942- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْزَلُ: أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ، قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَرِنَاهُ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ، فَرَآهُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُثِّلَ بِهِ وَاللهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى، فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جَرِيحٌ يُجْرَحُ، إِلاَّ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْك، قَدِّمُوا أَكْثَرَ الْقَوْمِ قُرْآنًا، فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ.
37943- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اشْتُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شِدَّةَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الاِثْنَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، فَقَدَّمُوا أَبِي بَيْنَ يَدَيْ رَجُلَيْنِ.
37944- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أُحُدٍ، خَرَجَ مَعَهُ نَاسٌ، فَرَجَعُوا، قَالَ: فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ؛ قَالَتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ, وَفِرْقَةٌ قَالَتْ: لاَ نَقْتُلُهُمْ, فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهَا طَيْبَةُ، وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ.
37945- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: صُرِخَ إِلَى قَتْلاَنَا يَوْمَ أُحُدٍ، إِذْ أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ، فَاسْتَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً أَجْسَادُهُمْ، تَتَثَنَّى أَطْرَافُهُمْ.
37946- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، فَمَا أَرَى أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلاَّ يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ.
37947- حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: حدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: بَارَزَ عَلِيٌّ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ طَلْحَةَ وَمُسَافِعًا، قَالَ: وَسَمَّى إِنْسَانًا آخَرَ، قَالَ: فَقَتَلَهُمْ سِوَى مَنْ قَتَلَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ حَيْثُ نَزَلَ: خُذِي السَّيْفَ غَيْرَ ذَمِيمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَئِنْ كُنْتَ أَبْلَيْتَ، فَقَدْ أَبْلَى فُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ، وَفُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ، وَفُلاَنٌ الأَنْصَارِيُّ حَتَّى انْقَطَعَ نَفَسُهُ، أَوْ كَادَ يَنْقَطِعُ نَفَسُهُ.
37948- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: لَمَّا كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى ثَلاَثَةٍ؛ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَلِكُ الأَمْلاَك، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ كَسَرَ رَبَاعِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَثَّرَ فِي وَجْهِهِ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا.
37949- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: هُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ أُحُدٍ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَجُرِحَ فِي وَجْهِهِ، وَدُووِيَ بِحَصِيرٍ مُحَرَّقٍ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَنْقُلُ إِلَيْهِ الْمَاءَ فِي الْحَجَفَةِ.
37950- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لأَبِي بَكْرٍ: رَأَيْتُكَ يَوْمَ أُحُدٍ فَصُغتُ عَنْكَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَكِنِّي لَوْ رَأَيْتُكَ مَا صُغتُ عَنْكَ.
27- غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ.
37951- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، يَحْمِلُ مِجَنَّهُ، فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَتْ: فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَتْ: فَمَرَّ يَرْتَجِزُ، وَهُوَ يَقُولُ:
لَبِّثْ قَلِيلاً يُدْرِكِ الْهَيْجَا حَمَلْ
مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ.
قَالَتْ: فَقُمْتُ، فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ، تَعْنِي الْمِغْفَرَ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكِ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَيْحَكِ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَاللهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، مَا يُؤَمِّنُكِ أَنْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ وَبَلاَءٌ ؟ قَالَتْ: فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا، قَالَتْ: فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، وَيْحَك، قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ، أَوِ الْفِرَارُ إِلاَّ إِلَى اللهِ.
قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ، فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ، فَدَعَا اللَّهَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتْ: فَرَقَأَ كَلْمُهُ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ بِتِهَامَةَ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرِ بْنِ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ، فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَوُضِعَ السِّلاَحُ.
قَالَتْ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ وَاللهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ السِّلاَحَ، فَاخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ
وَلَبِسَ لاَمَتَهُ، فَخَرَجَ فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ، وَكَانُوا جِيرَانَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ فَقَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِي، وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنَّتُهُ وَوَجْهُهُ بِجِبْرِيلَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ، فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ ابْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَنَزَلُوا، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى سَعْدٍ، فَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ، وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ، وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ، قَالَتْ: لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دَارِهِمَ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: قَدْ أَنَى لِسَعْدٍ أَنْ لاَ يُبَالِيَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ، قَالَ عُمَرُ: سَيِّدُنَا اللَّهُ، قَالَ: أَنْزِلُوهُ، فَأَنْزَلُوهُ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُحْكُمْ فِيهِمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم:
لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا اللَّهَ سَعْدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ، وَكَانَ قَدْ بَرَأَ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلاَّ مِثْلُ الْخُرْصِ.
قَالَتْ: فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي كَانَ ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَتْ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ أُمَّهْ، فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لاَ تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ.
37952- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا نَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ أَمْسَى، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، أَوَ قَالَ: مَلَكٌ، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَاتَ اللَّيْلَةَ، اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ؟ فَقَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ، فَإِنَّهُ أَمْسَى دَنِفًا،
مَا فَعَلَ سَعْدٌ ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ قُبِضَ، وَجَاءَ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دَارِهِمْ، قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْفَجْرَ، ثُمَّ خَرَجَ، وَخَرَجَ النَّاسُ، فَبَتَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ مَشْيًا، حَتَّى إِنَّ شُسُوعَ نِعَالِهِمْ لَتُقْطَعُ مِنْ أَرْجُلِهِمْ، وَإِنَّ أَرْدِيَتَهُمْ لَتَسْقُطُ عَنْ عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَتَتَّ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَأَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ يُغَسَّلُ، قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: دَخَلَ مَلَكٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسٌ، فَأَوْسَعْتُ لَهُ، وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ:
وَيْلَ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدًا *** بَرَاعَةً وَجَدًّا.
بَعْدَ أَيَادٍ يَا لَهُ وَمَجْدًا *** مُقَدَّمٌ سَدَّ بِهِ مَسَدًّا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كُلُّ الْبَوَاكِي يَكْذِبْنَ إِلاَّ أُمَّ سَعْدٍ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا خَرَجَ لِجِنَازَتِهِ، قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا أَخَفَّ سَرِيرَ سَعْدٍ، أَوْ جِنَازَةَ سَعْدٍ ؟ قَالَ: فَحَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ: لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ .
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْنَا الْفُسْطَاطَ، وَنَحْنُ نَدْفِنُ وَاقِدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا ؟ سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يُحَدِّثُونَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ: لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَصَاحِبَيْهِ، أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ؛ أَنَّ رَجُلاً أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ يَوْمَئِذٍ، فَفَتَحَهَا بَعْدُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ، فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، إِنَّك بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ، ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، كَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْثًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ فِيهَا ذَهَبٌ، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَلَسَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْمِسُونَ الْجُبَّةَ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْنَا ثَوْبًا أَحْسَنَ مِنْهُ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ.
37953- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِمَّا تَرَوْنَ.
37954- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، يَقُولُ، وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ وَتَبْيِيتَهُمْ، فَقَالَ: قَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُفِرَ الْخَنْدَقُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ يُبَيِّتَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ: إِنْ بُيِّتُّمْ، فَإِنَّ دَعْوَاكُمْ حم لاَ يُنْصَرُونَ.
37955- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْدًا قَالَ: إِنَّمَا، يَعْنِي السَّرِيرَ، قَالَ: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْرَهُ فَاحْتَبَسَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ: ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ.
37956- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
37957- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهَا: أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ سَكَنٍ، قَالَتْ: لَمَّا خُرِجَ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأُمِّ سَعْدٍ: أَلاَ يَرْقَأُ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ ؟ إِنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ.
37958- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَدِمْنَا فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ غِلْمَانُ الأَنْصَارِ يَتَلَقَّوْنَ أَهَالِيَهُمْ، فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَالَكَ، وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ، قَالَتْ: فَكَشَفَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: صَدَقْتِ لَعَمْرِي، لَيَحُقَّنَّ أَنْ لاَ أَبْكِيَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا قَالَ، قُلْتُ: وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قَالَ: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
37959- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
37960- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.
37961- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، قَالَتْ: فَحَوَّلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَسْجِدِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ خَيْمَةً لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ.
37962- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} قَالَتْ: كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
37963- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَافَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، قَالَ، وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدًا لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَالِسٌ، وَذَلِكَ زَمَانُ طَلْعِ النَّخْلِ، قَالَ: وَكَانُوا يَفْرَحُونَ بِهِ إِذَا رَأَوْهُ فَرَحًا شَدِيدًا، لأَنَّ عَيْشَهُمْ فِيهِ، قَالَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ فَبَصُرَ بِطَلْعَةٍ، وَكَانَتْ أَوَّلَ طَلْعَةٍ رُئِيَتْ، قَالَ: فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ: طَلْعَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ، مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تَنْزِعْ مِنَّا صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنَا، أَوْ صَالِحًا أَعْطَيْتَنَا.
37964- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِالرَّمْيَةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَجَعَلَ دَمُهُ يَسِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: وَا انْقِطَاعُ ظَهْرَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
37965- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُود، وَكَانَ نَمَّامًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ بَعَثَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ
: أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رِجَالاً يَكُونُونَ فِي آطَامِنَا، حَتَّى نُقَاتِلَ مُحَمَّدًا مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ، وَتُقَاتِلَ أَنْتَ مِمَّا يَلِي الْخَنْدَقَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَقَالَ لِمَسْعُودٍ: يَا مَسْعُودُ، إِنَّا نَحْنُ بَعَثْنَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَيُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رِجَالاً، فَإِذَا أَتَوْهُمْ قَتَلُوهُمْ، قَالَ: فَمَا عَدَا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَمَا تَمَالَكَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللهِ مُحَمَّدٌ، مَا كَذَبَ قَطُّ، فَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ أَحَدًا.
37966- حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ ثَلاَثًا، مَا ذَاقُوا طَعَامًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَاهُنَا كُدْيَةً مِنَ الْجَبَلِ، يَعْنِي قِطْعَةً مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُشُّوا عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَرَشُّوهَا، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، أَوِ الْمِسْحَاةَ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ ضَرَبَ ثَلاَثًا فَصَارَتْ كَثِيبًا، قَالَ جَابِرٌ: فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ شَدَّ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا.
37967- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعْرَ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْ لاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا.
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.
37968- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَدَاةً بَارِدَةً، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ، قَالَ:
إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ *** فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ.
فَأَجَابُوهُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا *** عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا.
37969- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ حَتَّى كُفِينَا ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلاَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً، أَوْ رُكْبَانًا}.
37970- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ.
37971- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَقَالاَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْخَنْدَقِ: نَكُفُّ عَنْكَ غَطَفَانَ، عَلَى أَنْ تُعْطِيَنَا ثِمَارَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَاوَضُوهُ حَتَّى اسْتَقَامَ الأَمْرُ عَلَى نِصْفِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: اُكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابًا، فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ، قَالَ: وَالسَّعْدَانِ؛ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ جَالِسَانِ، فَأَقْبَلاَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالاَ: أَشَيْءٌ أَتَاكَ عَنِ اللهِ، لَيْسَ لَنَا أَنْ نَعْرِضَ فِيهِ ؟قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَصْرِفَ وُجُوهَ هَؤُلاَءِ عَنِّي، وَيَفْرُغَ وَجْهِي لِهَؤُلاَءِ، قَالَ: قَالاَ لَهُ: مَا نَالَتْ مِنَّا الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِنَا شَيْئًا إِلاَّ بِشِرًى، أَوْ قِرًى.
37972- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: حَبَسُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا.
37973- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي . إِلاَّ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيسَ قَالَ: عُرِضْتُ.
37974- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: مَنْ رَجُلٌ يَذْهَبُ فَيَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ ؟ فَرَكِبَ الزُّبَيْرُ فَجَاءَهُ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: مَنْ يَجِيئُنِي بِخَبَرِهِمْ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: نَعَمْ، قَالَ: وَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلزُّبَيْرِ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِي، وَحِوَارِيِّ الزُّبَيْرُ، وَابْنُ عَمَّتِي.
37975- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
أَنْ نَحْفِرَ الْخَنْدَقَ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْجَبَلِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ، لاَ تَدْخُلُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَأَلْقَى ثَوْبَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا، فَقَالَ: اَللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ.
37976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلاَلا، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ.
37977- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
37978- حَدَّثَنَا وَكِيعُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُمْ يَا زُبَيْرُ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاحِدِي، فَقَالَ: قُمْ يَا زُبَيْرُ، فَقَامَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيُّهُمَا عَلاَ صَاحِبَهُ قَتَلَهُ، فَعَلاَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِسَلَبِهِ، فَنَفَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِيَّاهُ.
37979- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ كُلِّهِمْ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ نَوْفَلاً، أَوِ ابْنَ نَوْفَلٍ، تَرَدَّى بِهِ فَرَسُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقُتِلَ، فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِدِيَتِهِ، مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَ: خُذُوهُ، فَإِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ، خَبِيثُ الْجِيفَةِ.
28- مَا حَفِظْتُ فِي بنِي قُرَيْظَةَ.
37980- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: جَنَاحٌ.
37981- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ فَوَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: فَأَيْنَ ؟ قَالَ: هَاهُنَا، وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِمْ.
37982- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ قُرَيْظَةَ: الْحَرْبُ خَِدْعَةٌ.
37983- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: عَاهَدَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ لاَ يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا، وَجَعَلَ اللَّهَ عَلَيْهِ كَفِيلاً، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ قُرَيْظَةَ، أُتِيَ بِهِ وَبِابْنِهِ سَلْمًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَوْفِي الْكَفِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقَهُ، وَعُنُقَ ابْنِهِ.
37984- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَقَالَ: فِدَاك أَبِي وَأُمِّي.
37985- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يَقُولُ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ خَيْرِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ، قَالَ: تُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ.
37986- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي؛ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَدُّوا الْحُكْمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبِي: فَأُخْبِرْتُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ.
37987- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: رَمَى أَهْلُ قُرَيْظَةَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَأَصَابُوا أَكْحَلَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بِحُكْمِ اللهِ حَكَمْتَ.
37988- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ.
37989- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، قَالَ: لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ الأَحْزَابَ، وَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَيْتِهِ، فَأَخَذَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ، وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَلَمْ تَضَعْهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَاءِ ؟ ائْتِنَا عِنْدَ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي النَّاسِ: أَنِ ائْتُوا حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَتَاهُمْ عِنْدَ الْحِصْنِ.
29- مَا حَفِظْتُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ.
37990- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهُمْ غَارُّونِ، وَنَعَمُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَكَانَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِمَّا أَصَابُوا، وَكُنْتُ فِي الْخَيْلِ.
37991- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا، وَأَبُو صِرْمَةَ الْمَازِنِيُّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ: أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الْمُصْطَلِقِ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ،
وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: أَتَعْزِلُونَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهِيَ كَائِنَةٌ.
37992- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ لَمَّا أَتَوْا الْمَنْزِلَ، وَقَدْ جَلاَ أَهْلُهُ، أَجْهَضُوهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ دَجَاجٌ فِي الْمَعْدِنِ، فَكَانَ بَيْنَ غِلْمَانٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغِلْمَانٍ مِنَ الأَنْصَارِ قِتَالٌ، فَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، وَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا لَلأَنْصَارِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيِّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِمَ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، أَمَا وَاللهِ: {لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَمَرَهُمْ بِالرَّحِيلِ، فَكَأَنَّهُ يَشْغَلُهُمْ، فَأَدْرَكَ رَكْبًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فِي الْمَسِيرِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا قَالَ الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ؟ قَالُوا: وَمَاذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ لَمْ تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، قَالُوا: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَنْتَ وَاللهِ الْعَزِيزُ، وَهُوَ الذَّلِيلُ.
30- غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيةِ.
37993- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}، قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ.
37994- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ، لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ لَكَ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا تَبَرَّزَ مِنْ عُسْفَانَ، لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَلُمَّ هَاهُنَا، فَأَخَذَ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ، يَعْنِي شَجَرَتَيْنِ، وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ.
فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَا تَرَوْنَ ؟ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأْسِ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ، فَنُخَالِفُهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوْتُورِينَ مَهْزُومِينَ، وَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلَبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا، فَأَخْزَاهُمَ اللَّهُ ؟.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرَى أَنْ تَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُعِينُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظْهِرُكَ، قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَهُوَ فِي رَحْلِهِ: إِنَّا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا غَشِيَ الْحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ، بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ، فَقَالُوا: خَلأَتْ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا خَلأَتْ، وَمَا الْخَلأُ بِعَادَتِهَا، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ، لاَ تَدْعُونِي قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِي إِلَيْهِ، هَلُمَّ هَاهُنَا لأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فِي ثَنِيَّةٍ تُدْعَى ذَاتَ الْحَنْظَلِ، حَتَّى هَبَطَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَقَى النَّاسُ مِنَ الْبِئْرِ، فَنَزَفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَةِ، فَقَالَ: اِغْرِزُوهُ فِي الْبِئْرِ، فَغَرَزُوهُ فِي الْبِئْرِ، فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤُهَا
حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِالْعَطَنِ.
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِي حُلَيْسٍ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ، فَقَالَ: ابْعَثُوا الْهَدْيَ، فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً، وَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ الْقَلاَئِدُ وَالْبُدْنُ وَالْهَدْي، فَحَذَّرَهُمْ وَعَظَّمَ عَلَيْهِمْ، فَسَبُّوهُ وَتَجَهَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لاَ نَعْجَبُ مِنْكَ، وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلْنَاكَ، اِجْلِسْ.
ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَلاَ نُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكَ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا رَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى مِثْلِ مَا سِرْت إِلَيْهِ، سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْك لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهَا، تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَي، قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللهِ لاَ تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلاَّ عَرَضُوا لَكَ أَمْرَّ مِنْهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَوْمَكَ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قَتَبٍ، وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ، وَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ لَهُمْ أََنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلاَّ مَا قَدْ أَكَلَتْ، فَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا، وَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً، نُزِيلُ فِيهَا نِسَاءَهُمْ وَيَأْمَنُ فِيهَا سَرْبُهُمْ، وَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنِّي وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْرِ
الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يُظْهِرَنِي اللَّهُ، أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، فَإِنْ أَصَابَنِي النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِي يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمَ اخْتَارُوا؛ إِمَّا قَاتَلُوا مُعَدِّينَ، وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ.
قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكُمْ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِي وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَقَدَ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِي حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيَكُمْ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ، تَعْلَمُنَّ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَرَضَ نِصْفًا فَاقْبَلُوهُ، تَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوك، وَرَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا، وَلاَ عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْهُ، إِنْ يَتَكَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ، فَإِنْ هُوَ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ يَصُبُّونَهُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يَتَّخِذُونَهُ حَنَانًا.
فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ، فَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ، فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا، وَلاَ يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ، حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَسْمَعُ بِمَسِيرِهِ مِنَ الْعَرَبِ؛ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ، وَمِكْرَزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِي سَأَلاَ، فَقَالَ: اُكْتُبُوا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، قَالُوا: وَاللهِ لاَ نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا، قَالَ: فَكَيْفَ ؟ قَالُوا: نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، قَالَ: وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا، فَكَتَبُوهَا، ثُمَّ قَالَ:
اُكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلاَّ فِي هَذَا، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ ؟ فَقَالُوا: انْتَسِبْ، فَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَهَذِهِ حَسَنَةٌ، اُكْتُبُوهَا، فَكَتَبُوهَا.
وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ، أَنَّ بَيْنَنَا الْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ، وَأَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ، وَلاَ إِسْلاَلَ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: الإِغْلاَلُ الدُّرُوعُ، وَالإِسْلاَلُ السُّيُوفُ، وَيَعْنِي بِالْعَيْبَةِ الْمَكْفُوفَةِ أَصْحَابَهُ يَكُفُّهُمْ عَنْهُمْ.
وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرْدُدْهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: وَمَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ دَخَلَ مَعَنا فَهُوَ مِنَّا، لَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا، فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ: نَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ.
فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِي الْقُيُودِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هُوَ لِي، وَقَالَ سُهَيْلٌ: هُوَ لِي، وَقَالَ سُهَيْلٌ: اقْرَأَ الْكِتَابَ، فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ، هَذَا السَّيْفُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَرَجُلٌ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِسُهَيْلٍ: هَبْهُ لِي، قَالَ: لاَ، قَالَ: فَأَجِزْهُ لِي، قَالَ: لاَ، قَالَ مِكْرَزٌ: قَدْ أَجَزْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، فَلَمْ يُهَجْ.
37995- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ صَدُّوهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ اضْطَرَبَ فِي الْحِلِ، وَكَانَ مُصَلاَهُ فِي الْحَرَمِ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْقَضِيَّةَ وَفَرَغُوا مِنْهَا، دَخَلَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْحَرُوا، وَاحْلِقُوا، وَأَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ أَعَادَهَا فَمَا قَامَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتِ مَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اذْهَبْ، فَانْحَرْ هَدْيَك، وَاحْلِقْ، وَأَحِلَ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيُحِلُّونَ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَحَلَقَ، وَأَحَلَّ.
37996- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا حُصِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنِ الْبَيْتِ، صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثًا، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ: السَّيْفِ وَقِرَابِهِ، وَلاَ يَخْرُجَ مَعَهُ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَلاَ يَمْنَعَ أَحَدًا أَنْ يَمْكُثَ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ،
فَقَالَ لِعَلِيٍّ: اُكْتُبَ الشَّرْطَ بَيْنَنَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعَنَاكَ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحُوَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَمْحُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَرِنِي مَكَانَهَا، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَقَامَ فِيهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، قَالُوا لِعَلِيٍّ: هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ، فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ.
37997- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: نَزَلْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَوَجَدْنَا مَاءَهَا قَدْ شَرِبَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الْبِئْرِ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْهَا، فَأَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهَا وَدَعَا اللَّهَ، فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى تَرَوَّى النَّاسُ مِنْهَا.
37998- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَعَهُ الْمُهَاجِرِونَ وَالأََنْصَارُ حَتَّى أَتَى الْحُدَيْبِيَةَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَرَدُّوهُ عَنِ الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمْ كَلاَمُ وَتَنَازُعٌ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ: فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَصْحَابُهُ وَعِدَّتُهُمْ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِئَةٍ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ، وَذَلِكَ يَوْمُ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، فَقَاضَاهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: نُقَاضِيكَ عَلَى أَنْ تَنْحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ، وَتَحْلِقَ وَتَرْجِعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ نُخَلِّي لَكَ مَكَّةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَفَعَلَ.
قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَى عُكَاظٍ، فَأَقَامُوا فِيهَا ثَلاَثًا، وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ بِالسَّيْفِ، وَلاَ تَخْرُجَ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إِنْ خَرَجَ مَعَكَ، فَنَحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ، وَحَلَقَ وَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي قَابِلِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ دَخَلَ مَكَّةَ، وَجَاءَ بِالْبُدْنِ مَعَهُ، وَجَاءَ النَّاسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ، فَمَنَ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَاتِلُوهُمْ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ إِنْ قَاتَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فِيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ مُوثَقًا، أَوْثَقَهُ أَبُوهُ، فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ.
37999- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، قَالَ: وَالْمُشْرِكُونَ عِنْدَ بَابِ النَّدْوَةِ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَقَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابِهِ جُهْدًا وَهُزْلاً، فَلَمَّا اسْتَلَمُوا، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهُمْ قَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِكُمْ جُهْدًا وَهُزْلاً، فَارْمُلُوا ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ حَتَّى يَرَوْا أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً، قَالَ: فَلَمَّا اسْتَلَمُوا الْحَجَرَ رَفَعُوا أَرْجُلَهُمْ فَرَمَلُوا، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ زَعَمْتُمْ أَنَّ بِهِمْ هُزْلاً وَجُهْدًا، وَهُمْ لاَ يَرْضَوْنَ بِالْمَشْيِ حَتَّى يَسْعَوْا سَعْيًا ؟.
38000- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يُوجِفُونَ الأَبَاعِرَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ ؟ فَقَالُوا: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَخَرَجْنَا نُوجِفُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَاقِفًا عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَا يُرِيدُ مِنَ النَّاسِ، قَرَأَ عَلَيْهِمْ: {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ: إِيْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَفَتْحٌ، قَالَ: فَقُسِّمَتْ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَثَلاَثُ مِئَة فَارِسٍ، فَكَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ.
38001- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَنَحَرَ مِئَةَ بَدَنَةٍ، وَنَحْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِئَة، وَمَعَهُمْ عِدَّةُ السِّلاَحِ وَالرِّجَالِ وَالْخَيْلِ، وَكَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلٌ، فَنَزَلَ الْحُدَيْبِيَةَ فَصَالَحَتُهُ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ.
38002- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ: يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا، قَالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ، وَلَمْ يَصْبِرْ، مُتَغَيِّظًا حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ: يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إيَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.
38003- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِعَلِيٍّ: اُكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ فَمَا نَدْرِي مَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ بِمَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقَالَ: اُكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، قَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ اتَّبَعَنَاكَ، وَلَكِنِ اُكْتُبَ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُكْتُبْ: مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَكْتُبُ هَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا.
38004- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَة، فَقَالَ لَنَا: أَنْتُمَ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ.
38005- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ.
38006- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِيُصَالِحُوهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِمْ سُهَيْلٌ، قَالَ: قَدْ سَهُلَ مِنْ أَمْرِكُمْ, الْقَوْمُ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ بِأَرْحَامِهِمْ، وَسَائِلُوكُمُ الصُّلْحَ، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ، وَأَظْهِرُوا التَّلْبِيَةِ, لَعَلَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قُلُوبَهُمْ, فَلَبَّوْا مِنْ نَوَاحِي الْعَسْكَرِ، حَتَّى ارْتَجَّتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، قَالَ: فَجَاؤُوهُ فَسَأَلُوا الصُّلْحَ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّاسُ قَدْ تَوَادَعُوا, وَفِي الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَفِي الْمُشْرِكِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, فَقِيلَ: أَبُو سُفْيَانَ, فَإِذَا الْوَادِي يَسِيلُ بِالرِّجَالِ وَالسِّلاَحِ، قَالَ: قَالَ إِيَاسٌ: قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ بِسِتَّةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُسَلَّحِينَ أَسُوقُهُمْ, مَا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا، وَلاَ ضَرًّا, فَأَتَيْنَا بِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمْ يَسْلُبْ، وَلَمْ يَقْتُلْ، وَعَفَا،
قَالَ: فَشَدَدْنَا عَلَى مَا فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَّا, فَمَا تَرَكْنَا فِيهِمْ رَجُلاً مِنَّا إِلاَّ اسْتَنْقَذْنَاهُ، قَالَ: وَغُلِبْنَا عَلَى مَنْ فِي أَيْدِينَا مِنْهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَتْ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَوَلُوا صُلْحَهُمْ, وَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ, فَكَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ قُرَيْشًا، صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ، وَلاَ إِسْلاَلَ, وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ, وَمَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ قُرَيْشٍ مُجْتَازًا إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الشَّامِ، يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ, وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ جَاءَ مُحَمَّدًا مِنْ قُرَيْشٍ فَهُوَ رَدٌّ, وَمَنْ جَاءَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ لَهُمْ.
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ جَاءَهُمْ مِنَّا فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ, وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ رَدَدْنَاهُ إِلَيْهِمْ, يَعْلَمُ اللَّهُ الإِسْلاَمَ مِنْ نَفْسِهِ يَجْعَلُِ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا.
وَصَالَحُوهُ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَمِرُ عَامًا قَابِلاً فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ، لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِخَيْلٍ، وَلاَ سِلاَحٍ، إِلاَّ مَا يَحْمِلُ الْمُسَافِرُ فِي قِرَابِهِ، فَيَمْكُثُ فِيهَا ثَلاَثَ لَيَالٍ, وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ فَهُوَ مَحِلُّهُ، لاَ يُقْدِمُهُ عَلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: نَحْنُ نَسُوقُهُ، وَأَنْتُمْ تَرُدُّونَ وَجْهَهُ.
38007- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ خَارِجَةَ بْنَ كُرْزٍ يَطَّلِعُ لَهَمْ طَلِيعَةً, فَرَجَعَ حَامِدًا يُحْسِنُ الثَّنَاءَ, فَقَالُوا لَهُ: إِنَّك أَعْرَابِيٌّ، قَعْقَعُوا لَكَ السِّلاَحَ فَطَارَ فُؤَادُكَ، فَمَا دَرَيْتَ مَا قِيلَ لَكَ وَمَا قُلْتَ، ثُمَّ أَرْسَلُوا عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, مَا هَذَا الْحَدِيثُ ؟ تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللهِ، ثُمَّ جِئْتَ قَوْمَكَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ, مَنْ تَعْرِفُ وَمَنْ لاَ تَعْرِفُ, لِتَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَتَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِ قَوْمِي إِلاَّ لأَصِلَ أَرْحَامَهُمْ, يُبَدِّلُهُمُ اللَّهُ بِدِينٍ خَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ, وَمَعَايِشَ خَيْرٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ, فَرَجَعَ حَامِدًا بِحُسْنِ الثَّنَاءَ.
قَالَ: قَالَ إِيَاسٌ، عَنْ أَبِيهِ: فَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ, هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي إِخْوَانَكَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالَ: لاَ، يَا نَبِيَّ اللهِ, وَاللهِ مَا لِي بِمَكَّةَ مِنْ عَشِيرَةٍ, غَيْرِي أَكْثَرُ عَشِيرَةً مِنِّي, فَدَعَا عُثْمَانَ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَتَّى جَاءَ عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ, فَعَبِثُوا بِهِ، وَأَسَاؤُوا لَهُ الْقَوْلَ، ثُمَّ أَجَارَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، ابْنُ عَمِّهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى السَّرْجِ وَرَدِفَهُ،
فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: يَابْنَ عَمِّ, مَا لِي أَرَاك مُتَحَشِّفًًا ؟ أَسْبِلْ، قَالَ: وَكَانَ إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: هَكَذَا إِزْرَةُ صَاحِبِنَا, فَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا بِمَكَّةَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ أَبْلَغَهُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
قَالَ سَلَمَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ قَائِلُونَ، نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيُّهَا النَّاسُ, الْبَيْعَةَ، الْبَيْعَةَ, نَزَلَ رُوحُ الْقُدُسِ، قَالَ: فَسِرْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ، فَبَايَعْنَاهُ, وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قَالَ: فَبَايَعَ لِعُثْمَانَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لأَبِي عَبْدِ اللهِ, يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ هَاهُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَوْ مَكَثَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، مَا طَافَ حَتَّى أَطُوفَ.
38008- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: لاَ تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ، ثُمَّ قَالَ: أَوْقِدُوا وَاصْطَنِعُوا، فَإِنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ مُدَّكُمْ، وَلاَ صَاعَكُمْ.
38009- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: فَجَهَشَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِئَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَة.
38010- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِ مِئَةٍ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، يُدْعَى نَاجِيَةَ، يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ، حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَدِيرًا بِعُسْفَانَ، يُقَالُ لَهُ: غَدِيرُ الأَشْطَاطِ، فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَرَكْتُ قَوْمَكَ؛ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدَ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ، وَتَرَكْتُ عِبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ، وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ.
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُونَ ؟ مَاذَا تَأْمُرونَ ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ، قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ، مَرَّتَيْنِ، وَمَا صَنَعَتْ، فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ، قَالَ لَهُمْ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا، مَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ، فَإِنِ اتَّبَعَنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الأَمْرُ أَمْرُكَ، وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ، فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْعَصَلِ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ، وَلاَ الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ قَتَرَةَ الْجَيْشِ.
وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ، يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ، فَبَرَكَتْ، فَقَالَ: حَلْ حَلْ، فَلَمْ تَنْبَعِثْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، قَالَ: إِنَّهَا وَاللهِ مَا خَلأَتْ، وَلاَ هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، أَمَّا وَاللهِ لاَ يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ، يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً، وَلاَ يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلاَّ أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ، حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ، قَلِيلِ الْمَاءِ، يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرَّضًا، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قِلَّةَ الْمَاءِ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَأَمَرَ رَجُلاً فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ، فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ.
فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ، يُقْسِمُونَ بِاللهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَالَ: يَا بُدَيْلُ، إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ، إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَإِلاَّ فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً
يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ، وَيُخَلُّونَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ: أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا، قَالَ بُدَيْلٌ: سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ.
فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ، فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ: لاَ تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ: بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ ؟ وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ، قَالَ: وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، فَوَثَبَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ ؟ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ ؟ أَوَلَسْتُمْ بِالْوَالِد ؟ أَوَلَسْتُ قَدَ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَحُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي، قَالُوا: بَلَى، قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ، وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالُوا: فَاذْهَبْ.
فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ؛ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ، يُقْسِمُونَ: لاَ يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ
خَضْرَاءَهُمْ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: أَنْ تَجْتَاحَ قَوْمَكَ، فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطَّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْلِمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ، فَإِنِّي لاَ أَرَى مَعَكَ إِلاَّ أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ، لاَ أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَلاَ وُجُوهَهُمْ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَغَضِبَ: اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَتِ، أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ، أَوْ نُسْلِمُهُ ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا وَاللهِ لَوْلاَ يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ، وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ، فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ.
وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ، وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ، يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ، حَتَّى إِذَا أَحْرَجَهُ، قَالَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ، وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ إِلاَّ أَمْسَ بِعُكَاظٍ ؟. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ.
فَقَامَ عُرْوَةُ، فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوك، عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ، وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ، وَاللهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ، وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلاَّ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ، فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ؛
فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ.
قَالُوا: اجْلِسْ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، يُقَالُ لَهُ: الْحُلَيْسُ، فَقَالُوا: انْطَلِقْ، فَانْظُرْ مَا قِبَلُ هَذَا الرَّجُلِ، وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ، فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُقْبِلاً عَرَفَهُ، قَالَ: هَذَا الْحُلَيْسُ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْي، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ، فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: جَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ امْرءًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنْتٌ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ.
قَالُوا: اجْلِسْ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَحْنَفِ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَي، فَبَعَثُوهُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ، نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: نَعَمَ، اُكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، قَالَ: قَالَ: مَا أَعْرِفُ اللَّهَ، وَلاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، وَلَكِنْ أَكْتُبَ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالُوا:
لاَ نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَان الرَّحِيمِ، قَالَ سُهَيْلٌ: إِذًا لاَ أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: لاَ أُقِرُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا خَالَفْتُكَ، وَلاَ عَصَيْتُكَ، وَلَكِنْ اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا، قَالَ: اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ . سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.
فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ نَاحِيَةً، فَأَتَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ: دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ، فَإِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ، وَلَنْ يَعْصِيَهُ.
وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ: مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ، قَالَ: أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلاَ حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.
فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، يَرْسُفُ فِي
الْحَدِيدِ، قَدْ خَلاَ لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ، فَقَالَ: هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا سُهَيْلُ؛ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ، قَالَ: وَلاَ أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ، قَالَ: فَشَأْنُكَ بِهِ، قَالَ: فَبَهَشَ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي ؟ فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ، وَعُمَرُ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ، وَمَعَك السَّيْفُ، فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ.
فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ وَرَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، أَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، فَكَانُوا قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا نَرَاهَا مِنْك صِلَةً، أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْك وَتَجْمَعَهُمْ، فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ.
وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْكِتَابِ: أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، فَيَقْضِي نُسُكَهُ، وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ، فَقَالُوا: لاَ تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ، فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلاَثًا.
وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لِلنَّاسِ: قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ، وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلاَ تَحَرَّكَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ
وَلاَ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، مَا بَالُ النَّاسِ، أَمَرْتُهُمْ ثَلاَثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا، وَأَنْ يَحْلِقُوا، وَأَنْ يَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ، فَنَحَرَهُ، وَدَعَا حَلاَقًا فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ، وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَغُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، لِكُلِّ مِئَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ.
38011- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ مَنْزِلُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْحَرَمِ.
38012- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ.
38013- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ الْهَدْيُ دُونَ الْجِبَالِ الَّتِي تَطْلُعُ عَلَى وَادِي الثَّنِيَّةِ، عَرَضَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ، فَرَدُّوا وُجُوهَ بُدْنِهِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَيْثُ حَبَسُوهُ وَهِيَ الْحُدَيْبِيَةُ، وَحَلَقَ وَائْتَسَى بِهِ نَاسٌ فَحَلَقُوا، وَتَرَبَّصَ آخَرُونَ، قَالُوا: لَعَلَّنَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا.
38014- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَلَقَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، إِلاَّ عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ.
38015- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَسْلَمَ، عْن نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ نَاجِيَةَ، قَالَ: لَمَّا كُنَّا بِالْغَمِيمِ لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَبَرَ قُرَيْشٍ، أَنَّهَا بَعَثَتْ خَالِدَ
بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَرِيدَةِ خَيْلٍ، تَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَلْقَاهُ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَعْدِلُنَا عَنِ الطَّرِيقِ ؟ فَقُلْتُ: أَنَا، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِهِمْ فِي طَرِيقٍ قَدْ كَانَ حَزْنٌ؛ بِهَا فَدَافِدٌ وَعِقَابٌ، فَاسْتَوَتْ بِي الأَرْضُ حَتَّى أَنْزَلْتُهُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ نَزَحٌ، قَالَ: فَأَلْقَى فِيهَا سَهْمًا، أَوْ سَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ بَصَقَ فِيهَا، ثُمَّ دَعَا، قَالَ: فَعَادَتْ عُيُونُهَا حَتَّى إِنِّي لأََقُولُ، أَوْ نَقُولُ: لَوْ شِئْنَا لاَغْتَرَفْنَا بِأَقْدَاحِنَا.
38016- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمُ التَّرَحُّمَ ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.
38017- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ أَبِي عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ نَزَلُوا دَهَاسًا مِنَ الأَرْضِ، يَعْنِي بِالدَّهَاسِ الرَّمْلَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ يَكْلَؤُنَا ؟ قَالَ: فَقَالَ بِلاَلٌ: أَنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِذًا نَنَامُ، قَالَ: فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ أُنَاسٌ فِيهِمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفِيهِمْ عُمَرُ، قَالَ: فَقُلْنَا: اهْضِبُوا، يَعْنِي تَكَلَّمُوا، قَالَ: فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ، قَالَ: فَفَعَلْنَا، قَالَ: كَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ، أَوْ نَسِيَ.
قَالَ: وَضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَطَلَبْتُهَا، قَالَ: فَوَجَدْتُ حَبْلَهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِشَجَرَةٍ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَكِبَ فَسِرْنَا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ، قَالَ: فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا، قَالَ: فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ، وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَتَوْنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}.
31- غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ.
38018- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ لَهُمْ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا بَنِي لِحْيَانَ: لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا.
38019- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَوْ عُمَرُ بْنُ أُسَيْدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ عَشْرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّةِ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِئَةَ رَجُلٍ رَامِيًا، فَوَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ حَيْثُ أَكَلُوا التَّمْرَ، فَقَالُوا: هَذِا نَوَى يَثْرِبَ، ثُمَّ اتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، حَتَّى إِذَا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَؤُوا إِلَى جَبَلٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الآخَرُونَ، فَاسْتَنْزَلُوهُمْ وَأَعْطَوْهُمَ الْعَهْدَ، فَقَالَ عَاصِمٌ: وَاللهِ لاَ أَنْزِلُ عَلَى عَهْدِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ نَبِيَّك عَنَّا، وَنَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ دَثِنَةَ الْبَيَاضِيُّ.
32- مَا ذُكِرَ فِي نَجْدٍ، وَمَا نُقِلَ عَنْهَا.
38020- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ، قَالَ: فَأَصَبْنَا نَعَمًا كَثِيرَةً، قَالَ: فَنَفَّلَنَا صَاحِبُنَا الَّذِي كَانَ عَلَيْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِمَا أَصَبْنَا، فَكَانَتْ سُهْمَانُنَا بَعْدَ الْخُمُسِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا ثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا بِالْبَعِيرِ الَّذِي نَفَّلَنَا صَاحِبُنَا، فَمَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى صَاحِبِنَا مَا حَاسَبَنَا بِهِ فِي سُهْمَانِنَا.
38021- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعِيرًا بَعِيرًا.
38022- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُنَفِّلُ مِنَ الْمَغْنَمِ فِي بِدَايَتِهِ الرُّبُعَ، وَفِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ.
38023- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ.
38024- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ الثُّلُثَ.
38025- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ.
38026- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَذَاكَرَ أَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَنَا مَعَهُمَ الأَنْفَالَ، فَأَرْسَلُوا إلَى سَعِيدٌ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَقَالَ: أَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي شَيْئًا، قَالَ: فَأَرْسَلَ سَعِيدٌ غُلاَمَهُ، فَقَالَ: إِنَّ سَعِيدًا يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَرْسَلْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنِ الأَنْفَالِ، وَإِنَّهُ لاَ نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38027- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: حدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيُّ، قَالَ: النَّفَلُ حَقٌّ، نَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
33- غَزْوَةُ خَيْبَرَ.
38028- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: خَيْبَرَ.
38029- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: بَارَزَ عَمِّي يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ، فَقَالَ مَرْحَبٌ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ.
فَقَالَ عَمِّي عَامِرٌ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ.
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَى سَاقِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَلَقِيتُ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالُوا: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبْكِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ قَالَ: مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ: أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ:
حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْجُزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَفِيهِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَسُوقُ الرِّكَابَ، وَهُوَ يَقُولُ:
تَاللهِ لَوْلاَ اللهِ مَا اهْتَدَيْنَا *** وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا *** إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا.
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا *** فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: عَامِرٌ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: غَفَرَ لَك رَبُّك، قَالَ: وَمَا أَسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلاَّ اُسْتُشْهِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، فَقَامَ فَاسْتُشْهِدَ.
قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ، قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ *** كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ.
أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ.
فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
38030- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، قَالَ: فَمَشَيْت أَنَا وَعُثْمَان بْنُ عَفَّانَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَؤُلاَءِ إِخْوَتُك مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، لاَ يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، أَرَأَيْتَ إِخْوَتَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ دُونَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّسَبِ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ.
38031- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ لاَ يُغِيرُ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَسْتَمِعَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ، قَالَ فَأَتَى خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ، فَتَفَرَّقُوا فِي أَرْضِيهِمْ، مَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَفُؤُوسُهُمْ وَمُرُورُهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ: إِنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَسَمَ الْغَنَائِمَ، فَوَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي.
فَقِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصْلِحُهَا، قَالَ: وَلاَ أَعْلَمُ إِلاَّ إِنَّهُ قَالَ: وَتَعْتَدُّ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَرَادَ الشُّخُوصَ، قَالَ النَّاسُ: مَا نَدْرِي اتَّخَذَهَا سُرِّيةً، أَمْ تَزَوَّجَهَا ؟ فَلَمَّا رَكِبَ سَتَرَهَا وَأَرْدَفَهَا خَلْفَهُ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْضَعُوا، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ
إِذَا رَجَعُوا فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَعَثَرَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ، وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَنْظُرْنَ مُشْرِفَاتٍ، فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللَّهُ الْيَهُودِيَّةَ وَأَسْحَقَهَا، فَسَتَرَهَا وَحَمَلَهَا.
38032- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْنَا، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُ أَكْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ.
38033- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَكْرَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، ثُمَّ بَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَخَيَّرَهُمْ.
38034- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ:
حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِحَضْرَةِ خَيْبَرَ، فَزِعَ أَهْلُ خَيْبَرَ، وَقَالُوا: جَاءَ مُحَمَّدٌ فِي أَهْلِ يَثْرِبَ، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ، فَرَدُّوهُ وَكَشَفُوهُ هُوَ وَأَصْحَابَهُ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُجِبْنَ أَصْحَابَهُ وَيُجِبْنَهُ أَصْحَابُهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأُعْطِيَنَّ اللِّوَاءَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ أللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَصَادَرَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَ: فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِالنَّاسِ، قَالَ: فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ وَلَقِيَ مَرْحَبًا الْخَيْبَرِيَّ، وَإِذَا هُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.
إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ *** أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ.
قالَ: فَالْتَقَى هُوَ وَعَلِيٌّ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً عَلَى هَاهَتِهِ بِالسَّيْفِ، عَضَّ السَّيْفُ مِنْهَا بِالأَضْرَاسِ، وَسَمِعَ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ أَهْلُ الْعَسْكَرِ، قَالَ: فَمَا تَتَامَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى فُتِحَ لأَوَّلِهِمْ.
38035- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ مَكَّةَ إِلَى خَيْبَرَ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَفْطَرَ آخَرُونَ، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ.
38036- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَسَمَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَلَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ.
38037- حَدَّثَنَا شَاذَانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: لأَدْفَعَنِ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ بِهِ، قَالَ عُمَرُ: مَا تَمَنَّيْت الإِمْرَةَ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَطَاوَلْتُ لَهَا، قَالَ: فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، قُمَ اذْهَبْ فَقَاتِلْ، وَلاَ تَلْفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْك، فَلَمَّا قَفَّى، كَرِهَ أَنْ يَلْتَفِتَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلاَمَ أُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ: حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَوهَا حَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا.
38038- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، وَالْحَكَمِ، وَعِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا كُنْتُ مَعَنا يَا أَبَا لَيْلَى بِخَيْبَرَ ؟ قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ،
لَقَدْ كُنْت مَعَكُمْ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ فَسَارَ بِالنَّاسِ، فَانْهَزَمَ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ عُمَرَ فَانْهَزَمَ بِالنَّاسِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا، فَدَفَعَ إِلَيَّ الرَّايَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا ؟ قَالَ: فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَ، اكْفِهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، قَالَ: فَمَا آذَانِي بَعْدُ حَرٌّ، وَلاَ بَرْدٌ.
38039- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رُوَيْفِعِ بْن ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ نَحْوَ الْمَغْرِبِ، فَفَتَحْنَا قَرْيَةً، يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ، قَالَ: فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَقُولُ فِيكُمْ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَلاَ يَبِيعَنَّ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَلاَ يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَلاَ يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ حَتَّى إِذَا أَخْلقَهُ رَدَّهُ فِيهِ.
38040- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، فُلاَنٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَلاَّ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا، أَوْ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ.
38041- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ الأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَشْرَجُ بْنُ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ؛ أَنَّهَا غَزَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ خَيْبَرَ سَادِسَةُ سِتِّ نِسْوَةٍ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَبَعَثَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: بِأَمْرِ مَنْ خَرَجْتُنَّ ؟ وَرَأَيْنَا فِيهِ الْغَضَبَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، خَرَجْنَا وَمَعَنَّا دَوَاءٌ نُدَاوِي بِهِ، وَنُنَاوِلُ السِّهَامَ، وَنَسْقِي السَّوِيقَ، وَنَغْزِلُ الشَّعْرَ، نُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَنَا: أَقِمْنَ، فَلَمَّا أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَمَ لَنَا كَمَا قَسَمَ لِلرِّجَالِ.
38042- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنِي عُمَيْرُ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَلَمَّا فَتَحُوهَا أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَيْفًا، فَقَالَ: تَقَلَّدْ هَذَا، وَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِي بِسَهْمٍ.
38043- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ بَرِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدَ الْفَتْحَ غَيْرَنَا.
38044- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ ذَبَحَ النَّاسُ الْحُمُرَ، فَأَغْلُوا بِهَا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبَا طَلْحَةَ، فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فَكُفِئَتِ الْقُدُورُ.
38045- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُغَفَّلٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَالْتَزَمْتُهُ، وَقُلْتُ: هَذَا لاَ أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَبَسَّمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ.
38046- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضَمْرَةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلِيطٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، قَالَ: لَقَدْ أَتَى نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ، وَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي بِهَا، قَالَ: فَكَفَأْنَاهَا عَلَى وُجُوهِهَا.
38047- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَمَكْحُولٌ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الأَهْلِي، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَأَنْ تُوطَأَ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ، وَعَنْ أَنْ تُبَاعَ السِّهَامُ حَتَّى تُقْسَمَ، وَأَنْ تُبَاعَ الثَمَرَةُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَلَعَنَ يَوْمَئِذٍ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ، وَالْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا.
38048- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، وَأَخَذُوا الْحُمُرَ الإِنْسِيَّةِ، فَذَبَحُوهَا وَمَلَؤُوا مِنْهَا الْقُدُورَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ جَابِرٌ: فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِيكُمْ بِرِزْقٍ هُوَ أَحَلُّ مِنْ ذَا وَأَطْيَبُ، فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ تَغْلِي، فَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ لُحُومَ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ وَلُحُومَ الْبِغَالِ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ، وَالْخُلْسَةَ، وَالنُّهْبَةَ.
38049- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عْن عَلِيٍّ، قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللهِ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا أَتَاهَا بَعَثَ عُمَرَ وَمَعَهُ النَّاسُ، إِلَى مَدِينَتِهِمْ، أَوْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنِ انْهَزَمَ عُمَرُ وَأَصْحَابُهُ، فَجَاءَ يُجَبِّنُهُمْ وَيُجَبِّنُونَهُ، فَسَاءَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ، فَتَطَاوَلَ النَّاسُ لَهَا، وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ، يُرُونَهُ أَنْفُسَهُمْ، رَجَاءَ مَا قَالَ، فَمَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا: هُوَ أَرْمَدُ، فَقَالَ: ادْعُوهُ لِي، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، فَتَحَ عَيْنَيَّ، ثُمَّ تَفَلَ فِيهِمَا، ثُمَّ أَعْطَانِي اللِّوَاءَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ سَعْيًا، خَشْيَةَ أَنْ يُحْدِثَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ حَدَثًا، أَوْ فِي، حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَقَاتَلْتُهُمْ، فَبَرَزَ مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ، وَبَرَزْت لَهُ أَرْتَجِزُ كَمَا يَرْتَجِزُ، حَتَّى الْتَقَيْنَا، فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدَي، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، فَتَحَصَّنُوا وَأَغْلَقُوا الْبَابَ، فَأَتَيْنَا الْبَابَ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ.
38050- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو مُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأَدْفَعَنِ الْيَوْمَ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَتَطَاوَلَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَهُ، فَدَعَاهُ فَبَزَقَ فِي كَفَّيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا عَيْنَ عَلِيٍّ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ.
38051- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: لَوْلاَ أَنْ يُتْرُكَ آخَرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُمْ، مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَيْبَرَ سُهْمَانًا، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ جَرِيَّةً تَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَرِهْتُ أَنْ يُتْرُكَ آخِرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُ.
38052- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَبَى رَجُلٌ امْرَأَةً يَوْمَ خَيْبَرَ، فَحَمَلَهَا خَلْفَهُ فَنَازَعَتْهُ قَائِمَ سَيْفِهِ، فَقَتَلَهَا، فَأَبْصَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ.
38053- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَهَى النَّفَرَ الَّذِينَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقِيقِ بِخَيْبَرَ لِيَقْتُلُوهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
34- حَدِيثُ فَتْحِ مَكَّةَ.
38054- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ فَيَدْعُونَا إِلَى رَحْلِهِ، قَالَ: قُلْتُ: أَلاَ أَصْنَعُ لأَصْحَابِنَا فَأَدْعُوهُمْ إِلَى رَحْلِي، قَالَ: فَأَمَرْت بِطَعَامٍ فَصُنِعَ، وَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِّي، فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: أَسَبَقَتْنِي ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ فَهُمْ عِنْدِي، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلاَ أُعَلِّلْكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ؟ قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ.
قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي
كَتِيبَةٍ، قَالَ: فَنَادَانِي، قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ، وَلاَ يَأْتِنِي إِلاَّ أَنْصَارِيٌّ، قَالَ: فَهَتَفْتُ بِهِمْ، قَالَ: فَجَاؤُوا حَتَّى أَطَافُوا بِهِ.
قَالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا، قَالُوا: نُقدِّمَ هَؤُلاَءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيءٌ كُنَا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلأَنْصَارِ حِينَ أَطَافُوا بِهِ: أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى: اُحْصُدُوهُمْ، ثُمَّ ضَرَبَ سُلَيْمَانَ بِحَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى: اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا أَحَدٌ مِنَّا يَشَاءُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلاَّ قَتَلَهُ، وَأَمَّا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لاَ قُرَيْشَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالَ: فَغَلَّقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ، وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَجَعَلَ يَطْعُنْ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}
حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَهَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ، قَالَ: وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ، قَالَ: تَقُولُ الأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ.
قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى يَقْضِيَ، فَلَمَّا قَضَى الْوَحْيُ، قَالُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، قَالُوا: قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَمَا اسَمِي إِذًا ؟ كَلاً إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْت إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ، قَالَ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ، يَقُولُونَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلاَّ لِلضَّنِّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْذُرَانِكُمْ وَيُصَدِّقَانِكُمْ.
38055- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالاَ: كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ هُدْنَةٌ، فَكَانَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ بِمَكَّةَ، فَقَدِمَ صَرِيخٌ لِبَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ:
اللهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا *** حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا *** وَادْعُ عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَدَا.
فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَرَعَدَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إنَّ هَذِهِ لَتَرْعَدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ: جَهِّزِينِي، وَلاَ تُعْلِمَنَّ بِذَلِكَ أَحَدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا، قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ أُجَهِّزَهُ، قَالَ: إلَى أَيْنَ، قَالَتْ: إلَى مَكَّةَ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَذَكَرَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّرِيقِ فَحُبِسَتْ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَغُمَّ لأَهْلِ مَكَّةَ لاَ يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَيْ حَكِيمُ، وَاللهِ لَقَدْ غَمَّنَا وَاغْتَمَمْنَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَرْوٍ، لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا، فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْكَعْبِيُّ مِنْ خُزَاعَةَ: وَأَنَا مَعَكُمْ، قَالاَ: وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَرَكِبُوا حَتَّى إذَا دَنَوْا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرْوٍ أَظْلَمُوا فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ، فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُلَّهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمٍ: مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، جَوَّعَتْهَا الْحَرْبُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لأوَأَبِيك لَبَنُو عَمْرٍو أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَتَكَشَّفَ عَنْهُمَ الأَرَاك، فَأَخَذَهُمْ حَرَسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَرَسِ، فَجَاؤُوا بِهِمْ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: جِئْنَاك بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ: وَاللهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ، قَالَوا: قَدْ وَاللهِ أَتَيْنَاك بِأَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: احْبِسُوهُ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقِيلَ لَهُ: بَايِعْ، فَقَالَ: لاَ أَجِدُ إِلاَّ ذَاكَ، أَوْ شَرًّا مِنْهُ، فَبَايَعَ، ثُمَّ قِيلَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: بَايِعْ، فَقَالَ: أُبَايِعُك، وَلاَ أَخِرُّ إِلاَّ قَائِمًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمَّا مِنْ قَبْلِنَا فَلَنْ تَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا.
فَلَمَّا وَلَّوْا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ، يَعَنْي الشَّرَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ إِلاَّ ابْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ اللَّيْثِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَالْقَيْنَتَيْنِ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُمْ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّوْا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمَرْت بِأَبِي سُفْيَانَ فَحَبَسَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَأَدْرَكَهُ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَجْلِسَ حَتَّى تَنْظُرَ ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلاَّ لِيَرَى ضَعْفَةً فَيَسْأَلَهُمْ، فَمَرَّتْ جُهَيْنَةُ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ جُهَيْنَةُ، قَالَ: مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ ؟ وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ، ثُمَّ مَرَّتْ مُزَيْنَةُ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ مُزَيْنَةُ، قَالَ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ، وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ، ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ،
مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ سُلَيْمٌ، قَالَ: ثُمَّ جَعَلَتْ تَمُرُّ طَوَائِفُ الْعَرَبِ، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ فَيَسْأَلُ عَنْهَا فَيُخْبِرُهُ الْعَبَّاسُ.
حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ، فِي لأمةٍ تَلْتَمِعُ الْبَصَرَ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ، قَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك عَظِيمَ الْمُلْكِ، قَالَ: لاَ وَاللهِ، مَا هُوَ بِمُلْكٍ، وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ، وَكَانُوا عَشَرَةَ آلاَفٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
قَالَ: وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الرَّايَةَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَدَفَعَهَا سَعْدٌ إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَكِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَسَبَقَ النَّاسَ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ، قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ: مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ: وَرَائِي الدَّهْمُ، وَرَائِي مَا لاَ قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، وَرَائِي مَنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقْتَحِمُونَ دَارَهِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَوَقَفَ بِالْحَجُونِ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي الْخَيْلِ فِي أَعْلَى الْوَادِي، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي الْخَيْلِ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَإِنِّي وَاللهِ لَوْ لَمْ أُخْرَجْ مِنْك مَا خَرَجْتُ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ لاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْتَشُّ حَبْلُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ
ضَالَّتَهَا إِلاَّ مُنْشِدٌ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: شَاهٌ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا وَقُيُونِنَا، أَوْ لِقُيُونِنَا وَقُبُورِنَا.
فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَوُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَوَجَدُوهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَادَرَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ نُمَيْلَةُ: خَلُّوا عَنْهُ، فَوَاللهِ لاَ يَدْنُو مِنْهُ رَجُلٌ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا حَتَّى يَبْرُدَ، فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فَحَمْلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَفَلَقَ بِهِ هَامَتَهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَفْخَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْبَيْتِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَالَ: أَيْ عُثْمَان، أَيْنَ الْمِفْتَاحُ ؟ فَقَالَ: هُوَعِنْدَ أُمِّي سُلاَفَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: لاَ وَاللاَتِ وَالْعُزَّى، لاَ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ أَبَدًا، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَيْرُ الأَمْرِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ، فَإِنَّك إِنْ لَمْ تَفْعَلِي قُتِلْتُ أَنَا وَأَخِي، قَالَ: فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ وِجَاهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، عُثِرَ فَسَقَطَ الْمِفْتَاحُ مِنْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَحْنَى عَلَيْهِ ثَوْبَهُ، ثُمَّ فَتْحَ لَهُ عُثْمَان، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْكَعْبَةَ، فَكَبَّرَ فِي زَوَايَاهَا وَأَرْجَائِهَا، وَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ صَلَّى بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ،
فَقَالَ عَلِيٌّ: فَتَطَاوَلْت لَهَا وَرَجَوْت أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا الْمِفْتَاحَ، فَتَكُونُ فِينَا السِّقَايَةُ وَالْحِجَابَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيْنَ عُثْمَان ؟ هَاكُمْ مَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ.
ثُمَّ رَقَى بِلاَلٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ: مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَوا: بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ، قَالَ: عَبْدُ أَبِي بَكْرٍ الْحَبَشِيُّ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، قَالَ: أَيْنَ ؟ قَالَوا: عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، قَالَ: عَلَى مَرْقِبَةِ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ ؟ قالَوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا يَقُولُ ؟ قَالَوا: يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبَا خَالِدٍ عَنْ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ، يَعَنْي أَبَاهُ، وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمُشْرِكِينَ.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى حُنَيْنٍ، وَجَمَعَتْ لَهُ هَوَازِنُ بِحُنَيْنٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَهُزِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ اللَّهُ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ دَابَّتِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ شِئْت لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ، شَاهَتِ الْوُجُوهُ، ثُمَّ رَمَاهُمْ بِحَصْبَاءَ كَانَتْ فِي يَدِهِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم السَّبْيَ وَالأَمْوَالَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ شِئْتُمْ فَالْفِدَاءُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَالسَّبْيُ، قَالُوا: لَنْ نُؤْثِرَ الْيَوْمَ عَلَى الْحَسَبِ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِذَا خَرَجْتُ فَاسْأَلُونِي، فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمُ الَّذِي لِي، وَلَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيَّ أَحَدٌّ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَاحُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي لِي فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلاَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا الَّذِي لِي فَإِنِّي لاَ أُعْطِيهِ، قَالَ: أَنْتَ عَلَى حَقِّكَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصَارَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ عَوْرَاءُ.
ثُمَّ حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ الطَّائِفِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، دَعَنْي فَأَدْخُلْ عَلَيْهِمْ، فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، قَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوك، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مِثْلُهُ فِي قَوْمِهِ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: خُذُوا مَوَاشِيَهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ، جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، قَالَ أَنَسٌ: حَتَّى انْتَزَعُوا رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَأَبْدَوْا عَنْ مِثْلِ فِلْقَةَ الْقَمَرِ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، لاَ أَبَا لَكُمْ، أَتَبْخَلُونَنِي، فَوَاللهِ أَنْ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا إِبِلاً وَغَنَمًا لأَعْطَيْتُكُمُوهُ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَئِذٍ مِئَةً مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى النَّاسَ.
فَقَالَتِ الأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بَي ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك،
قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاك، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: جِئْتنَا عَائِلاً فَآسَيْنَاك، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، قَالَ: أَفَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا: بَلَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: النَّاسُ دِثَارٌ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ.
وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَقَالَ: اُكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً، قَالَ: إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَك مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ قَوْمُهُ: اُكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً، فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ، فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا، فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ، مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ: إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا، فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا.
38056- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي السَّوَادِءِ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.
38057- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ مَكَّةَ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ، فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ، فَكَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ، فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ، وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ، فَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ، وَقَتَلُوا فِيهُمْ، فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا، فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ: اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ.
فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَتِهِ، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، أَوَ قَالَ: بَيْنَ قَوْمِكَ، قَالَ: لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ، الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ: لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ، أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ.
ثُمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنَقَضْتُمْ ؟ فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلاَهُ اللَّهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا، أَوْ مَتِينًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهِدَ عَشِيرَةٍ، ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، هَلْ لَك فِي أَمْرٍ تَسُودِينَ فِيهِ نِسَاءَ قَوْمِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا نَحْوًا مِمَاْ ذَكَرَ لأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَيْسَ الأَمْرُ إِلَي، الأَمْرُ إِلَى اللهِ
وَإِلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَضَلَّ، أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، وَقَالَ: قَدْ أَجْرَتُ النَّاسَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَافِدَ قَوْمٍ، وَاللهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ، وَلاَ أَتَيْتَنَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ، ارْجِعْ.
قَالَ: وَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ، وَدَعَا إِلَى النُّصْرَةِ، وَأَنْشَدَهُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
لاَهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا *** حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا.
وَوَالِدًا كُنْتَ وَكُنَّا وَلَدًا *** إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا.
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُؤَكَّدَا *** وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءٍ رُصَّدَا.
وَزَعَمْتْ أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدًا
... فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا.
وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا *** نَتْلُو الْقُرْآنَ رُكَّعًا وَسُجَّدًا.
ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدًا *** فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا أَعْتَدَا.
وَابْعَثْ جُنُودَ اللهِ تَأْتِي مَدَدًا *** فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا *** إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا.
قالَ حَمَّادٌ: هَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ، وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أسْحَاقَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
قَالَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَتَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّة *** رِجَالُ بَنِي كَعْبٍ تُحَزَّ رِقَابُهَا.
وَصَفْوَانُ عُودٌ حُزَّ مِنْ وَدَقٍ اسْتِهِ
... فَذَاكَ أَوَانُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا.
فَلاَ تَجْزَعَنْ يَابْنَ أَمِّ مُجَالِدٍ *** فَقَدْ صَرَّحَتْ صِرْفًا وأََعَصل نَابهَا.
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَنَالَنَّ مَرَّةً *** سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو حَوْبَهَا وَعِقَابَهَا.
قالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ، فَارْتَحَلُوا، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا مَرًّا، قَالَ: وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ مَرًّا لَيْلاً، قَالَ: فَرَأَى الْعَسْكَرَ وَالنِّيرَانَ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ فَقِيلَ: هَذِهِ تَمِيمٌ، مَحَّلَتْ بِلاَدَهَا فَانْتَجَعَتْ بِلاَدَكُمْ، قَالَ: وَاللهِ، لَهَؤُلاَءِ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ مِنًى، أَوْ قَالَ: مِثُلُ أَهْلِ مِنًى، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: دُلُّونِي عَلَى الْعَبَّاسِ، فَأَتَى الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِاللاَتِ وَالْعُزَّى ؟.
قَالَ أَيُّوبُ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَلِيلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْقُبَّةِ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ: إِخْرَ عَلَيْهَا، أَمَّا وَاللهِ أَنْ لَوْ كُنْت خَارِجًا مِنَ الْقُبَّةِ مَا قُلْتهَا أَبَدًا.
قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَوا: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، وَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارَ النَّاسُ لِطَهُورِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَا لِلنَّاسِ ؟ أُمِرُوا بِشَيْءٍ ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: فَأَمَرَهُ الْعَبَّاسُ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الصَّلاَةَ كَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُمْ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَلاَ فَارِسَ الأَكارِمَ، وَلاَ الرُّومَ ذَاتَ الْقُرُونِ، بِأَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ.
قَالَ حَمَّادٌ: وَزَعَمَ يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك وَاللهِ عَظِيمَ الْمُلْكِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُلْكٍ وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ: أَوْ ذَاكَ، أَوْ ذَاكَ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ، قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُهُمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَمَّنْتُهُمْ، وَجَعَلْتَ لأَبِي سُفْيَانَ شَيْئًا يُذْكَرُ بِهِ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ، فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الشَّهْبَاءَ وَانْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، فَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ، دَعَاهُمْ إِلَى اللهِ فَقَتَلُوهُ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لأَضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا.
فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، قَدَ اسْتَبْطِنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَاذِلٍ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ: هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ، وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ، وَخَالِدٌ مَا خَالِدٌ ؟ وَخُزَاعَةُ الْمُجَدَّعَةُ الأُنُوفِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلاَحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَتَرَامَوْا بِشَيْءٍ مِنَ النَّبْلِ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، فَذَكَرَ أَرْبَعَةً: مِقْيَسَ بْنَ صَبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ، وَابْنَ خَطَلٍ، وَسَارَةَ مَوْلاَةَ بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ حَمَّادٌ: سَارَةُ، فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ: قَالَ: فَقَتَلَهُمْ خُزَاعَةُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، أَتَخْشَوْنَهُمْ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمَ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ، وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قَالَ: خُزَاعَةُ، {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} قَالَ: خُزَاعَةُ، {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}قَالَ: خُزَاعَةُ.
38058- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي إِسْحَاقَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَسَايَرَنَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ: كَيْفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ رَعَدَتْ
هَذِهِ السَّحَابَةُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ؟ فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ: لَقَدْ فَصَلَتْ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْنَا رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى خُزَاعَةَ، وَكَتَبْتُهَا يَوْمَئِذٍ، كَانَ فِيهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بُدَيْلٍ، وَبُسْرٍ، وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ، الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، أَمَّا بَعْدَ ذَلِكُمْ: فَإِنِّي لَمْ آثَمْ بَإِلَّكُمْ، وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ، وَإِنَّ أَكْرَمَ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَيَّ أَنْتُمْ، وَأَقْرَبَهُ رَحِمًا، وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ، وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ لِنَفْسِي، وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ غَيْرَ سَاكِنِ مَكَّةَ، إِلاَّ مُعْتَمِرًا، أَوْ حَاجًّا، وَإِنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ إِنْ سَلِمْتُمْ، وَإِنَّكُمْ غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ قِبَلِي، وَلاَ مُحْصَرِينَ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاَثَةَ، وَابْنُ هَوْذَةَ، وَبَايَعَا وَهَاجَرَا عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُمَا مِنْ عِكْرِمَةَ، وَأَخَذَ لِمَنْ تَبِعَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا كَذَبْتُكُمْ، وَلِيُحْيِّكُمْ رَبُّكُمْ.
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: هَؤُلاَءِ خُزَاعَةُ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِي، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ نُزُولٌ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَمَكَّةَ، وَلَمْ يُسْلِمُوا حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانُوا حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38059- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حدَّثَنَا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: كُفُّوا السِّلاَحَ، إِلاَّ خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ، فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّوْا الْعَصْرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: كُفُّوا السِّلاَحَ، فَلَقِيَ مِنَ الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلاً مِنْ بَنِي بَكْرٍ فَقَتَلَهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ.
38060- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، وَفِي الْبَيْتِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكُبَّتْ كُلُّهَا لِوُجُوهِهَا، ثُمَّ قَالَ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
الْبَيْتَ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، فَرَأَى فِيهِ تِمْثَالَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ جَعَلُوا فِي يَدِ إِبْرَاهِيمَ الأَزْلاَمَ يَسْتَقْسِمُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَاتَلَهُمَ اللَّهُ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِزَعْفَرَانٍ، فَلَطَّخَهُ بِتِلْكَ التَّمَاثِيلِ.
38061- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} {جَاءَ الْحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}.
38062- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ، عْن عَلِيٍّ، قَالَ: انْطَلَقَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى أَتَى بِي الْكَعْبَةَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ الْكَعْبَةِ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى مَنْكِبَيْ، ثُمَّ قَالَ لِي: انْهَضْ بِي، فَنَهَضْتُ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفِي تَحْتَهُ، قَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ فَنَزَلَ عَنِّي، وَجَلَسَ لِي، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَي، فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ نَهَضَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا نَهَضَ بِي خُيِّلَ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ نِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ، فَصَعِدْتُ عَلَى
الْكَعْبَةِ، وَتَنَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لِي: أَلْقِ صَنَمَهُمْ الأَكْبَرِ، صَنَمِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ مَوْتُودًا بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: عَالِجْهُ، فَجَعَلْتُ أُعَالِجُهُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ لِي: إِيهٍ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: اقْذِفْهُ، فَقَذَفْتُهُ وَنَزَلْتُ.
38063- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي الْبَيْتِ، وَفِي أَيْدِيهِمَا الْقِدِاحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا لإِبْرَاهِيمَ وَلِلْقِدِاحِ ؟ وَاللهِ مَا اسْتَقْسَمَ بِهَا قَطُّ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ وَمَحَى بِهِ صُوَرَهُمَا.
38064- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالأَنْصَابُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُكَفؤهَا لِوُجُوهِهَا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَطِيبًا، فَقَالَ: أَلاَ إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، غَيْرَ أَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ
النَّهَارِ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ أَنْ تُعَرَّفَ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، إِلاَّ الإِذْخِرَ، لِصَاعَتِنَا وَبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ: إِلاَّ الإِذْخِرَ، إِلاَّ الإِذْخِرَ.
38065- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْكَعْبَةَ، فَرَأَى فِي الْبَيْتِ صُورَةً، فَأَمَرَنِي فَأَتَيْتُهُ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ تِلْكَ الصُّورَةَ وَيَقُولُ: قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمًا يُصَوِّرُونَ مَا لاَ يَخْلُقُونَ.
38066- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لاَ تُغْزَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
38067- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ، عنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا.
38068- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.
فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ.
وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لأَهْلِ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللهِ لَئِنْ لَمْ يُنْجِينِي فِي الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ مَا يُنْجِينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَك عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَنْ آتِي مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدَيْ فِي يَدِهِ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، قَالَ: فَجَاءَ فَأَسْلَمَ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عَنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلاَثِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ ؟ قَالَوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلاَ أَوْمَأْت إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟ قَالَ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ.
38069- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ نَزَعَهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اُقْتُلُوهُ.
38070- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ؛ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ.
38071- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ ثَمَانِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سِلْمًا، فَعَفَا عَنْهُمْ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
38072- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ، تَعَنِي ضَفَائِرَ.
38073- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
38074- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ (ح) وَعَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَهَا وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِشُقَّةِ بُرْدٍ أَسْوَدَ، فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ، وَفِي يَدِهِ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الأَرْكَانَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا وَجَدْنَا لَهَا مُنَاخًا فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ، ثُمَّ خُرِجَ بِهَا حَتَّى أُنِيخَتْ فِي الْوَادِي، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمْ عُِبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظَّمَهَا بِآبَائِهَا، النَّاسُ رَجُلاَنِ: فَبَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَكَافِرٌ شَقِيٌّ
هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
قَالَ: ثُمَّ عَدَلَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَأُتِيَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَغَسَلَ مِنْهَا وَجْهَهُ، مَا تَقَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ إِلاَّ فِي يَدِ إِنْسَانٍ، إِنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا يَحْسُوهَا حَسَاهَا، وَإِلاَّ مَسَحَ بِهَا، وَالْمُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مَلِكًا قَطَّ أَعْظَمَ مِنَ الْيَوْمِ، وَلاَ قَوْمًا أَحْمَقَ مِنَ الْيَوْمِ.
ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً، فَرَقَيَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَذَّنَ بِالصَّلاَةِ، وَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَتَجَرَّدُوا فِي الأُزُرِ، وَأَخَذُوا الدِّلاَءَ، وَارْتَجَزُوا عَلَى زَمْزَمَ يَغْسِلُونَ الْكَعْبَةَ، ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا، فَلَمْ يَدَعُوا أَثَرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلاَّ مَحَوْهُ، أَوْ غَسَلُوهُ.
38075- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالاَ: وَكَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِئَة وَثَنٍ عَلَى الصَّفَا، وَعَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمٌ، وَمَا بَيْنَهُمَا مَحْفُوفٌ بِالأَوْثَانِ، وَالْكَعْبَةُ قَدْ أُحِيطَتْ بِالأَوْثَانِ، قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَعَهُ قَضِيبٌ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الأَوْثَانِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَيَتَسَاقَطَ، حَتَّى أَتَى إِسَافًا وَنَائِلَةَ، وَهُمَا قُدَّامَ الْمَقَامِ، مُسْتَقْبِلٌ بَابَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: عَفِّرُوهُمَا، فَأَلْقَاهُمَا الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: قُولُوا، قَالَوا: مَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: قُولُوا: صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ.
38076- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلاً مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلاَّ مُنْشِد، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ أَهْلَ الْقَتِيلِ.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاهٍ، فَقَالَ: اُكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اُكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِلاَّ الإِذْخِرَ.
38077- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدُّؤَلِ بْنِ بَكْرٍ: لَوَدِدْت أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَسَمِعْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْطَلِقْ مَعِي، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنِي خُزَاعَةُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَعَرَفَهُ فَضَرَبَ بَطْنَهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَنِي، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَرَّمَ مَكَّةَ، لَيْسَ النَّاسُ حَرَّمُوهَا، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَهِيَ بَعْدُ حَرَمٌ، وَإِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ ثَلاَثَةٌ: مَنْ قَتَلَ فِيهَا، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلٍ، أَوْ طَلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلأَدِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَحَدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، فَقُلْتُ: أَعْدَى اللَّهَ، فَقَالَ: أَعْدَى.
38078- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ لَمَّا جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ، فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا ؟ قَالَ، نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
38079- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَذِهِ حَرَمٌ، يَعَنْي مَكَّةَ، حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَوَضَعَ هَذَيْنِ الأَخْشَبَيْنِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ ترْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ صَبْرَ لَهُمْ عَنِ الإِذْخِرِ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُنْيَانِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِلاَّ الإِذْخِرَ.
38080- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ صَعِدَ بِلاَلٌ الْبَيْتَ فَأَذَّنَ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَقَالَ الْحَارِثُ: إِنْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ يُغَيِّرْهُ.
38081- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ بِلاَلاً أَذَّنَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَوْقَ الْكَعْبَةِ.
38082- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِثَمَانِيَةِ آلاَفٍ، أَوْ عَشَرَةِ آلاَفٍ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ.
38083- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَتْ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، قَالَتْ: فَخَبَّأْتُهُمَا فِي بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّهُمَا، قَالَتْ: فَأَغْلَقْت الْبَابَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي جَفْنَةٍ، إِنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ.
فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ غُسْلِهِ، أَخَذَ ثَوْبًا فَتَوَشَّحَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِأُمِّ هَانِئٍ، مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُمَا، فَقَالَ: لاَ، قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ.
38084- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: النَّاسُ حَيِّزٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ، وَقَالَ:
لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ . فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: كَذَبْتَ، وَعَنْدَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَهُمَا قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاك، وَلَكِنْ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عِرَافَةِ قَوْمِهِ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، فَسَكَتَا، فَرَفَعَ مَرْوَانُ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ، قَالاَ: صَدَقَ.
38085- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.
38086- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: جِئْتُ بِأَبِي يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا يُبَايِعُك عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.
38087- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ بْن أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.
38088- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَا وَأَخِي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا، فَقُلْتُ: عَلاَمَ نُبَايِعُك يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ، قَالَ: فَلَقِيتُ أَخَاهُ فَسَأَلْتُهُ ؟ فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ.
38089- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَامَ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38090- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَقَامَ حَيْثُ فَتَحَ مَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، يَقْصُرُ الصَّلاَةَ حَتَّى سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ.
38091- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةً.
38092- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا جَمِيعًا، فَلَمَّا تَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيئًا، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يُفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يُفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ.
38093- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مَكْحُولٌ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ تَلَقَّتْهُ الْجِنُّ بِالشَّرَرِ يَرْمُونَهُ، فَقَالَ جِبْرَائِيلُ: تَعَوَّذْ يَا مُحَمَّدُ، فَتَعَوَّذَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ
فَدُحِرُوا عَنْهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ، الَّتِي لاَ يُجَاوِزهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا بُثَّ فِي الأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ.
38094- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى اللاَتِ، فَقَالَ:
يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ
إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ.
38095- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، دَعَا شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ بِالْمِفْتَاحِ، مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ، فَتَلَكَّأَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: قُمْ فَاذْهَبْ مَعَهُ، فَإِنْ جَاءَ بِهَا وَإِلاَّ فَاجْلِدْ رَأْسَهُ، قَالَ: فَجَاءَ بِهَا، قَالَ: فَأَجَالَهَا فِي حَجَرِهِ وَشَيْبَةُ قَائِمٌ، قَالَ: فَبَكَى شَيْبَةُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَاكَ فَخُذْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ لَكُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ.
38096- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.
38097- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ.
38098- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ أَنْ تُطْمَسَ التَّمَاثِيلُ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ.
38099- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اعْتَمَرَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ، وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ: مَنْ حَجَّ الْعَامَ فَهُوَ آمِنٌ، وَلاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكَ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
38100- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالأَصْنَامِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهَا تُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَالْجُلُودُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا ؟ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، أَخَذُوهَا فَجَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا.
38101- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزْهَرِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ، وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيد، فَأُتِيَ بِشَارِبٍ، فَأَمَرَهُمْ فَضَرَبُوهُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَ بِالسَّوْطِ، وَبِالنَّعْلِ، وَبِالْعِصِي، وَحَثَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم التُّرَابَ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ: كَمْ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الَّذِي ضَرَبَ ؟ فَحزَّرَهُ أَرْبَعِينَ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ.
38102- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ، ابْنِ أَخِي يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ يَعْلَى، قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ، فَقَدَ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ.
38103- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ السَّائِبِ؛ أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْلَ الإِسْلاَمِ فِي التِّجَارَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَتَاهُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي كَانَ لاَ يُدَارِي، وَلاَ يُمَارِي يَا سَائِبُ، قَدْ كُنْت تَعْمَلُ أَعْمَالاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لاَ تُتَقَبَّلُ مِنْك، وَهِيَ الْيَوْمُ تُتَقَبَّلُ مِنْك . وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصِلَةٍ.
38104- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وَدَخَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ تَقْتُلَنَّ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ لاَ أَصْنَعَ إِلاَّ الَّذِي صَنَعْتُ.
38105- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: مُحَمَّدُ (بْنُ عَبَّادِ) بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْفَتْحِ، فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عِيسَى، أَوْ مُوسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ.
38106- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَجَلَسَ عِنْدَ بَابِهَا، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ وَحْدَهُ لَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَدْعُوَهُ، قَالَ: اُدْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ، قَالَ: فَجَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلاً، ثُمَّ أَمَرَهُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: اُدْعُ لِي عُمَرَ، فَجَاءَ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ فَنَاجَاهُ طَوِيلا، فَرَفَعَ عُمَرُ صَوْتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، هُمَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّك سَاحِرٌ، وَأَنَّك كَاهِنٌ، وَأَنَّك كَذَّابٌ، وَأَنَّك مُفْتَرٍ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَهُ إِلاَّ ذَكَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ.
ثُمَّ دَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمِثْلِ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ فِي اللهِ مِنَ الدُّهْنِ فِي اللَّبَنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ نُوحًا كَانَ أَشَدَّ
فِي اللهِ مِنَ الْحَجَرِ، وَإِنَّ الأَمْرَ أَمْرُ عُمَرَ، فَتَجَهَّزُوا، فَقَامُوا فَتَبِعُوا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَسْأَلَ عُمَرَ، مَا هَذَا الَّذِي نَاجَاك بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قَالَ: قَالَ لِي: كَيْفَ تَأْمُرُونِي فِي غَزْوِ مَكَّةَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ قَوْمُك، قَالَ: حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُطِيعُنِي، قَالَ: ثُمَّ دَعَا عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، حَتَّى ذَكَرَ كُلَّ سُوءٍ كَانُوا يَذْكُرُونَهُ، وَأَيْمُ اللهِ لاَ تَذِلُّ الْعَرَبُ حَتَّى يَذِلَّ أَهْلُ مَكَّةَ، فَأَمُرَكُمْ بِالْجِهَادِ لِتَغْزُوا مَكَّةَ.
35- مَا ذَكَرَوا فِي الطَّائِفِ.
38107- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ مُرَّةُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُغْدُوَا عَلَى الْقِتَالِ، فَغَدَوْا، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38108- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ جَبْرٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ، فَحَاصَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ، أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ فَلَمْ يَفْتَتِحْهَا، ثُمَّ أَوْغَلَ رَوْحَةً، أَوْ غَدْوَةً، فَنَزَلَ، ثُمَّ هَجَّرَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، فَأُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْرًا، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَلتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً مِنِّي، أَوْ كَنَفْسِي، فَلَيَضْرِبَنَّ أعَنْاقَ مُقَاتِلَتِهِمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ، قَالَ: فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: هَذَا.
38109- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَجَاءَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَ اهْدِ ثَقِيفًا، مَرَّتَيْنِ.
قَالَ: وَجَاءَتْهُ خَوْلَةُ، فَقَالَ: إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّ بِنْتَ خُزَاعَةَ ذَاتُ حُلِيٍّ، فَنَفِّلَنِّي حُلِيَّهَا إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْك الطَّائِفَ غَدًا، قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَنَا فِي قِتَالِهِمْ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ، نُرَاهُ عُمَرَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مُقَامُك عَلَى قَوْمٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَك فِي قِتَالِهِمْ ؟ قَالَ: فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَنَزَلَ الْجِعْرَانَةَ
، فَقَسَّمَ بِهَا غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
38110- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ، قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الطَّائِفِ كُلَّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ رَقِيقِ الْمُشْرِكِينَ.
38111- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ غُلاَمَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمَا، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرَةَ، فَكَانَا مَوْلَيَيْهِ.
38112- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُحَاصِرًا وَادِيَ الْقُرَى.
38113- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، يَدْعُو عَلَيْهِمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ.
38114- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ، أَحَدِ بَنِي سُوَاءَةَ، يُقَالُ لَهُ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَيَّةَ، قَالَ: أُصِيبَ رَجُلاَنِ يَوْمَ الطَّائِفِ، قَالَ: فَحُمِلاَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَأُخْبِرَ بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا أَنْ يُدْفَنَا حَيْثُ أُصِيبَا وَلُقِيَا.
38115- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بِالنَّبَاةِ، أَوْ بِالنَّبَاوَةِ، وَالنَّبَاوَةُ مِنَ الطَّائِفِ: تُوشِكُونَ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَخِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ، قَالَوا: بِمَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ.
38116- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا: مَا رَأَيْتُ الْمَلَكَ مُنْذُ نَزَلْتُ مَنْزِلِي هَذَا، قَالَ: فَانْطَلَقَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ، فَحَدَّثَتْ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهَا، فَقَالَ: صَدَقَتْ، فَأَشَارَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ، فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38117- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ حُنَيْنٍ بَعْدَ الطَّائِفِ، قَالَ: أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ، وَعَارٌ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ الْخُمُسَ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَعَرَةً مِنْ بَعِيرٍ، فَقَالَ: مَا لِي مِنْ مَالِكُمْ هَذَا إِلاَّ الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ.
38118- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنَ الطَّائِفِ نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ، فَقَسَّمَ بِهَا الْغَنَائِمَ، ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْهَا، وَذَلِكَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ.
38119- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ مَلَكَ يَوْمَ الطَّائِفِ خَالاَتٍ لَهُ، فَأُعْتِقْنَ بِمِلْكِهِ إِيَّاهُنَّ.
36- مَا حَفِظْتُ فِي بَعْثِ مُؤْتَةَ.
38120- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ إِلَى مُؤْتَةَ، فَاسْتَعْمَلَ زَيْدًا، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ، فَتَخَلَّفَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَجَمَّعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ ؟ قَالَ: أَجْمِّعُ مَعَك، قَالَ: لَغَدْوَةٌ، أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
38121- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَيْشَ الأُمَرَاءِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ
أَنْ تَسْتَعْمِلَ عَلَيَّ زَيْدًا، فَقَالَ: امْضِ، فَإِنَّك لاَ تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ.
فَانْطَلَقُوا، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ: الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: ثَابَ خَيْرٌ، ثَابَ خَيْرٌ، ثَلاَثًا، أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي، انْطَلَقُوا فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، اشْهَدُوا لَهُ بِالشَّهَادَةِ، وَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأُمَرَاءِ، هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ، فَمِنْ يَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللهِ الْمَسْلُولَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: انْفِرُوا، فَأَمِدُّوا إِخْوَانَكُمْ، وَلاَ يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَنَفَرُوا مُشَاةً وَرُكْبَانًا، وَذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ.
فَبَيْنَمَا هُمْ لَيْلَةً مُمَايَلِينُ عَنِ الطَّرِيقِ، إِذْ نَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، فَسَارَ أَيْضًا ثُمَّ نَعَسَ حَتَّى مَالَ عَنِ الرَّحْلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَّمْتُهُ بِيَدَيْ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ يَدِ رَجُلٍ اعْتَدَلَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوِ الثَّالِثَةِ، قَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ قَدْ شَقَقْتُ عَلَيْك مُنْذُ اللَّيْلَةِ، قَالَ: قُلْتُ: كَلاَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَلَكِنْ أَرَى الْكَرَى أَو النُّعَاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْك، فَلَوْ عَدَلْتَ فَنَزَلْتَ
حَتَّى يَذْهَبَ كَرَاكَ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُخْذَلَ النَّاسُ، قَالَ: قُلْتُ: كَلاَ، بِأَبِي وَأُمِّي.
قَالَ: فَابْغِنَا مَكَانًا خَمِيرًا، قَالَ: فَعَدَلْتُ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا أَنَا بِعُقْدَةٍ مِنْ شَجَرٍ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ عُقْدَةٌ مِنْ شَجَرٍ قَدْ أَصَبْتُهَا، قَالَ: فَعَدَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَعَدَلَ مَعَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ، فَنَزَلُوا وَاسْتَتَرُوا بِالْعُقْدَةِ مِنَ الطَّرِيقِ، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلاَّ بِالشَّمْسِ طَالِعَةً عَلَيْنَا، فَقُمْنَا وَنَحْنُ وَهِلِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُوَيْدًا رُوَيْدًا، حَتَّى تَعَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ يُصَلِّي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ فَلْيُصَلِّهِمَا، فَصَلاَهُمَا مَنْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا، وَمَنْ كَانَ لاَ يُصَلِّيهِمَا.
ثُمَّ أَمَرَ فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَصَلَّى بِنَا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: إِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ، أَنا لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا يَشْغَلُنَا عَنْ صَلاَتِنَا، وَلَكِنْ أَرْوَاحَنَا كَانَتْ بِيَدِ اللهِ، أَرْسَلَهَا أَنَّى شَاءَ، أَلاَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الصَّلاَةُ مِنْ عَبْدٍ صَالِحٍ فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا.
قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْعَطَشُ، قَالَ: لاَ عَطَشَ، يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَرِنِي الْمَيْضَأَةَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَجَعَلَهَا فِي ضِبْنِهِ، ثُمَّ الْتَقَمَ فَمَهَا، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَفَثَ فِيهَا، أَمْ لاَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَرِنِي الْغُمَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَأَتَيْته بِقَدَحٍ بَيْنَ الْقَدَحَيْنِ، فَصَبَّ فِيهِ، فَقَالَ: اسْقِ الْقَوْمَ، وَنَادَى
رَسُولُ اللهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ: أَلاَ مَنْ أَتَاهُ إِنَاؤُهُ فَلْيَشْرَبْهُ، فَأَتَيْتُ رَجُلاً فَسَقَيْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ الَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى سَقَيْتُ أَهْلَ تِلْكَ الْحَلْقَةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِفَضْلَةِ الْقَدَحِ، فَذَهَبْتُ فَسَقَيْتُ حَلْقَةً أُخْرَى، حَتَّى سَقَيْت سَبْعَةَ رُفَقٍ.
وَجَعَلْتُ أَتَطَاوَلُ، أَنْظُرُ هَلْ بَقِيَ فِيهَا شَيْءٌ، فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْقَدَحِ، فَقَالَ لِي: اشْرَبْ، قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي لاَ أَجِدُ بِي كَثِيرَ عَطَشٍ، قَالَ إِلَيْك عَنِّي، فَإِنِّي سَاقِي الْقَوْمَ مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ: فَصَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ صَبَّ فِي الْقَدَحِ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا.
ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى الْقَوْمَ صَنَعُوا حِينَ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، وَأَرْهَقَتْهُمْ صَلاَتُهُمْ ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَيْسَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ إِنْ يُطِيعُوهُمَا فَقَدْ رَشَِدُوا، وَرَشَِدَتْ أُمُّتُهُمْ، وَإِنْ يَعْصُوهُمَا فَقَدْ غَوَوْا وَغَوَتْ أُمُّتُهُمْ، قَالَهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ سَارَ وَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، إِذَا نَاسٌ يَتَّبِعُونَ ظِلاَلَ الشَّجَرَةِ، فَأَتَيْنَاهُمْ، فَإِذَا نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُمْ: كَيْفَ صَنَعْتُمْ حِينَ فَقَدْتُمْ نَبِيَّكُمْ، وَأَرْهَقَتْكُمْ صَلاَتُكُمْ ؟ قَالَوا: نَحْنُ وَاللهِ نُخْبِرُكُمْ، وَثَبَ عُمَرُ، فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {إِنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}
وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ تَوَفَّى نَبِيَّهُ، فَقُمْ فَصَلِّ وَانْطَلِقْ، إِنِّي نَاظِرٌ بَعْدَك وَمُتلوِّمٌ، فَإِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا وَإِلاَّ لَحِقْتُ بِكَ، قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ.
38122- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ؛ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، فَذَكَرَ مِنْ بُكَاءَهُنَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَنْهَاهُنَّ.
38123- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ زَعَمَ؛ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ بِالْبَلْقَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُمَّ اُخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ بِأَفْضَلَ مَا خَلَفْت عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
38124- حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، يَقُولُ: لَقَدَ انْدَقَّ فِي يَدَيْ يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا صَبَرَتْ فِي يَدِي إِلاَّ صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ.
38125- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَعَى الثَّلاَثَةَ الَّذِينَ قُتِلُوا بِمُؤْتَةِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِمْ.
38126- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ حُزْنُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مَعَ زَيْدٍ يَوْمَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَيُدْرِكَنَّ الْمَسِيحَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَقْوَامٌ، إِنَّهُمْ لَمِثْلُكُمْ، أَوْ خَيْرٌ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلَنْ يُخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً، أَنَا أَوَّلُهَا وَالْمَسِيحُ آخِرُهَا.
38127- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَتَتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ، عَرَفْنَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْحُزْنَ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النِّسَاءَ يَبْكِينَ، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَيْهِنَّ فَأَسْكِتْهُنَ، فَإِنْ أَبَيْنَ فَاحْثُ فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللهِ مَا تَرَكْتَ نَفْسَك، وَلاَ أَنْتَ مُطِيعٌ رَسُولَ اللهِ.
38128- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الَّذِي أَرْضَعَنِي مِنْ بَنِي مُرَّةَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ، نَزَلَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَرْقَبَهَا، ثُمَّ مَضَى فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
38129- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَبَرُ قَتْلِ زَيْدٍ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ نَعَاهُمْ إِلَى النَّاسِ، وَتَرَكَ أَسْمَاءَ حَتَّى أَفَاضَتْ مِنْ عَبْرَتِهَا: ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا، وَقَالَ: ادْعِي لِي بَنِي أَخِي، قَالَ: فَجَاءَتْ بِثَلاَثَةِ بَنِينَ، كَأَنَّهُمْ أَفْرُخٌ، قَالَتْ: فَدَعَا الْحَلاَقَ فَحَلَقَ رُؤُوسَهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَوْنُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَالَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ، قَالَ: فَجَعَلَتْ أُمُّهُمْ تُفْرِحُ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَتَخْشَيْنَ عَلَيْهِمَ الضَّيْعَةَ وَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟.
38130- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: أُرِيَهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي النَّوْمِ، فَرَأَى جَعْفَرًا مَلَكًا ذَا جَنَاحَيْنِ، مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ، وَزَيْدًا مُقَابِلُهُ عَلَى السَّرِيرِ، قَالَ: وَابْنَ رَوَاحَةَ جَالِسًا مَعَهُمْ كَأَنَّهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْهُ.
38131- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ؛ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَتْلُ جَعْفَرٍ، وَزَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، ذَكَرَ أَمْرَهُمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ.
38132- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ فَقَامَ مَقَامَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أُلاَقِي مِنْك الْيَوْمَ مَا لَقِيتُ مِنْك أَمْسِ ؟.
38133- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُد، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَهِيَّ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ، إِلاَّ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَهُ لاَسْتَخْلَفَهُ.
38134- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: لَوْ أَنَّ زَيْدًا حَيٌّ لاَسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38135- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ قَطَعَ بَعْثًا قِبَلَ مُؤْتَةَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَفِي ذَلِكَ الْبَعْثِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَ: فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَطْعَنْونَ فِي ذَلِكَ، لِتَأْمِيرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُسَامَةَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أُنَاسًا مِنْكُمْ قَدْ طَعَنْوا عَلَيَّ فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ، وَإِنَّمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ كَمَا طَعَنْوا فِي تَأْمِيرِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَحَقِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحِيكُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا.
38136- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَتْلُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم امْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حَتَّى أَفَاضَتْ عَبْرَتَهَا، وَذَهَبَ بَعْضُ حُزْنِهَا، ثُمَّ أَتَاهَا فَعَزَّاهَا، وَدَعَا بَنِي جَعْفَرٍ فَدَعَا لَهُمْ، وَدَعَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَةِ يَدِهِ، فَكَانَ لاَ يَشْتَرِي شَيْئًا إِلاَّ رَبِحَ فِيهِ.
فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَسْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: كَذَبُوا، لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ.
38137- حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حدَّثَنِي أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ بِمُؤْتَةِ، فَلَمَّا فَقَدْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ طَلَبْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدْنَا فِيهِ خَمْسينَِ؛ بَيْنَ طَعَنْةٍ وَرَمْيَةٍ، وَوَجَدْنَا ذَلِكَ فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ،
37- غَزْوَةُ حُنَيْنٍ، وَمَا جَاءَ فِيهَا.
38138- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: هَلْ كُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، يَا أَبَا عُمَارَةَ ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا وَلَّى، وَلَكِنَّ انْطَلَقَ جُفَاءٌ مِنَ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، قَالَ: فَانْكَشَفُوا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ هُنَالِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بَغْلَتَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَاسْتَنْصَرَ، وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبَ.
اللَّهُمَّ نَزِّل نَصْرُك، قَالَ: وَكُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ لِلَّذِي يُحَاذِي بِهِ.
38139- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لاَ وَاللهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ دُبُرَهُ، قَالَ: وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذَانِ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ
أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
38140- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ: اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ.
38141- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ جَمَعَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَمْعًا كَثِيرًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ فِي عَشَرَةِ آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ، قَالَ: وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، قَالَ: فَجَاؤُوا بِالنَّعَمِ وَالذُّرِّيَّةِ، فَجُعِلُوا خَلْفَ ظُهُورِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا الْتَقَوْا وَلَّى النَّاسُ، وَالنَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، قَالَ: فَنَزَلَ، فَقَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: وَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ، لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا كَلاَمُا، فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ مَعَك، ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، نَحْنُ مَعَك.
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ فَالْتَقَوْا، فَهَزَمُوا وَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطُّلَقَاءَ وَقَسَمَ فِيهَا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: نُدْعَى عِنْدَ الشِّدَّةِ وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ لِغَيْرِنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَجَمَعَهُمْ، وَقَعَدَ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَيْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَلَكُوا وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لأَخَذْت شِعْبَ الأَنْصَارِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَقَالُوا: رَضِينَا، رَضِينَا يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قَالَ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ: قُلْتُ لأَنَسٍ: وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَلِكَ ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ ذَلِكَ ؟.
38142- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا أَرَدْتِ إِلَيْهِ ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا إِلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ طَعَنْتُهُ بِهِ.
38143- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبَهُ، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلاً، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ.
38144- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَنُودُوا: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، قَالَ: فَرَجَعُوا وَلَهُمْ حُنَيْنٌ، يَعَنْي بُكَاءً.
38145- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ انْكَشَفَ النَّاسُ عَنْهُ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: زَيْدٌ، آخِذٌ بِعَنْانِ بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ
، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: وَيْحَك يَا زَيْدُ، اُدْعُ النَّاسَ، فَنَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَيْحَك، حُضَّ الأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، هَذَا رَسُولُ اللهِ يَدْعُوكُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَيْحَك، اُدْعُ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ لِلَّهِ فِي أَعَنْاقِهِمْ بَيْعَةً، قَالَ: فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْهُمْ أَلْفٌ، قَدْ طَرَحُوا الْجُفُونَ وَكَسَرُوهَا، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى فُتِحَ عَلَيْهِمْ.
38146- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ، قَالَ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ بَغْلَةٍ كَانَ عَلَيْهَا، فَجَعَلَ يَصْرُخُ بِالنَّاسِ: يَا أَهْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يَا أَهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ، أَنَا رَسُولُ اللهِ وَنَبِيُّهُ، وَتَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
38147- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَوْفَى بِيَدِهِ ضَرْبَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا ؟ فَقَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حُنَيْنًا ؟ قَالَ: نَعَمْ.
38148- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ هَوَازِنَ جَاؤُوا بَعْدَ الْوَقْعَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَرْغَبُ فِي رَسُولِ اللهِ، قَالَ: فِي أَيِّ ذَلِكَ تَرْغَبُونَ، أَفِي الْحَسَبِ، أَمْ فِي الْمَالِ ؟ قَالَوا: بَلْ فِي الْحَسَبِ، وَالأُمَّهَاتِ، وَالْبَنَاتِ، وَأَمَّا الْمَالُ فَسَيَرْزُقُنَا اللَّهُ، قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَرُدَّ مَا فِي يَدِي وَأَيْدِي بَنِي هَاشِمٍ مِنْ عَوْرَتِكُمْ، وَأَمَّا النَّاسُ فَسَأَشْفَعُ لَكُمْ إِلَيْهِمْ إِذَا صَلَّيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُومُوا فَقُولُوا كَذَا وَكَذَا، فَعَلَّمَهُمْ مَا يَقُولُونَ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَشَفَعَ لَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَدَّ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِمْ، غَيْرَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، أَمْسَكَا امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا فِي أَيْدِيهِمَا.
38149- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ: لَمَّا فَرَّ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُنَيْنٍ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ *** أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
قَالَ: فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: ثَلاَثَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسُ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِالْعَنْانِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ جَانِبِهِ الأَيْسَرِ، قَالَ: فَلَيْسَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ أَحَدٌ إِلاَّ قُتِلَ، وَالْمُشْرِكُونَ حَوْلَهُ صَرْعَى بِحِسَابِ الإِكْلِيلِ.
38150- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يُعْطِي رَسُولُ اللهِ غَنَائِمَنَا نَاسًا تَقْطُرُ سُيُوفُنَا مِنْ دِمَائِهِمْ، أَوْ سُيُوفُهُمْ مِنْ دِمَائِنَا ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاؤُوا، فَقَالَ لَهُمْ: فِيكُمْ غَيْرُكُمْ ؟ قَالَوا: لاَ، إِلاَّ ابْنُ أُخْتِنَا، قَالَ: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: النَّاسُ دِثَارٌ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ، الأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ.
38151- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ يَنْظُرُونَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ، فَمَرَّ بِهِمْ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالُوا: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا فَعَلَ النَّاسُ ؟ قَالَ: لاَ يَسْتَقْبِلُهَا مُحَمَّدٌ أَبَدًا، قَالَ: وَذَلِكَ حِينَ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَبٍّ مِنِ الأَعْرَابِ، يَا فُلاَنُ، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِالْخَبَرِ، لِصَاحِبٍ لَهُمْ، قَالَ: فَذَهَبَ حَتَّى كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَوْمِ، فَسَمِعَهُمْ يَقُولُونَ: يَا لِلأَوْس، ِ يَا لِلْخَزْرَجِ، وَقَدْ عَلَوْا الْقَوْمَ، وَكَانَ شِعَارُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38152- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم السَّبْيَ بِالْجِعْرَانَةِ، أَعْطَى عَطَايَا قُرَيْشًا وَغَيْرَهَا مِنَ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَكَثُرَتِ الْقَالَةُ وَفَشَتْ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: أَمَّا رَسُولُ اللهِ فَقَدْ لَقِيَ قَوْمَهُ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: مَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ قَوْمِكَ، أَكْثَرُوا فِيهَا ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: فَقَدْ كَانَ مَا بَلَغَك، قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلاَّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، قَالَ: فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَقَالَ: اجْمَعْ قَوْمَك، وَلاَ يَكُنْ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ، قَالَ: فَجَمَعَهُمْ فِي حَظِيرَةٍ مِنْ حَظَائِرِ السَّبِيِّ، وَقَامَ عَلَى بَابِهَا، وَجَعَلَ لاَ يَتْرُكُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْ قَوْمِهِ، وَقَدْ تَرَكَ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَرَدَّ أُنَاسًا، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهُدَاكُمُ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ ؟ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ
فَقَالَ: أَلاَ تُجِيبُونَ؟ قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ.
فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَصَدَقْتُمْ وَصَدَقْتُمْ: أَلَمْ نَجِدْكَ طَرِيدًا فَآوَيْنَاك، وَمُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاك، وَعَائِلاً فَآسَيْنَاكَ، وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك ؟ فَجَعَلُوا يَبْكُونَ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: أَوَجَدْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَا أَعْطَيْتهَا قَوْمًا، أَتَأَلَّفُهُمْ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلاَمِكُمْ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، وَسَلَكْتُمْ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكَتْ وَادِيَكُمْ، أَوْ شِعْبَكُمْ، أَنْتُمْ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ.
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى إِنِّي لأَرَى مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، أَمَّا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ ؟ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يَقُولُونَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِرَسُولِهِ حَظًّا وَنَصِيبًا.
38153- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْت لاَمَتِي وَرَكِبْت فَرَسِي، فَانْطَلَقْت إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ فِي فُسْطَاطِهِ
فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ، وَرَحْمَةُ اللهِ، الرَّوَاحُ، حَانَ الرَّوَاحُ، فَقَالَ: أَجَلْ، فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ، كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُك، فَقَالَ: أَسْرِجْ لِي فَرَسِي، فَأَخْرَجَ سَرْجًا دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ، لَيْسَ فِيهِمَا أَشَرٌ، وَلاَ بَطَرٌ، قَالَ: فَأَسْرَجَ.
فَرَكِبَ، وَرَكِبْنَا فَصَافَفْنَاهُمْ عَشِيَّتَنَا وَلَيْلَتَنَا، فَتَشَامَّتِ الْخَيْلاَنِ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عِبَادَ اللهِ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ اقْتَحَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ فَرَسِهِ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَأَخْبَرَنِي الَّذِي كَانَ أَدْنَى إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، قَالَ: فَهَزَمَهُمَ اللَّهُ.
قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ، عَنْ آبَائِهِمْ؛ أَنَّهُمْ قَالَوا: لَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ تُرَابًا، وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الْحَدِيدِ.
38154- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَجَعَلُوهَا صُفُوفًا، يَكْثُرُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم،
فَلَمَّا الْتَقَوْا، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا عِبَادَ اللهِ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يُضْرَبْ بِسَيْفٍ، وَلَمْ يُطْعَنْ بِرُمْحٍ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ: مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ، قَالَ: فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلا، فَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو قَتَادَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ضَرَبْت رَجُلاً عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ: فَأَعْجَلْت عَنْهُ، قَالَ: فَانْظُرْ مَنْ أَخَذَهَا، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لاَ، وَاللهِ لاَ يَفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ وَيُعْطِيكَهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَ: صَدَقَ عُمَرُ.
وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا مَعَك ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُتِلَ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ، انْهَزَمُوا بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ.
38155- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هَوَازِنَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَضَحَّى، وَعَامَّتُنَا مُشَاةٌ، فِينَا ضَعَفَةٌ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقَبِهِ، فَقَيَّدَ بِهِ جَمَلَهُ رَجُلٌ شَابٌّ، ثُمَّ جَاءَ يَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفَهُمْ وَقِلَّةَ ظَهْرِهِمْ خَرَجَ يَعْدُو إِلَى جَمَلِهِ فَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ أَنَاخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُهُ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ، هِيَ أَمْثَلُ ظَهْرِ الْقَوْمِ، فَقَعَدَ فَاتَّبَعَهُ، فَخَرَجْتُ أَعْدُو فَأَدْرَكْتُهُ وَرَأْسُ النَّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ، وَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ، وَكُنْتُ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ، فَأَنَخْتُهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ بِالأَرْضِ، اخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَأَضْرِبُ رَأْسَهُ، فَنَدَرَ فَجِئْتُ بِرَاحِلَتِهِ، وَمَا عَلَيْهَا أَقُودُهُ، فَأَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُقْبِلاً، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ فَقَالُوا: ابْنُ الأَكْوَعِ، فَنَفَلَهُ سَلَبَهُ.
38156- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَا أَفَاءَ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يَقْسِمْ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ بِي ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي، قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا
؟ قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ: قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ ؟ لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْت وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهُمْ، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ.
38- مَا جَاءَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ.
38157- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَخَرَجْت أَنَا وَرَبَاحٌ، غُلاَمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَعَ الإِبِلِ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنْدِّيهِ مَعَ الإِبِلِ، فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَتَلَ رَاعِيَهَا، وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ، فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اُقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ، فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ.
قَالَ: فَقُمْت عَلَى تَلٍّ، وَجَعَلْت وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ نَادَيْت ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ، مَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ، وَذَاكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ، قَالَ: فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَمَيْتُ، فَلاَ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَارِسٌ إِلاَّ عَقَرْتُ بِهِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهُمْ وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَحْلِهِ، فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّجُلِ، حَتَّى انْتَظَمَتْ كَتِفُهُ، قُلْتُ: خُذْهَا:
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَإِذَا كُنْتُ فِي الشَّجَرَةِ أَحْرَقْتُهُمْ بِالنَّبْلِ، وَإِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَرَدَّيْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ، أَتْبَعُهُمْ وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهُمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ رُمْحًا، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، يَسْتَخْفُونَ مِنْهَا، وَلاَ يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْت عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ، وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى، أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِي، مُمِدًّا لَهُمْ، وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ، ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَأَنَا فَوْقَهُمْ، قَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ قَالَوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ، مَا فَارَقْنَا بِسَحَرٍ حَتَّى الآنَ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا، وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَوْلاَ أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ طَلَبًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ، قَالَ: لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَقَامَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمَ الصَّوْتَ، قُلْتُ لَهُمْ: أَتَعْرِفُونِي ؟ قَالَوا: وَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي، وَلاَ أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنْ أَظُنُّ.
قَالَ: فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَاكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، وَإِذَا أَوَّلُهُمَ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ، وَعَلَى أَثَرِهِ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
، وَعَلَى أَثَرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: فَوَلَّوْا الْمُشْرِكِينَ مُدْبِرِينَ، وَأَنْزِلُ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَعْرِضُ لِلأَخْرَمِ، فَآخُذُ عَنْانَ فَرَسِهِ، قُلْتُ: يَا أَخَرَمُ، أَنْذِرْ بِالْقَوْمِ، يَعَنْي أُحَذِّرُهُمْ، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوك، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ، قَالَ: يَا سَلَمَةُ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، فَلاَ تَحُل بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْانَ فَرَسِهِ، فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ، فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
فَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَقَتَلَهُ أبُو قَتَادَةَ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ، حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَيْئًا، وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو قَرَدٍ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ، فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَعَطَفُوا عَنْهُ، وَشَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ، ثَنِيَّةِ ذِي ثَبيرٍ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ بِهِمْ رَجُلاً فَأَرْمِيهِ، فَقُلْتُ: خُذْهَا:
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ *** وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَقَالَ: يَا ثَكِلَتْنِي أُمِّي، أَكْوَعِي بُكْرَةَ، قُلْتُ: نَعَمْ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةَ فَأَتْبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ، فَعَلَقَ فِيهِ سَهْمَانِ، وَتَخَلَّفُوا فَرَسَيْنِ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأَتْهُمْ عَنْهُ: ذِي قَرَدٍ.
فَإِذَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي خَمْسِ مِئَةٍ، وَإِذَا بِلاَلٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلِّنِي، فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِئَةَ رَجُلٍ، فَآخُذَ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ، قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلاً ذَاكَ يَا سَلَمَةُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَك، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، قَالَ: مَرُّوا عَلَى فُلاَنٍ الْغَطَفَانِي، فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا، رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبٌ مِنْ ضَحْوَةٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَ لاَ يُسْبَقُ، فَجَعَلَ يُنَادِي: هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ، أَلاَ رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، وَأَنَا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُرْدَفًا، قُلْتُ لَهُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا ؟ قَالَ: لاَ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي خَلِّنِي، فَلأُسَابِقُ الرَّجُلَ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ، قُلْتُ: اِذْهَبْ إِلَيْك، فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَثَنَيْت رِجْلِي فَطَفَرْت عَنِ النَّاقَةِ، ثُمَّ إِنِّي رَبَطْتُ عَلَيْهَا شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، يَعَنْي اسْتَبْقَيْت نَفْسِي، ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ، فَأَصُكَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِيَدَي، فَقُلْتُ سَبَقْتُك وَاللهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: فَضَحِكَ، وَقَالَ: إِنْ أَظُنُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.
38158- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَلاَةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ، أَرْضٌ مِنْ أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ: صَفٌّ خَلْفَهُ، وَصَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوَ، فَصَلَّى بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ رَكْعَةً، ثُمَّ نَكَصَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلاَءِ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً.
38159- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرُّكَيْنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
39- مَا حَفِظَ أَبُو بَكْرٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.
38160- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً، وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ أَمْرِهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِالْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ.
38161- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ تَبُوكَ، حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى، وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُخْرُصُوا، قَالَ: فَخَرَصَ الْقَوْمُ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: احْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْك إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى قَدِمَ تَبُوكَ، فَقَالَ: إِنَّهَا سَتَهُبُّ
عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلاَ يَقُومَنَّ فِيهَا رَجُلٌ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَاْلهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَعَقَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ فِيهَا رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلَيْ طَيٍّء.
ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَلِكُ أَيْلَةَ، فَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِبَحْرِهِمْ.
قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ، وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: كَمْ حَدِيقَتُك ؟ قَالَتْ: عَشَرَةُ أَوْسُقٍ، خَرْصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنِّي مُتَعَجِّلٌ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ فَلْيَفْعَلْ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: هَذِهِ طَابَةُ، فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا، قَالَ: هَذَا جَبَلٌ، يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ.
38162- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا هَمَّ بِبَنِي الأَصْفَرِ أَنْ يَغْزُوَهُمْ، جَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ، وَكَانَ قَلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى عنها بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتَ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، فَاسْتَقْبَلَ حَرًّا شَدِيدًا، وَسَفَرًا بَعِيدًا، وَعَدُوًّا جَدِيدًا، فَكَشَفَ لِلنَّاسِ الْوَجْهَ الَّذِي خَرَجَ بِهِمْ إِلَيْهِ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ.
فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَتَجَهَّزَ النَّاسُ مَعَهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لأَتَجَهَّزَ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، وَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَادٍ وَخَارِجٌ إِلَى وُجْهَةٍ، فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أُدْرِكُهُمْ، وَعَنْدِي رَاحِلَتَانِ، مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي رَاحِلَتَانِ قَطُّ قَبْلَهُمَا، فَأَنَا قَادِرٌ فِي نَفْسِي، قَوِيٌّ بِعُدَّتِي، فَمَا زِلْتُ أَغْدُو بَعْدَهُ وَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى أَمْعَنِ الْقَوْمُ وَأَسْرَعُوا، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِلْحَدِيثِ، وَيَشْغَلَنِي الرَّحَّالُ، فَأَجْمَعْتُ الْقُعُودَ حَتَّى سَبَقَنِي الْقَوْمُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو فَلاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ، أَوْ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، فَيُحْزِنُنِي ذَلِكَ.
فَطَفِقْتُ أَعُدُّ الْعُذْرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا جَاءَ، وَأُهَيِّئُ الْكَلاَمُ، وَقُدِّرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ لاَ يَذْكُرَنِي حَتَّى نَزَلَ تَبُوكَ، فَقَالَ فِي النَّاسِ بِتَبُوكَ وَهُوَ جَالِسٌ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ: شَغَلَهُ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي
عِطْفَيْهِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ عَلِمْنَا إِلاَّ خَيْرًا، فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ، وَمَا كُنْتُ أَجْمَعُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْعُذْرِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَنْ يُنْجِيَنِي مِنْهُ إِلاَّ الصِّدْقُ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمَدِينَةَ فَقَدِمَ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي النَّاسِ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ دَعَانِي، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا كَعْبُ، مَا خَلَّفَك عَنِّي ؟ وَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ عُذْرَ لِي، مَا كُنْت قَطُّ أَقْوَى، وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْك، وَقَدْ جَاءَهُ الْمُتَخَلِّفُونَ يَحْلِفُونَ، فَيَقْبَلُ مِنْهُمْ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا صَدَقْتُهُ، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيك مَا هُوَ قَاضٍ، فَقُمْتُ.
فَقَامَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، وَاللهِ إِنْ كَانَ لَكَافِيك مِنْ ذَنْبِكَ الَّذِي أَذْنَبْت اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَك، كَمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِكَ، فَقَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ عُذْرَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، فَمَا زَالُوا يَلُومُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأُكَذِّبَ
نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَحَدٌ، أَوِ اعْتَذَرَ بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرْت بِهِ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، قُلْتُ: مَنْ ؟ قَالَوا: هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ مَرَارَةُ الْعَامِرِي، وَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، قَدَ اعْتَذَرَا بِمِثْلِ الَّذِي اعْتَذَرْت بِهِ، وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ الَّذِي قِيلَ لَكَ.
قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ كَلاَمُنَا، فَطَفِقْنَا نَغْدُو فِي النَّاسِ، لاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلاَ يُسَلِّمُ عَلَيْنَا أَحَدٌ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا، حَتَّى إِذَا وفََتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، جَاءَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنِ اعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ، فَأَمَّا هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ شَيْخٌ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ لَهُ طَعَامَهُ ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي امْرَأَتِكَ، كَمَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقَدْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَخْدِمَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ، لاَ أَسْتَأْذِنُهُ فِيهَا، وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِنَ اسْتَأْذَنْتُهُ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: اِلْحَقِي بِأَهْلِكَ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ، وَطَفِقْنَا نَمْشِي فِي النَّاسِ، وَلاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا.
قَالَ:
فَأَقْبَلْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارًا لاِبْنِ عَمٍّ لِي فِي حَائِطِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَمَا حَرَّك شَفَتَيْهِ يَرُدُّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: أُنْشِدُك بِاللهِ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَمَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، ثُمَّ عُدْتُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
فَخَرَجْت، فَإِنِّي لأَمْشِي فِي السُّوقِ إِذِ النَّاسُ يُشِيرُونَ إِلَيَّ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِّي، فَطَفِقُوا يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ بَعْضِ قَوْمِي بِالشَّامِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا صَنَعَ بِكَ صَاحِبُك، وَجَفْوَتُهُ عَنْك، فَالْحَقْ بِنَا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْك بِدَارِ هَوَانٍ، وَلاَ دَارِ مَضْيَعَةٍ، نُوَاسِكَ فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، قَدْ طَمِعَ فِي أَهْلُ الْكُفْرِ، فَيَمَّمْتُ بِهِ تَنُّورًا، فَسَجَرْتُهُ بِهِ.
فَوَاللهِ إِنِّي لَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا، صَبَاحِيهُ خَمْسِينَ لَيْلَةً مُذْ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنَا، أُنْزِلَتِ التَّوْبَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ آذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ، فَذَهَبَ ألنَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَنَادَى: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكَ، أَبْشِرْ، فَخَرَرْت سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْت صَوْتَهُ، خَفَفْتُ لَهُ ثَوْبَيْنِ بِبُشْرَاهُ، وَوَاللهِ مَا أَمْلِكُ يَوْمَئِذٍ ثَوْبَيْنِ غَيْرَهُمَا.
وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ، فَخَرَجْتُ قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَقِيَنِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونَنِي بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيَّ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِلَيَّ
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَمَا قَامَ إِلَيَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، كَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَذَلِكَ، فَنَادَانِي: هَلُمَّ يَا كَعْبُ، أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْك مُنْذُ وَلَدَتْك أُمُّك، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمِنْ عَنْدِ اللهِ، أَمْ مِنْ عَنْدِكَ ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ مِنْ عَنْدِ اللهِ، إِنَّكُمْ صَدَقْتُمَ اللَّهَ فَصَدَّقَكُمْ.
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي الْيَوْمَ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمْسِكْ عَلَيْك بَعْضَ مَالِكَ، قُلْتُ: أُمْسِكُ سَهْمِي بِخَيْبَرَ، قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَبْلَى اللَّهُ رَجُلاً فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مَا أَبَلاَنِي.
38163- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، خَلَّفَ عَلِيًّا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي.
38164- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ؛ أَنَّ عُثْمَانَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِدَنَانِيرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ، وَيَقُولُ: مَا عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا.
38165- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ، قَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمَ الْعُذْرُ.
38166- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ، حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ.
38167- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَوْسَطَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، سَارَعَ نَاسٌ إِلَى أَصْحَابِ الْحِجْرِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَمَرَ فَنُودِي: إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ مُمْسِكٌ بِبَعِيرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: عَلاَمَ تَدْخُلُونَ عَلَى قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ: فَنَادَاهُ رَجُلٌ تَعَجُّبًا مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ ؟ رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، يُحَدِّثُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَبِمَا يَكُونُ بَعْدَكُمْ، اسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَعْبَأُ بِعَذَابِكُمْ شَيْئًا، وَسَيَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ لاَ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِشَيْءٍ.
40- حَدِيثُ عَبْدِِ اللهِ بْنِ أَبِِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ.
38168- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى إِضَمٍ، قَالَ: فَلَقِينَا عَامِرَ بْنَ الأَضْبَطِ، قَالَ: فَحَيَّا بِتَحِيَّةِ الإِسْلاَمِ، فَنَزَعْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ، فَلَمَّا قَتَلَهُ سَلَبَهُ بَعِيرًا لَهُ، وَأُهُبًا، وَمُتِيعًا كَانَ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، جِئْنَا بِشَأْنِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَخْبَرْنَاهُ بِأَمْرِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ} الآيَةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ،
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي، وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالاَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الظُّهْرَ، ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ, فَقَامَ إِلَيْهِ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفَ, يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمٍ, وَقَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الأَضْبَطِ الْقَيْسِيِّ، وَكَانَ أَشْجَعِيًّا، قَالَ: فَسَمِعْتُ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ يَقُولُ: لأُذِيقَنَّ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ ؟ فَأَبَوْا, فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ، فَقَالَ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ, مَا شَبَّهْتُ هَذَا الْقَتِيلَ فِي غُرَّةِ الإِسْلاَمِ، إِلاَّ كَغَنَمٍ وَرَدَتْ، فَرُمِيَتْ، فَنَفَرَ آخِرُهَا, اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدَيْهِ: لَكُمْ خَمْسُونَ فِي سَفَرِنَا هَذَا, وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا، قَالَ: فَقَبِلُوا الدِّيَةَ.
قَالَ: فَقَالُوا: ائْتُوا بِصَاحِبِكُمْ يَسْتَغْفِرْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَجِيءَ بِهِ، فَوَصَفَ حِلْيَتَهُ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، حَتَّى أُجْلِسَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا اسْمُك ؟ قَالَ: مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِيَدَيْهِ، وَوَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُمَا،: اللَّهُمَّ لاَ تَغْفِرْ لِمُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا بَيْنَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَظْهَرَ هَذَا, وَقَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ فِي السِّرِّ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمَّنْتَهُ بِاللهِ ثُمَّ قَتَلْتَهُ ؟ فَوَاللهِ مَا مَكَثَ إِلاَّ سَبْعًا حَتَّى مَاتَ مُحَلَّمٌ، قَالَ: فَسَمِعْتُ الْحَسَنَ يَحْلِفُ بِاللهِ: لَدُفِنَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ تَلْفِظُهُ الأَرْضُ، قَالَ: فَجَعَلُوهُ بَيْنَ سَدَّيْ جَبَلٍ وَرَضَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ، فَذَكَرُوا أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنَّ الأَرْضَ لَتُطْبِقُ عَلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ بِحُرْمَتِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ.
41- مَا ذَكْرُوا فِي أَهْلِ نَجْرَانَ، وَمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِهِمْ.
38169- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يُلاَعَنْ أَهْلَ نَجْرَانَ قَبِلُوا الْجِزْيَةَ أَنْ يُعْطُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ أَتَانِي الْبَشِيرُ بِهَلَكَةِ أَهْلِ نَجْرَانَ، لَوْ تَمُّوا عَلَى الْمُلاَعَنْة، حَتَّى الطَّيْرِ عَلَى الشَّجَرِ، أَوِ الْعُصْفُورِ عَلَى الشَّجَرِ، وَلَمَّا غَدَا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ.
38170- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ وَهُمْ نَصَارَى: أَنَّ مَنْ بَايَعَ مِنْكُمْ بِالرِّبَا، فَلاَ ذِمَّةَ لَهُ.
38171- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ عُمَرَ أَجْلَى أَهْلَ نَجْرَانَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَاشْتَرَى بَيَاضَ أَرْضِهِمْ وَكُرُومِهِمْ، فَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ؛ إِنْ هُمْ جَاؤُوا بِالْبَقَرِ وَالْحَدِيدِ مِنْ عَنْدِهِمْ، فَلَهُمَ الثُّلُثَانِ وَلِعُمَرَ الثُّلُثُ، وَإِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عَنْدِهِ، فَلَهُ الشَّطْرُ، وَعَامَلَهُمَ النَّخْلَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الْخُمْسَ وَلِعُمَرَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَعَامَلَهُمَ الْكَرْمَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الثُّلُثَ، وَلِعُمَرَ الثُّلُثَانِ.
38172- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ نَجْرَانَ قَدْ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ يَخَافُهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَتَحَاسَدُوا بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَأَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ تَحَاسَدْنَا بَيْنَنَا فَأجِّلْنَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ كَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا أَنْ لاَ يُجْلُوا، قَالَ: فَاغْتَنَمَهَا عُمَرُ فَأَجَلاَهُمْ، فَنَدِمُوا، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: أَقِلْنَا، فَأَبَى أَنْ يُقِيلَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّا نَسْأَلُك بِخَطِّ يَمِينِكَ، وَشَفَاعَتِكَ عِنْدَ نَبِيِّكَ إِلاَّ أَقَلْتَنَا، فَأَبَى، وَقَالَ: وَيْحَكُمْ، إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الأَمْرِ.
قَالَ سَالِمٌ: فَكَانُوا يَرَوْنَ، أَنَّ عَلِيًّا لَوْ كَانَ طَاعِنًا عَلَى عُمَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ؛ طعَنْ عَلَيْهِ فِي أََهْلِ نَجْرَانَ.
38173- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أُسْقُفَا نَجْرَانَ؛ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنا رَجُلاً أَمِينًا، حَقَّ أَمِينٍ، حَقَّ أَمِينٍ، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَأَرْسَلَهُ مَعَهُمْ.
38174- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالُوا لِي: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} وَبَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ السِّنِينَ ؟ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُمْ بِهِ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ، وَالصَّالِحِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؟.
38175- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأَسْقُفِ نَجْرَانَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَسْلِمْ، قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَسْلِمْ، قَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ قَبْلَك، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَذَبْتَ، مَنَعَك مِنَ الإِسْلاَمِ ثَلاَثَةٌ: ادِّعَاؤُك لِلَّهِ وَلَدًا، وَأَكْلُك الْخِنْزِيرَ، وَشُرْبُك الْخَمْرَ.
42- مَا جَاءًَ فِي وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38176- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ مُسَجًّى، فَوَضْعَ فَاهُ عَلَى جَبِينِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا، وَطِبْتَ مَيِّتًا، فَلَمَّا خَرَجَ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا مَاتَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلاَ يَمُوتُ حَتَّى يَقْتُلَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، وَحَتَّى يُخْزِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ: وَكَانُوا قَدَ اسْتَبْشَرُوا بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، اِرْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ قَدْ مَاتَ، أَلَمْ تَسْمَعَ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّك مَيِّتٌ، وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وَقَالَ: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ، أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمَ الْخَالِدُونَ}.
قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْمِنْبَرَ فَصَعِدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ، فَإِنَّ إلَهَكُمْ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ إِلَهَكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، فَإِنَّ إِلَهَكُمْ لَمْ يَمُتْ، ثُمَّ تَلاَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ، ثُمَّ نَزَلَ، وَقَدِ اسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ وَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ، وَأَخَذَتِ الْمُنَافِقِينَ الْكَآبَةُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا كَانَتْ عَلَى وُجُوهِنَا أَغْطِيَةٌ، فَكُشِفَتْ.
38177- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَيْنَ يَدْفِنُونَهُ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ لاَ يُحَوَّلُ عَنْ مَكَانِهِ، وَيُدْفَنُ حَيْثُ يَمُوتُ، فَنَحَّوْا فِرَاشَهُ، فَحَفَرُوا لَهُ مَوْضِعَ فِرَاشِهِ.
38178- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ، فَلَقِيت رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالاَ: إِنْ كَانَ حَقًّا مَا تَقُولُ، فَقَدْ مَرَّ صَاحِبُك عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ، فَأَقْبَلْتُ وَأَقْبَلاَ مَعِيَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، قَالَ: فَقَالاَ لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَك أَنَّا قَدْ جِئْنَا، وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، قَالَ: أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُك خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ، إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ، وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ.
38179- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ مَاتَ، قَالَ: أَقْبَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ كَذَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: يُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ ؟ قَالَ: يُصَلُّونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ.
38180- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ يُؤَمَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِمَامٌ، وَكَانُوا يَدْخُلُونَ أَفْوَاجًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ.
38181- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَعَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ يَا أُمَّ أَيْمَنَ ؟ قَالَتْ: أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ، انْقَطَعَ عَنَّا.
38182- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ، أَوْ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، فَانْطَلَقَا إِلَيْهَا، فَجَعَلَتْ تَبْكِي، فَقَالاَ لَهَا: يَا أُمَّ أَيْمَنَ، إِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ، انْقَطَعَ عَنَّا، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا.
38183- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَتْ صَفِيَّةُ، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهِيَ تَلْمَعُ بِثَوْبِهَا، يَعَنْي تُشِيرُ بِهِ، وَهِيَ تَقُولُ:
قَدْ كَانَ بَعْدَك أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ
لَوْ كُنْتَ شَاهِدُهَا لَمْ تُكْثِرَ الْخُطبَ.
38184- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ الَّذِي وَلِيَ دَفْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَإِجْنَانَهُ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ دُونَ النَّاسِ: عَلِيٌّ، وَعَبَّاسٌ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَحَدُوا لَهُ، وَنَصَبُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ نَصْبًا.
38185- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَأُسَامَةُ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَحَدَّثَنِي مَرْحَبٌ، أَوِ ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ دَخَلَ مَعَهُمَ الْقَبْرَ.
38186- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَأُسَامَةُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْحَبٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ دَخَلَ مَعَهُمَ الْقَبْرَ.
قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مِنْ يَلِي الْمَيِّتَ إِلاَّ أَهْلُهُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ: وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا.
38187- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: غُسِّلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي قَمِيصٍ، فَوَلِيَ عَلِيٌّ سِفْلَتَهُ، وَالْفَضْلُ مُحْتَضنُهُ، وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ، قَالَ: وَالْفَضْلُ يَقُولُ: أَرِحْنِي، قَطَعْتَ وَتِينِي، إِنِّي لأَجِدُ شَيْئًا يَنْزِلُ عَلَيَّ، قَالَ: وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَة بِقُبَاءَ، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ أَرِيسٍ، قَالَ: وَقَدْ وَاللهِ شَرِبْتُ مِنْهَا وَاغْتَسَلْتُ.
38188- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، وَابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَنَّ عَلِيًّا الْتَمَسَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا.
38189- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْزِعُوهُ، فَسَمِعُوا نِدَاءً مِنَ الْبَيْتِ: أَنْ لاَ تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ.
38190- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ مَا مَاتَ.
38191- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَكَى النَّاسُ، فَقَامَ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيبًا، فَقَالَ: لاَ أَسْمَعُ أَحَدًا يَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَلَكِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَبُّهُ، كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى رَبُّهُ، فَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى مُوسَى، فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُوَ أَنْ تُقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلِهِمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ.
38192- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمًا وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَأَهْوَى قِبَلَ الْمِنْبَرِ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهِ فَاتَّبَعَنْاهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ السَّاعَةَ، وَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا، فَاخْتَارَ الآخِرَةَ، فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ إِلاَّ أَبُو بَكْرٍ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، بَلْ نَفْدِيك بِآبَائِنَا، وَأُمَّهَاتِنَا، وَأَنْفُسِنَا، وَأَمْوَالِنَا، قَالَ: ثُمَّ هَبَطَ، فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38193- حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: أَيْنَ أَكُونُ غَدًا ؟ قَالَوا: عَنْدَ فُلاَنَةَ، قَالَ: أَيْنَ أَكُونُ بَعْدَ غَدٍ ؟ قَالَوا: عَنْدَ فُلاَنَةَ، فَعَرَفْنَ أَزْوَاجُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ عَائِشَةَ، فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ وَهَبْنَا أَيَّامَنَا لأُخْتِنَا عَائِشَةَ.
38194- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: حَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: نَعَمْ، مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَثَقُلَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَأَفَاقَ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، فَفَعَلْنَا، قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، قَالَتْ: قَدْ فَعَلْنَا، قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ
بَعْدُ؟ فَقُلْنَا: لاَ، يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ يَنْتَظِرُونَك، قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِيُصَلِّيَ بِهِمْ عِشَاءَ الآخِرَةِ.
قَالَتْ: فَاغْتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ بَعْدُ ؟ قُلْتُ: لاَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَأَتَاهُ الرَّسُولُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَأْمُرُك أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ، إِنَّمَا أَرْسَلَ إِلَيْك رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَجَدَ خِفَّةً مِنْ نَفْسِهِ، فَخَرَجَ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ لَهُمَا: أَجْلَسَانِي عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ، قَالَتْ: فَأَجْلَسَاهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ جَالِسٌ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَلاَ أَعْرِضُ عَلَيْك مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ؟ قَالَ: هَاتِ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ هَذَا، فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَتْك مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: هُوَ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللهُ.
38195- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا دَاوُد، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَامَ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنْكُمْ، قَرَنَ مَعَهُ رَجُلاً مِنَّا، فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ رَجُلاَنِ؛ أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ وَالآخَرُ مِنَّا، قَالَ: فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنَّ الإِمَامَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، لَمَا صَالَحْنَاكُمْ.
38196- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، فَكَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ زُمَرًا زُمَرًا، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُونَ، وَلَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَد، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم .
43- مَا جَاءَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسِيرتِهِ فِي الرِّدّةِ.
38197- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: حَجَّ عُمَرُ فَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ خُطْبَةً، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّهُ قَدَ اجْتَمَعَ عِنْدَكَ رِعَاعُ النَّاسِ وَسِفْلَتُهُمْ، فَأَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَنَوْتُ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ، أَنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ خِلاَفَةَ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، إِنَّهُ لاَ خِلاَفَةَ إِلاَ عَنْ مَشُورَةٍ.
38198- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَنَحْنُ بِمِنًى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أُعَلِّمُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ الْقُرْآنَ، فَأَتَيْتُهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقِيلَ: هُوَعِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ، فَقَالَ لِي: قَدْ غَضِبَ هَذَا الْيَوْمَ غَضَبًا
مَا رَأَيْته غَضِبَ مِثْلَهُ مُنْذُ كَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِمَ ذَاكَ ؟ قَالَ: بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ ذَكَرَا بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالاَ: وَاللهِ مَا كَانَتْ إِلاَّ فَلْتَةً، فَمَا يَمْنَعُ امْرَءًا إِنْ هَلَكَ هَذَا أَنْ يَقُومَ إِلَى مَنْ يُحِبُّ، فَيَضْرِبُ عَلَى يَدِهِ، فَتَكُونُ كَمَا كَانَتْ، قَالَ: فَهَمَّ عُمَرُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ، قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّك بِبَلَدٍ قَدَ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ أَفْنَاءُ الْعَرَبِ كُلُّهَا، وَإِنَّك إِنْ قُلْتُ مَقَالَةً حُمِلَتْ عَنْك وَانْتَشَرَتْ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا، فَلَمْ تَدْرِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُعِينُك مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ رُحْتُ مَهْجَرًا، حَتَّى أَخَذْتُ عِضَادَةَ الْمِنْبَرِ الْيُمْنَى، وَرَاحَ إِلَيَّ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، حَتَّى جَلَسَ مَعِي، فَقُلْتُ: لَيَقُولَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مَقَالَةً، مَا قَالَهَا مُنْذُ اُسْتُخْلِفَ، قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ ؟ قُلْتُ: سَتَسْمَعُ ذَلِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ خَرَجَ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَبْقَى رَسُولَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ اللهِ، يُحِلُّ بِهِ وَيُحَرِّمُ، ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ، فَرَفَعَ مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَ، وَأَبْقَى مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يُبْقِي، فَتَشَبَّثْنَا بِبَعْضٍ، وَفَاتَنَا بَعْضٌ، فَكَانَ مِمَّا كُنَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ: لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، وَنَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَرَجَمْنَا مَعَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ حَفِظْتُهَا وَعَلِمْتُهَا وَعَقَلْتهَا، وَلَوْلاَ أَنْ يُقَالُ: كَتَبَ
عُمَرُ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ فِيهِ، لَكَتَبْتهَا بِيَدِي كِتَابًا، وَالرَّجْمُ عَلَى ثَلاَثَةِ مَنَازِلَ: حَمْلٌ بَيِّنٌ، أَوِ اعْتِرَافٌ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ شُهُودث عَدْلٌ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ.
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالاً يَقُولُونَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَعَمْرِي إِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْطَى خَيْرَهَا، وَوَقَى شَرَّهَا، وَأَيَّكُمْ هَذَا الَّذِي تَنْقَطِعُ إِلَيْهِ الأَعَنْاقُ كَانْقِطَاعِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ.
إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تُوُفِّيَ، فَأَتَيْنَا، فَقِيلَ لَنَا: إِنَّ الأَنْصَارَ قَدَ اجْتَمَعَتْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ يُبَايِعُونَهُ، فَقُمْتُ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَحْوَهُمْ، فَزِعِينَ أَنْ يُحْدِثُوا فِي الإِسْلاَمِ فَتْقًا، فَلَقِيَنَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ؛ رَجُلُ صِدْقٍ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَمَعْن بْنُ عَدِي، فَقَالاَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ فَقُلْنَا: قَوْمَكُمْ، لِمَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالاَ: ارْجِعُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُخَالِفُوا، وَلَنْ يُؤْتَ شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ، فَأَبَيْنَا إِلاَّ أَنْ نَمْضِي، وَأَنَا أَزوّر كَلاَمُا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ، وَإِذَا هُمْ عَكَر هُنَالِكَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَهُوَ عَلَى
سَرِيرٍ لَهُ مَرِيضٌ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُمْ، تَكَلَّمُوا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ, إِنْ شِئْتُمْ وَاللهِ رَدَدْنَاهَا جَذَعَةً.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكُمْ، فَذَهَبْتُ لأَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْصِتْ يَا عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّا وَاللهِ مَا نُنْكِرُ فَضْلَكُمْ، وَلاَ بَلاَءَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ، وَلاَ حَقَّكُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَنْزِلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، لَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَجْتَمِعَ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَنَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمَ الْوُزَرَاءُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَلاَ تَصَدَّعُوا الإِسْلاَمَ، وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ فِي الإِسْلاَمِ, أَلاَ وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، لِي وَلأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ, فَأَيُّهُمَا مَا بَايَعْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ ثِقَةٌ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهُ إِلاَّ وَقَدْ قَالَهُ، يَوْمَئِذٍ، غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ, فَوَاللهِ لأَنْ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَى، ثُمَّ أُقْتَلَ، ثُمَّ أُحْيَى، فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ أَمِيرًا عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ.
قَالَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ بَعْدِهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} أَبُو بَكْرٍ السَّبَّاقُ الْمَتِينُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَبَادَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَ عَلَى يَدِهِ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبْتُ عَلَى يَدِهِ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ، وَمِيلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّاسُ: قُتِلَ سَعْدٌ، فَقُلْتُ: اُقْتُلُوهُ، قَتَلَهُ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ بِأَبِي بَكْرٍ، فَكَانَتْ لَعَمْرُ اللهِ فَلْتَةٌ كَمَا قُلْتُمْ، أَعْطَى اللَّهُ خَيْرَهَا وَوَقَى شَرَّهَا، فَمَنْ دَعَا إِلَى مِثْلِهَا، فَهُوَ الَّذِي لاَ بَيْعَةَ لَهُ، وَلاَ لِمَنْ بَايَعَهُ.
38199- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ الأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ.
38200- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ أَسْلَمَ؛ أَنَّهُ حِينَ بُويِعَ لأَبِي بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ يَدْخُلاَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَيُشَاوِرُونَهَا وَيَرْتَجِعُونَ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَاللهِ مَا مِنْ الْخَلْقِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيك، وَمَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ إِلَيْنَا بَعْدَ أَبِيك مِنْك، وَأَيْمُ اللهِ، مَا ذَاكَ بِمَانِعِيَّ إِنَ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ النَّفَرُ عِنْدَكِ، أَنْ آمُرَ بِهِمْ أَنْ يُحَرَّقَ عَلَيْهِمَ الْبَيْتُ.
قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ عُمَرُ جَاؤُوهَا، فَقَالَتْ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ جَاءَنِي، وَقَدْ حَلَفَ بِاللهِ لَئِنْ عُدْتُمْ لَيُحَرِّقَنَّ عَلَيْكُمُ الْبَيْتَ، وَأَيْمُ اللهِ، لَيَمْضِيَنَّ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَانْصَرِفُوا رَاشِدِينَ، فَرُوْا رَأْيَكُمْ، وَلاَ تَرْجِعُوا إِلَيَّ، فَانْصَرَفُوا عنها، فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا، حَتَّى بَايَعُوا لأَبِي بَكْرٍ.
38201- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَشْهَدَا دَفْنَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، كَانَا فِي الأَنْصَارِ، فَبُويِعَا قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا.
38202- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ آخِذٌ بِلِسَانِهِ يُنَضْنِضُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اللَّهَ اللَّهَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، وَهُوَ يَقُولُ: هَاهْ، إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ.
38203- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللهِ، قَالَ: لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللهِ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ، أَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ.
38204- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَمَا حَدَّثَكُمَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ شَيْءٍ فَصَدِّقُوهُ.
38205- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ أَبِي الْعَلاَءِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، إِلاَّ إِنَّهُ قَالَ: تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
38206- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ حَتَّى أَتَيَا الأَنْصَارَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّا لاَ نُنْكِرُ حَقَّكُمْ، وَلاَ يُنْكِرُ حَقَّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَإِنَّا وَاللهِ مَا أَصَبْنَا خَيْرًا إِلاَّ مَا شَارَكْتُمُونَا فِيهِ، وَلَكِنْ لاَ تَرْضَى الْعَرَبُ
وَلاَ تُقِرُّ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لأَنَّهُمْ أَفْصَحُ النَّاسِ أَلْسِنَةً، وَأَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَأَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ شُِجِنةً فِي الْعَرَبِ، فَهَلُمُّوا إِلَى عُمَرَ فَبَايِعُوهُ، قَالَ: فَقَالُوا: لاَ، فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ ؟ فَقَالُوا: نَخَافُ الأَثَرَةَ، قَالَ عُمَرُ: أَمَّا مَا عِشْتُ فَلاَ، قَالَ: فَبَايِعُوا أَبَا بَكْرٍ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، فَقَالاَهَا الثَّانِيَةَ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّ قُوَّتِي لَك مَعَ فَضْلِكَ، قَالَ: فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَتَى النَّاسُ عِنْدَ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ أَبَا عبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: أَتَأْتُونِي وَفِيكُمْ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ، يَعَنْي أَبَا بَكْرٍ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: مَنْ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ، قَالَ: قَوْلُ اللهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}.
38207- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسَئِلَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَسْتَخْلِفُ، أَوِ اسْتَخْلَفَ ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثُمَّ قِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَتْ: ثُمَّ عُمَرُ، قِيلَ: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى ذَلِكَ.
38208- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: ثُمَّ اُسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبِسُنَّتِهِ، ثُمَّ قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَكَانَ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَعَمِلَ بِعَمَلِهِمَا وَسُنَّتِهِمَا، ثُمَّ قُبِضَ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَكَانَ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ.
38209- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمَّا ارْتَدَّ مَنْ ارْتَدَّ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُجَاهِدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّى لاَ أُقَاتِلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ ؟ وَاللهِ، لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَجْمَعَهُمَا، قَالَ عُمَرُ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ، فَكَانَ وَاللهِ رَشَدًا، فَلَمَّا ظَفِرَ بِمَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ، قَالَ: اخْتَارُوا بَيْنَ خِطَّتَيْنِ: إِمَّا حَرْبٌ مُجَلِّيَةٌ، وَإِمَّا الْخُطَّةُ الْمُخْزِيَةُ، قَالَوا: هَذِهِ الْحَرْبُ الْمُجَلِّيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْخُطَّةُ الْمُخْزِيَةُ ؟ قَالَ: تَشْهَدُونَ عَلَى قَتْلاَنَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَى قَتْلاَكُمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ . فَفَعَلُوا.
38210- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَنَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ مَا لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ لَهَاضَهَا، اشْرَأَبَّ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَوَاللهِ مَا اخْتَلَفُوا فِي نُقْطَةٍ إِلاَّ طَارَ أَبِي بِحَظِّهَا وعَنَائِهَا فِي الإِسْلاَمِ، وَكَانَتْ تَقُولُ مَعَ هَذَا: وَمَنْ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ غِنَاءً لِلإِسْلاَمِ، كَانَ وَاللهِ أَحْوَذِيًّا، نَسِيجَ وَحْدِهُ، قَدْ أَعَدَّ لِلأُمُورِ أَقْرَانَهَا.
44- مَا جَاءَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
38211- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَخْلِفُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا، وَلَوْ قَدْ وَلِيَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ، فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِرَبِّي تُخَوِّفُونَنِي ؟ أَقُولُ: اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ خَلْقِك.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِالنَّهَارِ لاَ يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ
، وَإِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِاللَّيْلِ لاَ يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لاَ يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدِّيَ الْفَرِيضَةَ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْحَقَّ وَثِقَلُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لاَ يُوضَعُ فِيهِ إِلاَّ الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلاً، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمَ الْبَاطِلَ وَخِفَّتُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لاَ يُوضَعُ فِيهِ إِلاَّ الْبَاطِلُ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَإِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِصَالِحِ مَا عَمِلُوا، وَأَنَّهُ تَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: لاَ أَبْلُغُ هَؤُلاَءِ، وَذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ مَا عَمِلُوا، وَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ صَالِحَ مَا عَمِلُوا، فَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلاَءِ، وَذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَآيَةَ الْعَذَابِ، لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا وَرَاهِبًا، لاَ يَتَمَنَّى عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ، وَلاَ يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْت وَصِيَّتِي، لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْك مِنَ الْمَوْتِ، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْت وَصِيَّتِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْك مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تَعْجِزَهُ.
38212- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلٍ، وَهُوَ يُجْلِسُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ، قَالَ: فَجَاءَ مَوْلًى لأَبِي بَكْرٍ يُقَالُ لَهُ: شَدِيدٌ بِصَحِيفَةٍ، فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِمَنْ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَوَاللهِ مَا أَلَوْتُكُمْ، قَالَ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
38213- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ حِين تَفَرَّسَ فِي عُمَرَ فَاسْتَخْلَفَهُ، وَالَّتِي قَالَتْ: {اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} وَالْعَزِيزُ حِينَ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}.
38214- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: جِئْتُ وَإِذَا عُمَرُ وَاقِفٌ عَلَى حُذَيْفَةَ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، فَقَالَ: تَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، فَقَالَ: حُذَيْفَةُ: لَوْ شِئْتُ لأَضْعَفْتُ أَرْضِي، وَقَالَ عُثْمَان: لَقَدْ حَمَّلْتُ أَرْضِي أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ
، وَمَا فِيهَا كَثِيرُ فَضْلٍ، فَقَالَ: اُنْظُرَا مَا لَدَيْكُمَا، أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لأَدَعَنْ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ بَعْدِي إِلَى أَحَدٍ أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ.
قَالَ: وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ، فَقَالَ: اسْتَوُوا، فَإِذَا اسْتَوَوْا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، قَالَ: فَلَمَّا كَبَّرَ طُعَنْ مَكَانَهُ، قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ، قَالَ عَمْرٌو: مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ ؟ وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ غَيْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، وَطَارَ الْعِلْجُ وَبِيَدِهِ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ، مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا، وَلاَ شِمَالاً إِلاَّ طَعَنْهُ حَتَّى أَصَابَ مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لِيَأْخُذَهُ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ.
قَالَ: فَصَلَّيْنَا الْفَجْرَ صَلاَةً خَفِيفَةً، قَالَ: فَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلاَ يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ إِلاَّ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، جَعَلُوا يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: اُنْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ: فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ الصَّنَّاعُ، وَكَانَ نَجَّارًا، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
لَمْ يَجْعَلْ مُنْيَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ، قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوك تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوج بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا، فَقَالَ: بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكُمْ وَصَلَّوْا صَلاَتَكُمْ وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ ؟.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ، قَالَ: فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: اُنْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ فَاحْسِبْهُ، فَقَالَ: سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، فَقَالَ: إِنْ وَفَى بِهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلاَّ فَسَلْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ تَفِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِلاَّ فَسَلْ قُرَيْشًا، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّهَا عَنِّي.
اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَلِّمْ وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَلاَ تَقُلْ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ لَهُمُ الْيَوْمَ بِأَمِيرٍ، أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قَالَ: فَأَتَاهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قَالَتْ: قَدْ وَاللهِ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا جَاءَ، قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: فَقَالَ: ارْفَعَانِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْك ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَك، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلُونِي عَلَى سَرِيرِي، ثُمَّ اسْتَأْذِنْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لَك؛
فَأَدْخِلْنِي، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ فَرُدَّنِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَلَمَّا حُمِلَ كَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَذِنَتْ لَهُ، حَيْثُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ.
فَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: لاَ أَجِدُ أَحَدًا أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَأَيَّهُمَ اسْتَخْلَفُوا فَهُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي، فَسَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا، فَإِنْ أَصَابَتْ سَعْدًا فَذَلِكَ، وَإِلاَّ فَأَيُّهُمَ اُسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعَنْ بِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَنْزَعْهُ عَنْ عَجْزٍ، وَلاَ خِيَانَةٍ،
قَالَ: وَجَعَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يُشَاوِرُ مَعَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ.
قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلاَثَةِ نَفَرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ، وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَأَتْمِرُوا أُولَئِكَ الثَّلاَثَةَ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَتَبَرَّأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ، وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لاَ آلُو عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ وَعُثْمَان، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَجْعَلاَنِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهَا، فَوَاللهِ لاَ آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، فَخَلاَ بِعَلِيٍّ، فَقَالَ: إِنَّ لَك مِنَ الْقَرَابَةِ
مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَالْقَدَمِ، وَلِي اللَّهُ عَلَيْك لَئِنَ اُسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنَ اُسْتُخْلِفَ عُثْمَان لَتَسْمَعْن وَلَتُطِيعُنَّ ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَخَلاَ بِعُثْمَانَ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا عُثْمَان، أَبْسِطْ يَدَك، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ.
ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللهِ، وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَعْرِفَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَجُبَاةِ الأَمْوَالِ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فَيْؤُهُمْ إِلاَّعَنْ رِضًا مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا؛ الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ.
38215- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حُضِرَ، قَالَ: اُدْعُوا لِي عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا، قَالَ: فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، لَعَلَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَعْرِفُونَ لَكَ قَرَابَتَكَ، وَمَا آتَاك اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، فَاتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَلاَ تَرْفَعْنَ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِعُثْمَانَ: يَا عُثْمَان، إِنَّ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَ لَك صِهْرَك مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَسِنَّك، وَشَرَفَك، فَإِنْ أَنْتَ وُلِّيتَ هَذَا الأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَرْفَعْ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، فَقَالَ: اُدْعُوا لِي صُهَيْبًا، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاَثًا، وَلْيَجْتَمِعْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ فَلِيَخْلُوا، فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى رَجُلٍ، فَاضْرِبُوا رَأْسَ مَنْ خَالَفَهُمْ.
38216- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمَّيْهِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالاَ: قَالَ عُمَرُ: لِيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلاَثًا، وَانْظُرُوا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، وَإِلاَّ فَإِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لاَ يُتْرَكُ فَوْقَ ثَلاَثٍ سُدًى.
38217- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ خَطِيبًا يَوْمَ جُمُعَةٍ، أَوْ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، وَلاَ أَرَى ذَلِكَ إِلاَّ لِحُضُورِ أَجَلِي، وَإِنَّ
النَّاسَ يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَخِلاَفَتَهُ، وَالَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَإِنْ عُجِّلَ بِي أَمْرٌ، فَالْخِلاَفَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَأَيُّهُمْ بَايَعْتُمْ لَهُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالاً سَيَطْعَنْونَ فِي هَذَا الأَمْرِ، وَإِنِّي قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكَفَرَةُ الضُّلاَّلُ.
إنِّي وَاللهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ أَمْرِ الْكَلاَلَةِ، وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا، حَتَّى طَعَنْ بِأُصْبُعِهِ فِي جَنْبِي، أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ، تَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ النِّسَاءِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا قَضِيَّةً لاَ يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحَدٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، أَوْ لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُك عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ، فَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْأَهُمْ، وَيَعْدِلُوا فِيهِمْ، فَمَنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ رَفَعَهُ إِلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لاَ أَرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْنِ؛ هَذَا الثُّومُ وَهَذَا الْبَصَلُ، لَقَدْ كُنْت أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُوجَدُ رِيحُهُ مِنْهُ، فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ حَتَّى يُخْرَجَ بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ كَانَ آكِلْهُمَا لاَ بُدَّ فَلِيُمِتْهُمَا طَبْخًا.
قَالَ: فَخَطَبَ بِهَا عُمَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، لأَرْبَعٍ بَقِينَ لِذِي الْحَجَّةِ.
38218- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: حجَجْتُ الْعَامَ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عُمَرُ، قَالَ: فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي نَقْرَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ جُمُعَةٌ، أَوْ نَحْوَهَا حَتَّى أُصِيبَ، قَالَ: فَأُذِنَ لأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الشَّامِ، ثُمَّ أُذِنَ لأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكُنَّا آخِرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِبُرْدٍ أَسْوَدَ، وَالدِّمَاءُ تَسِيلُ، كُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ بَكَوْا وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا لَهُ: أَوْصِنَا، وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرَنَا، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ، وَأُوصِيكُمْ بِالْمُهَاجِرِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، وَأُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ شِعَبُ الإِيمَانِ الَّذِي لَجَأَ إِلَيْهِ، وَأُوصِيكُمْ بِالأَعْرَابِ فَإِنَّهَا أَصْلُكُمْ وَمَادَّتُكُمْ، وَأُوصِيكُمْ بِذِمَّتِكُمْ، فَإِنَّهَا ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ، قُومُوا عَنِّي، فَمَا زَادَنَا عَلَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ.
38219- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: لَمَّا طُعَنْ عُمَرُ، مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، فَنَادَى مُنَادٍ: الصَّلاَةُ، فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ، فَقَرَأَ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ}، وَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ}، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّبِيبُ، وَجُرْحُهُ يَسِيلُ دَمًا، فَقَالَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْك ؟ قَالَ: النَّبِيُّذُ، فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ: هَذَا صَدِيدٌ، ائْتُونِي بِلَبَنٍ، فَأُتِيَ بِلَبَنٍ، فَشَرِبَ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: أَوْصِهِ، فَإِنِّي لاَ أَظُنُّك إِلاَّ مَيِّتًا مِنْ يَوْمِكَ، أَوْ مِنْ غَدٍ.
38220- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الرَّازِيّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَلفَ بِاللهِ، لَقَدْ طُعَنْ عُمَرُ وَإِنَّهُ لَفِي النَّحْلِ يَقْرَؤُهَا.
38221- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مِينَاءَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، وَإِنَّ إِحْدَى أَصَابِعِي فِي جُرْحِهِ هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ، أَوْ هَذِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي لاَ أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا أَخَافُكُمْ عَلَى النَّاسِ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ثِنْتَيْنِ، لَنْ تَبْرَحُوا بِخَيْرٍ مَا لَزِمْتُمُوهُمَا: الْعَدْلُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ مُخَرَفَةِ النَّعَمِ، إِلاَّ أَنْ يَعَوَّجَ قَوْمٌ، فَيُعْوَجَّ بِهِمْ.
38222- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا، وَابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عُمَرَ بَعْدَ مَا طُعَنْ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: لاَ يَنْتَبِهُ لِشَيْءٍ أَفْرَغَ لَهُ مِنَ الصَّلاَةِ، فَقُلْنَا: الصَّلاَةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَبَهَ، وَقَالَ: الصَّلاَةُ، وَلاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لاِمْرِئٍ تَرَكَ الصَّلاَةَ، فَصَلَّى وَإِنَّ جُرْحَهُ لَيَثْعَبُ دَمًا.
38223- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنْتُ أَدَعُ الصَّفَّ الأَوَّلَ هَيْبَةً لِعُمَرَ، وَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي يَوْمَ أُصِيبَ، فَجَاءَ، فَقَالَ: الصَّلاَةُ عِبَادَ اللهِ، اسْتَوُوا، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا، فَطَعَنْهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ طَعَنْتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ: وَعَلَى عُمَرَ ثَوْبٌ أَصْفَرُ، قَالَ: فَجَمَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ أَهْوَى، وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} فَقَتَلَ وَطَعَنَ اثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، قَالَ: وَمَالَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَاتَّكَأَ عَلَى خِنْجَرِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ.
38224- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: إِنِّي رَأَيْت الْبَارِحَةَ دِيكًا نَقَرَنِي، وَرَأَيْتُهُ يُجْلِيهِ النَّاسُ عَنِّي، وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللهِ لَئِنْ بَقِيتُ لأَجْعَلَنَّ سِفْلَةَ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْعَطَاءِ عَلَى أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ ثَلاَثًا، حَتَّى قَتَلَهُ غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ، أَبُو لُؤْلُؤَةَ.
38225- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: مَا خَصَّ عُمَرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الشُّورَى دُونَ أَحَدٍ، إِلاَّ إِنَّهُ خَلاَ بِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَ ابْتَلاَك اللَّهُ بِهَذَا الأَمْرِ، فَلاَ تَرْفَعْ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِلآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ.
38226- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فَلاَ تَحْمِلْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: اتَّقِ اللَّهَ، وَإِنْ وُلِّيتَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، فَلاَ تَحْمِلْ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ.
38227- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زُرْعَةَ، عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنْ صَلَّى عَلَى عُمَرَ ؟ قَالَ: صُهَيْبٌ.
38228- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ؛ أَنَّ عُمَرَ حِينَ طُعَنْ جَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُونَ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَبِالإِمَارَةِ تُزَكُّونَنِي ؟ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقُبِضَ وَهُوَ عَنْي رَاضٍ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا سَامِعٌ مُطِيعٌ، وَمَا أَصْبَحْتُ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إِلاَّ إِمَارَتَكُمْ .
38229- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَأَشْيَاخٌ، قَالَوا: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي ثَلاَثَ نَقَرَاتٍ، بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالسُّرَّةِ، قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ: قُولُوا لَهُ فَلِيُوصِ، وَكَانَتْ تَعْبُرُ الرُّؤْيَا، فَلاَ أَدْرِي أَبَلَغَهُ ذَلِكَ، أَمْ لاَ، فَجَاءَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْكَافِرُ الْمَجُوسِيُّ، عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ جَعَلَ عَلَيَّ مِنَ الْخَرَاجِ مَا لاَ أُطِيقُ، قَالَ: كَمْ جَعَلَ عَلَيْك ؟ قَالَ، كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَمَا عَمَلُك ؟ قَالَ: أَجُوبُ الأَرْحَاءَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ عَلَيْك بِكَثِيرٍ، لَيْسَ بِأَرْضِنَا أَحَدٌ يَعْمَلُهَا غَيْرُك، أَلاَ تَصْنَعُ لِي رَحًى ؟ قَالَ: بَلَى، وَاللهِ لأَجْعَلَنَّ لَك رَحًى يَسْمَعُ بِهَا أَهْلُ الآفَاقِ.
فَخَرَجَ عُمَرُ إِلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا صَدَرَ اضْطَجَعَ بِالْمُحَصَّبِ، وَجَعَلَ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَأَعْجَبَهُ اسْتِوَاؤُهُ وَحُسْنُهُ، فَقَالَ: بَدَأَ ضَعِيفًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلَ اللَّهُ يَزِيدُهُ وَيُنْمِيهِ حَتَّى اسْتَوَى، فَكَانَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، ثُمَّ هُوَ يَنْقُصُ حَتَّى يَرْجِعَ كَمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ رَعِيَّتِي قَدْ كَثُرَتْ وَانْتَشَرَتْ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْك غَيْرَ عَاجِزٍ، وَلاَ مُضَيِّعٍ.
فَصَدَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَاتَتْ بِالْبَيْدَاءِ، مَطْرُوحَةً عَلَى الأَرْضِ، يَمُرُّ بِهَا النَّاسُ لاَ يُكَفِّنُهَا أَحَد، وَلاَ يُوَارِيهَا أَحَدٌ، حَتَّى مَرَّ بِهَا كُلَيْبُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِي، فَأَقَامَ
عَلَيْهَا، حَتَّى كَفَّنَهَا وَوَارَاهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: مَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالُوا: لَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فِيمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَدَعَاهُ، وَقَالَ: وَيْحَكَ، مَرَرْتَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَطْرُوحَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَلَمْ تُوَارِهَا وَلَمْ تُكَفِّنْهَا ؟ قَالَ: مَا شَعَرْتُ بِهَا، وَلاَ ذَكَرَهَا لِي أَحَدٌ، فَقَالَ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِيك خَيْرٌ، فَقَالَ: مَنْ وَارَاهَا وَمَنْ كَفَّنَهَا ؟ قَالَوا: كُلَيْبُ بْنُ بُكَيْر اللَّيْثِيُّ، قَالَ: وَاللهِ لَحَرِيٌّ أَنْ يُصِيبَ كُلَيْبٌ خَيْرًا.
فَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، فَلَقِيَهُ الْكَافِرُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، فَطَعَنْهُ ثَلاَثَ طَعَنْاتٍ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالسُّرَّةِ، وَطَعَنْ كُلَيْبَ بْنَ بُكَيْر فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَرَمَى رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْنُسٍ، ثُمَّ اضْطَبَعَهُ إِلَيْهِ، وَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى الدَّارِ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِالنَّاسِ، وَقِيلَ لِعُمَرَ: الصَّلاَةُ، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، وَقَالَ: لاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لِمَنْ لاَ صَلاَةَ لَهُ، فَصَلَّى وَدَمُهُ يَثْعَبُ، ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يُنْسِئَ اللَّهُ فِي أَثَرِكَ، وَيُؤَخِّرَك إِلَى حِينٍ، أَوْ إِلَى خَيْرٍ.
فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يُعْجَبُ بِهِ، فَقَالَ: اُخْرُجْ، فَانْظُرْ مَنْ صَاحِبِي ؟ ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، صَاحِبُك أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ، غُلاَمُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَكَبَّرَ حَتَّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ رَجُلاً مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، يُحَاجُّنِي بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا عَنْ مَلأٍ مِنْكُمْ ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللهِ، وَاللهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا، وَزِدْنَا فِي عُمْرِكَ مِنْ أَعْمَارِنَا، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ.
قَالَ: أَيْ يَرْفَأُ وَيْحَك، اسْقِنِي، فَجَاءَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ حُلْوٌ فَشَرِبَهُ، فَأَلْصَقَ رِدَاءَهُ بِبَطْنِهِ، قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَ الشَّرَابُ فِي بَطْنِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنْاتِ، قَالَوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا دَمٌ اسْتَكَنَ فِي جَوْفِكَ، فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ جَوْفِكَ، قَالَ: أَيْ يَرْفَأُ، وَيْحَك اسْقِنِي لَبَنًا، فَجَاءَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي جَوْفِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنْاتِ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ هَالِكٌ.
قَالَوا: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا، قَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ فِينَا بِكِتَابِ اللهِ، وَتَتَّبِعُ سُنَّةَ صَاحِبَيْك، لاَ تَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، جَزَاك اللَّهُ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ، قَالَ: بِالإِمَارَةِ تَغْبِطُونَنِي، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْهَا كَفَافًا لاَ عَلَيَّ، وَلاَ لِي، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ، أَمِّرُوا عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ، فَمَنْ خَالَفَهُ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ، قَالَ: فَقَامُوا، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَتُؤَمِّرُونَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَيٌّ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لاَ، وَلِيُصَلِّ صُهَيْبٌ ثَلاَثًا، وَانْتَظِرُوا طَلْحَةَ، وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِكُمْ، فَأَمِّرُوا عَلَيْكُمْ رَجُلاً مِنْكُمْ، فَإِنْ خَالَفَكُمْ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ، قَالَ: اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ بِكِ، وَلاَ يَضِيقُ عَلَيْكِ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَي، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِكِ وَيَضِيقُ عَلَيْكِ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ دُفِنَ فِي هَذَا الْبَقِيعِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، فَجَاءَهَا
الرَّسُولُ، فَقَالَتْ: إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَضُرُّ، وَلاَ يَضِيقُ عَلَيَّ، قَالَ: فَادْفِنُونِي مَعَهُمَا، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ الْمَوْتُ يَغْشَاهُ، وَأَنَا أُمْسِكُهُ إِلَى صَدْرِي، قَالَ: وَيْحَك ضَعْ رَأْسِي بِالأَرْضِ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ، فَوَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَفَاقَ، فَقَالَ: وَيْحَك، ضَعْ رَأْسِي بِالأَرْضِ، فَوَضَعْتُ رَأْسَهُ بِالأَرْضِ، فَعَفَّرَهُ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ: وَيْلُ عُمَرَ، وَوَيْلُ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: وَأَهْلُ الشُّورَى: عَلِيٌّ، وَعُثْمَان، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْفٍ.
45- مَا جَاءَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ وَقَتْلِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
38230- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: حجَجْتُ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمْ يَكُونُوا يَشْكُونَ أَنَّ الْخِلاَفَةَ مِنْ بَعْدِهِ لِعُثْمَانَ.
38231- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ حِين اُسْتُخْلِفَ عُثْمَان: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلاَهَا ذَا فُوْقٍ.
38232- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ حِينَ بُويِعَ عُثْمَان: مَا أَلَوْنَا عَنْ أَعْلاَهَا ذَا فُوْقٍ.
38233- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حدَّثَنِي هَرِمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأُسَامَةُ بْنُ خُرَيْمٍ، قَالَ: وَكَانَا يُغَازِيَانِ، فَحَدَّثَانِي جَمِيعًا، وَلاَ يَشْعُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ حَدَّثَنِيهِ، عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذَاتَ يَوْمٍ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ فِي فِتْنَةٍ تَثُورُ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرٍ ؟ قَالَوا: فَنَصْنَعُ مَاذَا يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: فَأَسْرَعْت حَتَّى عَطَفْتُ عَلَى الرَّجُلِ، فَقُلْتُ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ ؟ قَالَ: هَذَا، فَإِذَا هُوَ عُثْمَان.
38234- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَنْبَأَنِي وَثَّابٌ، وَكَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ عِتْقُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، وَكَانَ يَكُونُ بَعْدُ بَيْنَ يَدَيْ عُثْمَانَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي حَلْقِهِ طَعَنْتَيْنِ، كَأَنَّهُمَا كَيَّتَانِ طُعَنْهُمَا يَوْمَ الدَّارِ، دَارِ عُثْمَانَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان، قَالَ: اُدْعُ لِي الأَشْتَرَ، فَجَاءَ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: أَظُنُّهُ قَالَ: فَطَرَحْتُ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وِسَادَةً، وَلَهُ وِسَادَةً، فَقَالَ: يَا أَشَتَرُ، مَا يُرِيدُ النَّاسُ مِنِّي ؟ قَالَ: ثَلاَثًا، لَيْسَ مِنْ إِحْدَاهُنَّ بُدٌّ، يُخَيِّرُونَك بَيْنَ أَنْ تَخْلَعَ لَهُمْ أَمْرَهُمْ، وَتَقُولُ: هَذَا أَمْرُكُمْ، اخْتَارُوا لَهُ مَنْ شِئْتُمْ، وَبَيْنَ أَنْ تُقِصَّ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنْ أَبَيْتَ هَاتَيْنِ، فَإِنَّ الْقَوْمَ
قَاتِلُوك، قَالَ: مَا مِنْ إحْدَاهُنَّ بُدٌّ ؟ قَالَ مَا مِنْ إِحْدَاهُنَّ بُدٌّ.
قَالَ: أَمَّا أَنْ أَخْلَعَ لَهُمْ أَمْرَهُمْ، فَمَا كُنْتُ أَخْلَعُ سِرْبَالاً سَرْبَلَنِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَقَالَ غَيْرُ الْحَسَنِ: لأَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَخْلَعَ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلاَمِهِ، وَأَمَّا أَنْ أُقِصَّ لَهُمْ مِنْ نَفْسِي، فَوَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ صَاحِبَيَّ بَيْنَ يَدَيَّ كَانَا يُقِصَّانِ مِنْ أَنْفُسِهِمَا، وَمَا يَقُومُ بَدَنِي بِالْقِصَاصِ، وَأَمَّا أَنْ يَقْتُلُونِي، فَوَاللهِ لَوْ قَتَلُونِي لاَ يَتَحَابُّونَ بَعْدِي أَبَدًا، وَلاَ يُقَاتِلُونَ بَعْدِي عَدُوًّا جَمِيعًا أَبَدًا.
قَالَ: فَقَامَ الأَشْتَرُ وَانْطَلَقَ، فَمَكَثْنَا، فَقُلْنَا: لَعَلَّ النَّاسَ، ثُمَّ جَاءَ رُوَيْجِلٌ كَأَنَّهُ ذِئْبٌ، فَاطَّلَعَ مِنَ الْبَابِ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي ثَلاَثَةِ عَشَرَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عُثْمَانَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ بِهَا، حَتَّى سَمِعْتَ وَقَعَ أَضْرَاسَهُ، وَقَالَ: مَا أَغْنَى عَنْك مُعَاوِيَةُ، مَا أَغْنَى عَنْك ابْنُ عَامِرٍ، مَا أَغْنَتْ عَنْك كُتُبُك، فَقَالَ: أَرْسِلْ لِي لِحْيَتِي ابْنَ أَخِي، أَرْسِلْ لِي لِحْيَتِي ابْنَ أَخِي.
قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ اسْتَعْدَى رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ يُعِينُهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ، حَتَّى وَجَأَ بِهِ فِي رَأْسِهِ فَأَثْبَتَهُ، قَالَ: ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: ثُمَّ دَخَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ.
38235- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا لَيْلَى الْكِنْدِيَّ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ اطَّلَعَ إِلَى النَّاسِ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَقْتُلُونِي وَاسْتَعْتِبُونِي، فَوَاللهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُونِي لاَ تُقَاتِلُونَ جَمِيعًا أَبَدًا، وَلاَ تُجَاهِدُونَ عَدُوًّا أَبَدًا، وَلَتَخْتَلِفُنَّ حَتَّى تَصِيرُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ،{وَيَا قَوْم لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ، أَوْ قَوْمَ هُودٍ، أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ، وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} . قَالَ: وَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: الْكَفَّ الْكَفَّ، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ لَك فِي الْحُجَّةِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ.
38236- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ، يَقُولُ: إِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدِي غِنَاءً مَنْ كَفَّ سِلاَحَهُ وَيَدَهُ.
38237- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: هَذِهِ الأَنْصَارُ بِالْبَابِ، قَالَوا: إِنْ شِئْتَ أَنْ نَكُونَ أَنْصَارَ اللهِ مَرَّتَيْنِ ؟ فَقَالَ: أَمَّا قِتَالٌ فَلاَ.
38238- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ يَوْمَ الدَّارِ: اُخْرُجْ فَقَاتِلْهُمْ، فَإِنَّ مَعَك مَنْ قَدْ نَصَرَ اللَّهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَاللهِ، إِنَّ قِتَالَهُمْ لَحَلاَلٌ، قَالَ: فَأَبَى، وَقَالَ: مَنْ كَانَ لِي عَلَيْهِ سَمْعٌ وَطَاعَةٌ، فَلِيُطِعْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَمَّرَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الدَّارِ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ صَائِمًا.
38239- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: جَهْجَاهٌ تَنَاوَلَ عَصًا كَانَتْ فِي يَدِ عُثْمَانَ، فَكَسَرَهَا بِرُكْبَتِهِ، فَرُمِيَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِأكِلَةٍ.
38240- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ عُثْمَانَ أَصْبَحَ يُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: يَا عُثْمَان، أَفْطِرْ عِنْدَنَا، فَأَصْبَحَ صَائِمًا وَقُتِلَ مِنْ يَوْمِهِ.
38241- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مُوثِقِي عُمَرُ وَأُخْتَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَلَوِ ارْفَضَّ أُحُدٌ مِمَّا صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ كَانَ حَقِيقًا.
38242- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ فِي الدَّارِ، قَالَ: لاَ تَقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِهِ إِلاَّ قَلِيلٌ، وَاللهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لاَ تُصَلُّونَ جَمِيعًا أَبَدًا.
38243- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو الْيَعْفُورِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَاللهِ لَئِنْ قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ لاَ تُصِيبُونَ مِنْهُ خَلَفًا.
38244- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: ثُمَّامَةُ كَانَ عَلَى صَنْعَاءَ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَتْلُ عُثْمَانَ بَكَى، فَأَطَالَ الْبُكَاءَ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: الْيَوْمَ اُنْتُزِعَتِ النُّبُوَّةُ، أَوَ قَالَ: الْخِلاَفَةُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَصَارَتْ مِلْكًا وَجَبْرِيَّةً، فَمَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ أَكَلَهُ.
38245- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان، قَامَ خُطَبَاءُ إيلِيَاءَ، فَقَامَ مِنْ آخِرِهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُقَالُ لَهُ: مُرَّةُ بْنُ كَعْبٍ، فَقَالَ: لَوْلاَ حَدِيثٌ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا قُمْتُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذَكَرَ فِتْنَةً أَحْسَبُهُ، قَالَ: فَقَرَّبَهَا، فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِرِدَائِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَذَا يَوْمَئِذٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْحَقِ، فَانْطَلَقْتُ، فَأَخَذْتُ بِوَجْهِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقُلْتُ: هَذَا ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَإِذَا هُوَ عُثْمَان.
38246- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، لَرُجِمُوا بِالْحِجَارَةِ كَمَا رُجِمَ قَوْمُ لُوطٍ.
38247- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ مِنَ الْقَصْرِ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِرَجُلٍ أُتَالِيهِ كِتَابَ اللهِ، فَأَتَوْهُ بِصَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ، وَكَانَ شَابًّا، فَقَالَ: أَمَا وَجَدْتُمْ أَحَدًا تَأْتُونِي بِهِ غَيْرَ هَذَا الشَّابِّ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ صَعْصَعَةُ بِكَلاَمٍ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: اُتْلُ، فَقَالَ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، فَقَالَ: كَذَبْتَ، لَيْسَتْ لَك، وَلاَ لأَصْحَابِكَ، وَلَكِنَّهَا لِي وَلأَصْحَابِي، ثُمَّ تَلاَ عُثْمَان: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} حَتَّى بَلَغَ: {وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}.
46- مَا جَاءَ فِي خِلافَةِ علِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
38248- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كَانَ الْحَادِي يَحْدُو بِعُثْمَانَ وَهُوَ يَقُولُ:
إِنَّ الأَمِيرَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ
وَفِي الزُّبَيْرِ خَلَفٌ رَضِيٌّ.
قالَ: فَقَالَ كَعْبٌ: وَلَكِنَّهُ صَاحِبُ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ، يَعَنْي مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ كَعْبًا يَسْخَرُ بِكَ، وَيَزْعُمُ أَنَّك تَلِي هَذَا الأَمْرَ، قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، كَيْفَ وَهَا هُنَا عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهَا.
38249- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ: أَخْطَأْتُمْ وَأَصَبْتُمْ، أَمَّا لَوْ جَعَلْتُمُوهَا فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، لأَكَلْتُمُوهَا رَغَدًا.
38250- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: مَا رَزَأَ عَلِيٌّ مِنْ بَيْتِ مَالِنَا، حَتَّى فَارَقَنَا إِلاَّ جُبَّةً مَحْشُوَّةً، وَخَمِيصَةً دَرَابَجَرْدِيَّةً.
38251- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا حِينَ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ حَتَّى أَدْمَوْا رِجْلَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ كَرِهْتُهُمْ، وَكَرِهُونِي، فَأَرِحْنِي مِنْهُمْ، وَأَرِحْهُمْ مِنِّي.
38252- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: اكْتَنَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، وَشَبِيبٌ الأَشْجَعِيُّ عَلِيًّا حِينَ خَرَجَ إِلَى الْفَجْرِ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ، وَثَبَتَ سَيْفُهُ فِي الْحَائِطِ، ثُمَّ أُحْصِرَ نَحْوَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، وَقَالَ النَّاسُ: عَلَيْكُمْ صَاحِبَ السَّيْفِ، فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يُؤْخَذَ رَمَى بِالسَّيْفِ، وَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى قَرْنِهِ، ثُمَّ أُحْصِرَ نَحْوَ بَابِ الْفِيلِ، فَأَدْرَكَهُ عَرَيْضٌ، أَوْ عُوَيْضٌ الْحَضْرَمِيُّ فَأَخَذَهُ، فَأَدْخَلَهُ عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ، أَوْ دَعُوهُ، وَإِنْ أَنَا نَجَوْتُ كَانَ الْقِصَاصُ.
38253- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُبَيْعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا، فَمَا يُنْتَظَرُ بِالأَشْقَى، قَالَوا: فَأَخْبِرْنَا بِهِ نُبِيرُ عِتْرَتَهُ، قَالَ: إِذًا تَاللهِ تَقْتُلُوا غَيْرَ قَاتِلِي، قَالَوا: أَفَلاَ تَسْتَخْلِفْ ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَوا: فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتَنِي فِيهِمْ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْك وَأَنْتَ فِيهِمْ، فَإِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ.
38254- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: يَا لِلدِّمَاءِ، لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا، يَعَنْي لِحْيَتَهُ مِنْ دَمِ رَأْسِهِ.
38255- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا يُحْبَسُ أَشْقَاهَا أَنْ يَجِيءَ فَيَقْتُلُنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ سَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَرِحْنِي مِنْهُمْ وَأَرِحْهُمْ مِنِّي.
47- مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ.
38256- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ: أَخْرِجُوا إِلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْكُمْ، يَكُونُوا كُفَلاَءَ عَلَى قَوْمِهِمْ، كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، فَكَانَ نَقِيبَ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: وَهُمْ أَخْوَالُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ أَبُو أُمَامَةَ، وَكَانَ نَقِيبَيْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَسَعْدُ بْنُ رَبِيعٍ، وَكَانَ نَقِيبَيْ بَنِي سَلِمَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَكَانَ نَقِيبَيْ بَنِي سَاعِدَةَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي زُرَيْقٍ رَافِعُ بْنُ مَالِكَ، وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَهُمَ الْقَوَاقِلُ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَكَانَ نَقِيبَيْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَأَبُو الْهَيْثَم بْنُ التِّيهَانِ، وَكَانَ نَقِيبَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَة.
38257- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: وَعَدَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَصْلَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الأَضْحَى، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلاً، قَالَ عُقْبَةُ: إِنِّي مِنْ أَصْغَرِهِمْ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَوْجِزُوا فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، سَلْنَا لِرَبِّكَ، وَسَلْنَا لِنَفْسِكَ، وَسَلْنَا لأَصْحَابِكَ، وَأَخْبِرْنَا مَا الثَّوَابُ عَلَى اللهِ وَعَلَيْك.
فَقَالَ: أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي أَنْ تُطِيعُونِي، أَهْدِيَكُمْ سَبِيلَ الرَّشَاد، وَأَسْأَلُكُمْ لِي وَلأَصْحَابِي أَنْ تُوَاسُونَا فِي ذَاتِ أَيْدِيكُمْ، وَأَنْ تَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَلَكُمْ عَلَى اللهِ الْجَنَّةُ وَعَلَيَّ، قَالَ: فَمَدَدْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعَنْاهُ.
38258- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: انْطَلَقَ الْعَبَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الأَنْصَارِ، فَقَالَ: تَكَلَّمُوا وَلاَ تُطِيلُوا الْخُطْبَةَ، إِنَّ عَلَيْكُمْ عُيُونًا، وَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُكَنَّى: أَبَا أُمَامَةَ، وَكَانَ خَطِيبَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: سَلْنَا لِرَبِّكَ، وَسَلْنَا لِنَفْسِكَ، وَسَلْنَا لأَصْحَابِكَ، وَمَا الثَّوَابُ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَلِنَفْسِي أَنْ تُؤْمِنُوا بِي وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلأَصْحَابِي الْمُوَاسَاةَ فِي ذَاتِ أَيْدِيكُمْ، قَالَوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ ؟ قَالَ: لَكُمْ عَلَى اللهِ الْجَنَّةُ.
38259- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أُنْشِدُك بِاللهِ، كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: فَأَخْبِرْهُ، فَقَدْ سَأَلَك، فَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: قَدْ كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَإِنْ كُنْتُ فِيهِمْ، فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ للهِ وَرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، وَعُذِرَ ثَلاَثَةٌ، قَالَوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلاَ عَلِمْنَا مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ.
38260- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ.
38261- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ, أَلْفًا وَأَرْبَعَمِئَةٍ, أَوْ أَلْفًا وَثَلاَثَمِئَةٍ, وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمُْنَ الْمُهَاجِرِينَ.
38262- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَبُو سِنَانٍ الأَسَدِيُّ وَهْبٌ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أُبَايِعُك، قَالَ: عَلاَمَ تُبَايِعُنِي ؟ قَالَ: عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ، قَالَ: فَبَايَعَهُ، قَالَ: وَأَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: أُبَايِعُك عَلَى مَا بَايَعَك عَلَيْهِ أَبُو سِنَانٍ، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعَهُ النَّاسُ.
38263- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: السَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مَنْ أَدْرَكَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.