أثار موقع “سوراجيم” الإسرائيلي جدلاً واسعاً بعد نشره تقريراً يكشف عن عملية نقل أسلحة سرية بين الإمارات وإسرائيل، في ظل استمرار الحرب المدمرة على قطاع غزة والتوترات الإقليمية المتصاعدة.
وبحسب الموقع، فقد أقلعت طائرة شحن من طراز إليوشن 76 من قاعدة “الريف” الجوية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وهبطت في جنوب إسرائيل قرب قاعدة نِبَتيم الجوية، التي يُعتقد أنها مركز رئيسي لتسليم الشحنات العسكرية إلى الجيش الإسرائيلي.
وذكر الموقع أن الطائرة عادت مباشرة إلى الإمارات بعد إفراغ حمولتها، ما يشير إلى أن العملية جرت بشكل منظم وسريع، بعيداً عن الأضواء، في محاولة لتفادي كشف طبيعة التعاون العسكري بين الطرفين.
تفاصيل الرحلة ومغزاها العسكري
وفقاً لبيانات التتبع الجوي التي استند إليها تقرير “سوراجيم”، غادرت طائرة الشحن الإماراتية أبوظبي مساء الثلاثاء، وحلّقت عبر الأجواء السعودية والأردنية وصولاً إلى صحراء النقب.
وقد هبطت الطائرة في مطار عسكري ملاصق لقاعدة “نِبَتيم”، وهي قاعدة معروفة باستخدامها لتخزين وإعادة توزيع الأسلحة والمعدات العسكرية.
وأشارت المصادر إلى أن الشحنة تضمنت ذخائر وأجهزة اتصال عسكرية متطورة، وهو ما يعزز التقديرات بأن الإمارات لا تكتفي بالتطبيع الدبلوماسي والاقتصادي مع إسرائيل، بل باتت شريكاً مباشراً في دعم ترسانتها الحربية.
دلالات سياسية خطيرة
يعيد التقرير إلى الواجهة التساؤلات حول حقيقة الدور الإماراتي في المنطقة، خاصة في ظل محاولاتها الترويج لنفسها كوسيط “سلام” في الأزمات الدولية. بينما على أرض الواقع، تكشف هذه الشحنات عن وجه آخر يتمثل في تمويل وتسليح إسرائيل خلال حربها على الفلسطينيين.
وقال محلل سياسي إسرائيلي لموقع “سوراجيم”: “هذه الرحلات لم تعد استثناءً، بل باتت جزءاً من تعاون أمني متنامٍ بين الإمارات وإسرائيل، يتجاوز مجالات الاستخبارات إلى الدعم العسكري المباشر”، مشيراً إلى أن أبوظبي تسعى لترسيخ موقعها كحليف استراتيجي موثوق لدى تل أبيب وواشنطن.
وقاعدة “نِبَتيم” الجوية، الواقعة في صحراء النقب، تعد إحدى أهم القواعد الاستراتيجية لسلاح الجو الإسرائيلي. ويُعتقد أنها مقر لتخزين طائرات “إف-35” الحديثة، إضافة إلى كونها محطة رئيسية لاستقبال شحنات السلاح القادمة من الخارج.
ويرى خبراء عسكريون أن اختيار هذه القاعدة لهبوط طائرة الشحن الإماراتية لم يكن صدفة، بل رسالة واضحة أن الشحنة كانت مخصصة مباشرة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بعيداً عن أي غطاء تجاري أو مدني.
ردود فعل غاضبة
في الأوساط العربية والفلسطينية، أثارت هذه المعلومات غضباً واسعاً. فقد اعتبر نشطاء أن الإمارات “تتواطأ بشكل سافر في قتل الفلسطينيين عبر تمويل وتسليح آلة الحرب الإسرائيلية”، مطالبين بفتح تحقيق دولي في هذه العمليات.
وقال متحدث باسم إحدى منظمات حقوق الإنسان في غزة: “بينما يموت الأطفال يومياً بسبب القصف والحصار، تصل طائرات محملة بالسلاح من أبوظبي لتزيد معاناتنا. هذه ليست مجرد تطبيع، بل مشاركة مباشرة في الحرب على الشعب الفلسطيني”.
ازدواجية الخطاب الإماراتي
يسلط التقرير الضوء على التناقض الحاد بين تصريحات المسؤولين الإماراتيين الذين يدّعون الحرص على الاستقرار في المنطقة، وبين واقع الأفعال التي تكشفها مثل هذه الشحنات العسكرية.
فعلى الرغم من حديث أبوظبي عن مبادرات إنسانية تجاه غزة، فإنها في المقابل تعزز الترسانة الإسرائيلية بالسلاح، في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف لتعزيز تحالف استراتيجي مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية ودماء المدنيين.
والتعاون العسكري الإماراتي-الإسرائيلي لا يقتصر على بعده الثنائي، بل يحمل تداعيات أوسع على موازين القوى في المنطقة.
فمن جهة، يعزز هذا التعاون مكانة إسرائيل كقوة عسكرية مطلقة الدعم، ومن جهة أخرى، يفتح الباب أمام سباق تسلح إقليمي، مع تزايد الشكوك بين الدول العربية الأخرى من توجهات أبوظبي.
كما أن هذه التطورات قد تضع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أمام مأزق جديد، خاصة إذا ثبت أن الأسلحة الإماراتية ساهمت في ارتكاب جرائم حرب موثقة ضد المدنيين في غزة.