حكم المسلمون الهند 8 قرون كاملة دون أن يتحول البلد إلى الإسلام على عكس دول أخرى مجاورة مثل إندونيسيا وسنغافورة، بل وأصبح رافضا لوجود المسلمين، بسبب سيطرة طبقة سياسية متطرفة على حكم البلاد.
والسبب في ذلك -حسب الكاتب والصحفي محمود العدم- يعود لأمور عدة من بينها أن مسلمين حكموا الهند وليس الإسلام، فكانوا بعيدين عن الناس ولم يعملوا على نشر الدين.
فقد فتح المسلمون الهند سنة 93 هجرية، في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، على يد محمد بن القاسم الثقفي، ولم يستغرق فتحه إلا 3 سنوات.
ووفق المتحدث، فإن ثمة من يقول إن مساحة الهند الكبيرة جعلته مقسما إلى مقاطعات تحكم كل واحدة منها ديانة، وأن مناطق كثيرة لم يصلها الإسلام حتى يعرفه أصحابها.
كما كان النظام الطبقي الذي حكم الهند مئات السنين سببا رئيسيا في منع عشرات ملايين الهنود من اعتناق الإسلام، استنادا لقوة سلطة رجال الدين الهندوس المعنوية والمادية.
فالمجتمع الهندي مقسم إلى 4 طبقات، على رأسها الكهنة وسدنة المعابد ورجال الدين الهندوس (البراهما)، الذين يعتقد الناس أنهم “خلقوا من رأس الإله”، ثم الحكام والمقاتلون والجنود (الكاشتريا) والتي يعتقدون أنها “خلقت من الأعضاء العليا للإله”، ثم التجار والمزارعون (الفيشنوا) ويعتقدون أنهم “خلقوا من فخذي الإله”، و”الشودرا” وهي طبقة تضم الخدم.
وهناك طبقة اجتماعية أخرى غير مصنفة -كما يقول العدم- وهي المنبوذون (الداليت) الذي يعتقد الهندوس أن الأرواح الشريرة سكنت هؤلاء الناس، وهم بذلك لا ينتمون لصنف البشر، ويكلفون بـ”الأعمال الحقيرة”.
ولم تفكر هذه الملايين في اعتناق الإسلام لأنها تربت على فكرة أنها ليست مؤهلة للاعتقاد لكونها “طبقات دنيئة لا يمكنها ارتقاء درجات سلم الإيمان”، ولا حتى بالإسلام الذي يعتقدون أنه يخضع أيضا لهذه التصنيفات.
وذكر العدم أنه استضاف بعض هؤلاء في بيته بالهند، قائلا إنهم رفضوا الجلوس على الكراسي وأصروا على الجلوس في الأرض إيمانا منهم بأنهم لا يستحقون أكثر من هذا.
استثمار المعتقد الهندوسي
واستفاد حكام الهند من عشرات ملايين الهنود المنتمين للطبقات الدنيا خصوصا في أوقات الانتخابات حيث كان بعض الساسة يقنعونهم بأنهم يقومون بمهام مقدسة وأنهم قد يرتقون يوما في السلم الاجتماعي.
ولا ينفي هذا أن الاستعمار البريطاني لعب دورا مهما في ترسيخ تجميد الإسلام بدليل أنه سيطر على 600 ألف وقف إسلامي في البلاد، لكن بعض المسلمين الذين حكموا الهند استثمروا في الهندوسية ولم يحاولوا تغييرها، بل وتعاونوا مع كبار التجار والملاك للاستفادة من الطبقات الدنيا، وفق العدم.
ووصل الحال ببعض حكام المسلمين إلى محاولة إظهار دين جديد في الهند للاستفادة ماديا وتجاريا من عشرات الملايين الذين يعتقدون أنهم خلقوا لخدمة الطبقات العليا فقط.
ورغم تعدد الديانات، لا تزال الهندوسية الديانة الأكثر تجذرا وانتشارا لكونها تعود إلى 5 آلاف عام، وهي معقدة إلى درجة أن معتنقيها لا يفهمون كل تفاصيلها، ومنها خرج آلاف الآلهة حتى أصبح “كل شيء يعبد في هذه البلاد”، حسب العدم.
وكانت هذه الطبقات الاجتماعية تنطبق على الهندوس وحدهم بحيث لا تشمل المسيحيين ولا المسلمين والسيخ، لكن دراسة أجريت عام 2005 بطلب من رئيس الوزراء آنذاك، مانمموهان سينغ، خلصت إلى أن أوضاع المسلمين أقل من المنبوذين سياسيا وتعليميا ومعيشيا.
إقصاء المسلمين
فقد رسخ جواهر لال نهرو، بدعم من البريطانيين، إقصاء المسلمين فور الاستقلال سنة 1947، وكان عددهم 100 مليون من أصل 400 مليون هندي، رغم مساندتهم له في مقاومة الاستعمار البريطاني، ورغم أن أبو العبد الله أبو الكلام، صانع القنبلة النووية الهندية، كان مسلما.
ومن بين أسباب هذه التفرقة التي وصلت إلى استثناء المسلمين من قانون المواطنة الذي بدأ العمل به عام 2020، شعور الطبقة الهندوسية التي يمثلها حزب “بهارتا جناتا” الحاكم حاليا برئاسة نايندرا مودي، بالنقاء العرقي، وبأن الهند للهنود فقط، وأن على المسلمين الرحيل إلى باكستان، التي كانت جزءا من الهند قبل الاستقلال.
ويعتقد العدم أن معاداة المسلمين ليست فكرة هندوسية وإنما هي فكرة تبنتها طبقة سياسية عسكرية يمثلها مودي حاليا، أحكمت قبضتها على صناعة القرار في الهند، وشرعت بخلق طبقة مسلمة بلا حقوق.








