قد ذكره الله تعالى مع الأنبياء ، في سورة “الأنعام ” في قوله: وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين
هو اليسع من ذرية يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، ويقال غير ذلك.
وقال تعالى في سورة “ص”: واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار [ص : 48]. قال إسحاق بن بشر، أبو حذيفة: أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: كان بعد إلياس، اليسع – عليهما السلام – فمكث ما شاء الله أن يمكث; يدعوهم إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته، حتى قبضه الله، عز وجل إليه، ثم خلف فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الأحداث والخطايا، وكثرت الجبابرة، وقتلوا الأنبياء، وكان فيهم ملك جبار عنيد طاغ، ويقال: إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب وراجع، دخل الجنة; فسمى ذا الكفل. قال محمد بن إسحاق: هو اليسع بن أخطوب.
ويقال: هو ابن عم إلياس النبي، عليهما السلام. ويقال: كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ، ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس خلفه اليسع فى قومه، ونبأه الله بعده . ذكر ذلك عبد المنعم بن إدريس بن سنان، عن أبيه ، عن وهب بن منبه، قال: وقال غيره : كان الأسباط ببانياس. ثم ذكر ابن عساكر قراءة من قرأ: اليسع، بالتخفيف وبالتشديد، ومن قرأ : ” الليسع “، وهو اسم واحد لنبي من الأنبياء. قلت : قد قدمنا قصة ذي الكفل بعد قصة أيوب، عليهما السلام; لأنه قد قيل: إنه ابن أيوب، فالله أعلم بالصواب.
قال ابن جرير وغيره: ثم مرج أمر بني إسرائيل، وعظمت فيهم الأحداث والخطوب والخطايا، وقتلوا من قتلوا من الأنبياء، وسلط الله عليهم بدل الأنبياء ملوكا جبارين يظلمونهم، ويسفكون دماءهم، وسلط الله عليهم الأعداء من غيرهم أيضا. وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء، يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان، كما تقدم ذكره، فكانوا ينصرون ببركته، وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية، مما ترك آل موسى وآل هارون، فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان، غلبوهم عليه، وقهروهم على أخذه، فانتزعوه من أيديهم، فلما علم بذلك ملك بنى إسرائيل، في ذلك الزمان، مالت عنقه فمات كمدا، وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راع، حتى بعث الله فيهم نبيا من الأنبياء يقال له: شمويل . فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكا ليقاتلوا معه الأعداء، فكان من أمرهم ما سنذكره مما قص الله في كتابه.
ذكر المؤرخون من قصته أنه كان بعد إلياس فقام بأمر بني اسرائيل فكان فيهم ما شاء الله أن يمكث يدعوهم إلى عبادة الله متمسكًا بنهج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل، وعظمت الأحداث والخطايا في بني اسرائيل وكثرت الجبابرة. وكان فيهم التابوت فيه بقية مما ترك ءال موسى وءال هارون يتوارثونه، فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويزحفون به معهم إلا هزم الله ذلك العدو.
وقال بعضهم: إن اليسع ابن عم إلياس النبي عليه السلام، ويقال كان مستخفيًا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك، ثم ذهب معه إليها فلما مات إلياس خلفه اليسع في قومه ونبّأه الله بعده.







