شهدت العاصمة السعودية الرياض في السنوات الأخيرة احتفالات “الهالوين”، وهو مهرجان غربي دخيل على المجتمع، وصفته وسائل إعلام أجنبية بـ”اللافت” و”المميز”. غير أنّ هذه المشاهد قوبلت بامتعاض واسع من السعوديين والمسلمين، معتبرين أن ما يحدث يمثل انحرافًا ثقافيًا صارخًا وتناقضًا مع الحرب الرسمية على المظاهر الإسلامية الأصيلة.
فبينما تُحارب السلطات السعودية ـ مدعومة بمشايخ المدرسة الوهابية ـ أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بمولد النبي ﷺ وتصفه بأنه “بدعة وضلالة”، نجدها تفتح الأبواب لممارسات دخيلة لا تمت للإسلام ولا للعادات العربية بصلة، بل وتسوّق لها بوصفها جزءًا من “الانفتاح” و”التجديد”.

الإعلام الغربي يقرّ بالتغييرات
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن احتفالات الهالوين في السعودية تمثل دليلًا واضحًا على التحولات العميقة التي يشهدها البلد، مشيرة إلى أن السلطات التي كانت تعتقل سابقًا كل من يحاول إحياء هذه الفعالية، باتت اليوم هي من تشرف على تنظيمها وتمنحها الغطاء الرسمي.
وأضاف التقرير أن هذه التغييرات “تركت كثيرًا من السعوديين في حالة ذهول، بينما شعر آخرون بالغضب، حيث بات من الصعب التعرف على ملامح البلاد بالنسبة للأجانب والمواطنين على حد سواء”.
ردود فعل شعبية غاضبة
أثارت هذه الاحتفالات موجة من الاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي. كتب أحد المغردين:
وفيما حظي هذا الاحتفال بدعم البعض، إلا أنه أثار حفيظة عدد كبير من السعوديين والمسلمين عموما. وعلق أحد المغردين السعوديين قائلا: “من متى احنا كمسلمين وأساس الإسلام ومنبعه سار عندنا #هالوين_الرياض؟”.

وقال آخر: “يارب رحمتك وعفوك، اللهم اهدي ضال المسلمين، واهدي شبابنا وفتياتنا، واصلح ما فسد من قلوبنا”.

وكتب آخر: “في السعودية يهرول مشايخ الوهابية كل عام لمحاربة اي مظهر من مظاهر اشهار الحب للنبي والتعلّق به لاسيما في ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يحتفل به كل المسلمون وبلاد الإسلام إلا السعودية, ونراهم يخرسون في مثل هذه الاحتفالات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة.. بئس المشايخ هؤلاء وخسئت دعوتهم”
وقال آخر: “عندما يغضب الله عليك، يجعلك تحط من قدر نفسك وتتحول إلى شيطان أحمق والى تابع من أتباع الدجال فتُهِنُ نفسك وتحتقرها وتذِّلها إذلالا وتتحولُ إلى أدنى درجة من أحقر حيوان خلقه الله على وجه الأرض!”.
تناقض صارخ
إن إفساح المجال لمهرجانات دخيلة مثل “الهالوين”، في الوقت الذي يتم فيه التضييق على إحياء ذكرى مولد النبي ﷺ، يكشف حجم الازدواجية التي يعيشها المشهد الديني والثقافي في السعودية. فما يُمنع بحجة “البدعة” حين يتعلّق بالرسول ﷺ، يُرحّب به ويُحتفى به حين يأتي من الغرب.
هذه السياسة ليست مجرد خيارات ترفيهية، بل انعكاس لتوجّه أعمق يرمي إلى تفريغ الهوية الإسلامية وإحلال أنماط ثقافية مستوردة محلها، في مشهد يراه كثير من المراقبين جزءًا من مشروع إعادة تشكيل الوعي في المملكة على حساب ثوابتها الإسلامية.