التَّطَيُّبُ وَشَمُّ الطِّيْبِ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ
اعْلَم رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ مِمَّا شَاعَ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ أَنَّ التَّطَيُّبَ وَشَمَّ الطِّيْبِ مُفَطِّرٌ، وَذَلِكَ خِلَافُ الصَّوَابِ، فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ شَمَّ الطِّيْبَ لَا يُفْطِرُ وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَىْءٌ لَهُ حَجْمٌ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوْحٍ إلَى الجَوْفِ، لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُ التَّطَيُّبِ لِلصَّائِمِ، فَالتَّطَيُّبُ بِالنِّسْبَةِ لِهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُ الأَوْلَى، فَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ وَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ.
وَقَدْ نَصَّ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى أَنَّ شَمَّ الرَّيَاحِيْنِ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ.
وَنَصَّ الفَقِيْهُ المَالِكِيُّ الحَطَّابُ الرُّعَيْنِيُّ فِي مَوَاهِبِ الجَلِيْلِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوْزُ أَنْ يَتَطَيَّبَ الصَّائِمُ، وَنَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ قَالَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ.
وَنَصَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنَ الحَنَفِيَّةِ فِي مَرَاقِي الفَلَاحِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوْزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ.
وَنَقَلَ أَبُو الفَضْلِ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قُلْتُ يَشَمُّ الصَّائِمُ الطِّيْبَ؟ قَالَ نَعَم.
فَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الصِّيَامِ، كَغَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الدِّيْنِ، لَا تَكُوْنُ بِالبَحْثِ وَالمُطَالَعَةِ فِي الكُتُبِ مِنْ دُوْنِ تَلَقٍّ وَلَا بِالبَحْثِ عَبْرغوغل هُنَا وَهُنَاكَ وَلَا بِمُطَالَعَةِ أَيِّ شَىْءٍ يَكْتُبُهُ النَّاسُ فِي فايس بوك عِلْمُ الدِّيْنِ لَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سَنَدٌ، إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ إِلَى البِدَايَةِ. فَالدِّيْنُ لَيْسَ فِكْرَةً يَفْتَكِرُهَا الشَّخْصُ.