الأميش هي طائفة مسيحية تجديدية العماد تتبع للكنيسة المنيونية. نشأت الطائفة في العصور الوسطى، وهي فترة شهدت بروز حركات مسيحية كثيرة، منها الطائفة التي كانت تعرف حينذاك باسم المسيحيين الجدد الآنابابتيست التي يعتبر الآميش جزءا منها. ويبلغ عدد الأميش حالياً زهاء 249.000 موزعين على 22 منطقة مأهولة في الولايات المتحدة وفي ولاية أونتاريو في كندا.
كثيراً ما نسمع شخصاً يُوصف بأنه متخلّف و بعيد عن التطور لأنه مثلاً لا يملك هاتفاً نقالاً أو لأنه لا يجيد استعمال الكمبيوتر أو لأنه لا يزال يملك تلفزيوناً بالأبيض و الأسود، لأنّه يعيش متخلفاً عنّا ببضعة سنين، أو حتّى بضعة عقود في أبعد الأحوال…و لكن ماذا لو قلت لك أنه يوجد في الولايات المتحدة أناس متخلّفون عنّا بثلاثمائة سنة نعم، هناك أفراد طائفة يعيشون بكامل إرادتهم تماماً كما كان يعيش أجدادهم الأوائل الذي قدموا لأمريكا في القرن السابع عشر! منذ عام 1660 قد توقّفت عجلة الزمن مجازيًا عند هذه الطائفة و لم يتغيّر أي شيء مهما كان بسيطاً في طريقة حياة هؤلاء الناس
يكافح الأميش للعيش على الأسلوب القديم وعلى الرغم من أنهم يتقبلون بعض الأفكار الحديثة -مثل استخدام الأدوية الحديثة- , إلا إن أسلوب حياتهم لم يتغير كثيراً منذ300 عاماً. فهم لا يستعملون الكهرباء، لذلك فبيوتهم لا تحتوي على إنارة كهربائية، ولا أجهزة تليفزيون ولا أجهزة المطبخ مثل الثلاجات ولا التلفون. يحرّمون ركوب السيارة لذلك تراهم يمتطون العربات التي تجرّها الأحصنة ويتكلّمون إحدى اللهجات الألمانية التي تحدث بها أجدادهم الأوائل والذين عاشوا في ألمانيا وسويسرا. وقد أطلق عليهم أميش نسبةً إلى زعيمهم ومؤسس الطائفة “آمان جاكوب”.
تأسست طائفة الأميش على يد “آمان جاكوب” و هي واحدة من عشرات الجماعات المسيحية المنشقّة التي ظهرت في أوربا القرون الوسطى مع انتشار حركة ما يسمى بالإصلاح الديني، رأى “آمان جاكوب” أن طريق الخلاص و الفلاح في الدنيا و الآخرة هو التمسّك الحرفي بتعاليم الإنجيل و الرجوع إلى أصول المسيحية الأولى عبر نبذ السلطة الكنسية و عدم الاعتراف بالبابا، الالتزام بتعاليم الإنجيل الذي بين يديهم في كلّ مناحي الحياة حتّى في أبسط الأمور و استشارة ما يسمى بـ”مجلس الأعيان” في كل صغيرة و كبيرة و هذا المجلس يشبه كفكرة فقط مجالس الإفتاء عند المسلمين حيث يقرر ما إذا كان ذلك الأمر مخالفاً للإنجيل أم لا و هو يعد السلطة العليا في هذا المجتمع حيث يعدّون من أكثر المجتمعات تديّنا في أمريكا و لا تقلّ نسبة حضور مواعظ الكنيسة بينهم عن 90% هذا وتتشابه هذه الطائفة مع مثيلاتها من الفرق المسيحية التي تنسب المكان والجهة و الجسمية لله تعالى وهذا (كما يعتقد المسلمون) مخالفٌ تمامًا لحقيقة تعاليم عيسى المسيح الذي جاء كغيرهم من الأنبياء بدين الإسلام و لم يأتي أي نبي قبله أو بعده بدين غير دين الإسلام
يمتثل أفراد الأميش لقانون غير مكتوب (متوارث شفوياً) يدعى “الأوردنانغ” وهو يحدد بشكل صارم كيفية حياة أفراد الأميش حتّى في أدق التفاصيل من طريقة الملبس مروراً بطول الشعر وكيفية قصّه وصولاً إلى كيفية حراثة الأرض، وهم ملتزمون به بشدّة ولا يحيدون عنه قيد أنملة.
يؤمنون بأن ملابسهم تكرّس حياة الزهد والبساطة التي اختاروها لأنفسهم فترتدي النساء منهم الثياب المحتشمة والطويلة والمرايل ويقمن بقص الشعر ويربطنه خلف الرأس لأنّه من المحرّم عندهم أن تكشف المرأة عن شعرها، أما الرجال والصبيان فيرتدون البدلات الداكنة اللون والمعاطف والقبعات السوداء أو قبعات القش العريضة. وبعد الزواج يطلقون اللحى ويحلقون الشارب ومن المحرّم عندهم ارتداء الأحزمة، او القفازات، ربطات العنق وغيرها من الملابس المعروفة عند الغرب.
يعارض الأميش أي تكنولوجيا يعتقدون أنها قد تؤثّر على طبيعة مجتمعهم المتماسك، فتراهم ينبذون أشياء نعتبرها نحن من الضروريات كالكهرباء و السيارة، والهاتف…إلخ وذلك لأنهم يرون أنه من شانها أن تنشر الرذيلة و الخبث في مجتمعهم و تعطي شيئًا من الطبقية و عدم المساواة (الأميش يعتقدون أن جميعهم متساوون في كل شيء، جميع ممتلكاتهم مشتركة أي ملكية جماعية و لا يوجد شخص أفقر من الآخرين)، حتّى في حراثة أراضيهم يعتمدون على المحاريث التقليدية التي تجرّها الخيل فلا يستخدم الزراع الاميش الآلات الحديثة, ومع ذلك فإن مزارعهم ناجحة لأنهم يعملون بجد ويعتنون جيدا بأراضيهم وحيواناتهم .مزارعهم دائماً ما تكون صغيرة حيث يرون إنه من الخطأ امتلاكهم لأكثر من اللازم من الأرض أو النقود التي يحتاجونها للعيش حتّى أنهم لا يعرفون البيع و الشراء بينهم فإذا أراد أحدهم شيئاً يكفي أن يذهب إلى المخزن و يأخذ على قدر حاجته فهم لا يعترفون بالملكية الفردية، فهم معروفون بالزهد و التقشّف و الابتعاد عن المادة…اكتشف بعض المزارعين الأميش وجود بترول فى مزارعهم منذ عدة سنوات مضت. هل هناك الكثير من البترول تحت المزارع، أو مجرد القليل. لم يرد المزارعون الأميش المعرفة. فى الحال، باعوا أراضيهم وانتقلوا بعيداً دون إطلاع أي أحد على أمر البترول، لم يرغبوا في أن يكونوا من الأثرياء.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
بخصوص الدراسة، فهم لا يعترفون بالتعليم الحكومي وعوضاً عن ذلك يدرّسون أبنائهم في شبه مدارس مكوّنة من غرفة أو غرفتين (يُطبّق الفصل بين الجنسين) حيث يتعلّمون على أيدي مدرّسين أميش طبعاً، مبادئ اللغة الانجليزية (لا يتحدثون الانجليزية وإنما لهجة ألمانية) ومبادئ الحساب والجغرافيا وتاريخ الأميش فقط (لا يهتّمون بالعالم الخارجي ولا بتاريخه) بالإضافة إلى تدريس العقيدة المسيحية وبعض الحصص التربوية التي تزرع قيمهم ومبادئهم في قلوب الأطفال
عندما يبلغ الأميش 18 سنة، يذهب لمدّة ثلاث سنوات لاستكشاف العالم الخارجي وعليه خلال هذه المدة أن يقرر ما إذا كان يريد البقاء في مجتمع الأميش أم يفضّل الحياة العصرية، والمدهش أن أربعة من كل خمسة شبّان يفضّلون العودة إلى مجتمع الأميش وتمضية حياتهم هناك
يُعرف الأميش بأنهم مسالمون جداً حيث لا يؤذون أحداً ولا يردّون الاعتداء إذا ما اعتدى أحد عليهم، كما يتميّز مجتمعهم بأنه لا وجود للعنف وللجرائم فيه حيث إنه طوال تاريخهم لم يرتكب أحدهم جريمة قتل، رجالهم لا يخدمون في الجيش ولا يشاركون في الحروب.
هذا هو باختصار مجتمع الأميش في أمريكا، ويوجد الكثير من أمثاله في الدول الأخرى مثل جماعة الشيخ حميد في السعودية وهي جماعة دينية متشددة تفككت في الثمانينات كانت تحرّم الكهرباء والسيارة والهاتف وكل ما له علاقة بالحضارة الغربية، وفي الجزائر عندنا قبائل الطوارق التي تجوب الصحراء طولاً وعرضاً والتي لم يتغيّر أسلوب عيشها منذ آلاف السنن.