في السنوات الأخيرة تزداد المطالبات ببيان العلاقة بين الوهابية – التي أسسها محمد بن عبد الوهاب (ت 1206هـ – 1791م) – وبين فكر الغلوّ الداعشي. والحقيقة التي لا تقبل التزييف أنّ ظاهرة تكفير المسلمين وقتالهم بدعوى “إقامة دولة التوحيد” بدأت مع الدعوة الوهابية نفسها، وما داعش إلا استمرار مباشر لتلك المدرسة في صورة أكثر فجاجة ودموية.
الوهابية: أصل فكرة التكفير واستباحة الدماء
محمد بن عبد الوهاب دعا صراحة إلى تكفير عموم المسلمين ممن خالفه في فهمه الضيق للتوحيد، واستحل دماءهم وأموالهم، فكانت حملاته العسكرية على الحواضر الإسلامية في نجد والحجاز والعراق حافلة بالقتل والنهب. هذه الخلفية الفكرية ليست اجتهادًا سياسيًا عابرًا، بل هي جوهر دعوته التي قامت على تكفير المخالف وإلزام الأمة كلها برؤيته الخاصة.
هذا المنهج هو ذاته الذي تبنّته داعش لاحقًا: تكفير المجتمعات الإسلامية، إباحة دمائهم، والسعي لإقامة “خلافة” بالقوة والسيف. من هنا يتضح أن الفصل بين محمد بن عبد الوهاب وداعش محاولة تضليلية لتبييض وجه فكر قائم على الغلوّ منذ نشأته.
مساران يغذيان الغلوّ: كلاهما متجذر في الوهابية
-
-
في قضايا التكفير:الوهابية زرعت جذور الفكر التكفيري الذي ورثته التنظيمات المتطرفة. وما كتابات ابن عبد الوهاب نفسها إلا دليل صريح على هذا المنهج؛ فهي مليئة بأحكام التكفير وإخراج المسلمين من الدين، الأمر الذي جعل داعش ترى نفسها الامتداد الطبيعي لتلك الدعوة.
-
-
-
في قضايا السياسة:الوهابية كانت أول من حوّل الدين إلى مشروع سياسي قائم على القوة العسكرية والانقلاب على الأمة، وهذا هو عين ما فعلته داعش عند إعلان ما سمته “خلافة”. كلاهما تعامل مع النصوص الشرعية بسطحية، وأسقطها على واقع لا يمتّ بصلة إلى الشورى أو مقاصد الشرع.
-
خدعة “الاختلاف بين المنتسبين للوهابية”
هناك من يقول إنّ التيارات المتناقضة كلها تنسب نفسها للوهابية، وهذا يبرئ المؤسس! لكن الحقيقة أن اجتماع الدواعش، والمداخلة، ومشايخ السلاطين، جميعهم على استدعاء كتب ابن عبد الوهاب، يثبت أنّ كتبه صالحة لكل هذه الاتجاهات المنحرفة لأنها تحمل أصل الداء: التكفير والتشدد والتبعية للسلطان.
فكما أن الخوارج استندوا إلى القرآن بقراءة منحرفة، استند هؤلاء إلى كتب ابن عبد الوهاب ليشرعنوا دماء المسلمين. الفرق أن القرآن كلام الله، محفوظ من التحريف، أما كتب ابن عبد الوهاب فهي النص البشري الذي تضمن بذور الغلوّ، فاستخرجت منه داعش مشروعها الدموي.
النتائج الكارثية
-
- سياسيًا: الدعوة الوهابية أسست لنموذج سلطة يستبيح الأمة باسم التوحيد، وهو ما تكرر حرفيًا مع داعش.
-
- دينيًا: تكريس ثقافة تكفير المخالف وإخراجه من الإسلام.
-
- اجتماعيًا: نشر الانقسام والاقتتال الداخلي بين المسلمين.
Comments 1