كان رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحيمًا بِالمُؤمنينَ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ (أي الاقترَابِ مِنْهُمْ)، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ.
وكَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِدَّة شَفَقَتِهِ وَرَحمَتِهِ بِالمُؤمنين أَنَّهُ إذا لَمْ يَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بُرهةً مِنَ الزّمنِ يَتَفَقَّدُهُ حَتَّى إِنَّهُ قيلَ لَهُ عَنْ رَجُلٍ غَريبٍ مُؤمِنٍ فَقير حينَ سأَلَ عَنْهُ قيلَ لَهُ: “إنَّهُ تُـوُفِّـيَ” فَذَهَبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قَبرِهِ وَصَلَّى عَليْـهِ، سَأَلَ عَنْ قَبْرِهِ أَيْنَ دُفِن فَدُلَّ عَلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى هَذا الحَدّ كَانَ يُحِبُّ المَساكين وَيَعْتَني بهم وَهَذا الَّذي مَاتَ مَا كانَ إلّا رَجُلًا مُؤمِنًا مِسكينًا كانَ غَريبًا. فما أعظم أخلاق رَسُولِ اللهِ محمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال اللهُ تعالى في وصفِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ“.
عاشِرْ أهلَ الفضلِ، ليكنْ أصدقاءَك وأصدقاءَ أولادِك مِن أهلِ العلْمِ والفضلِ، وليكن طلبةَ العلمِ من أهل الأدب والسّلوك الحسنِ في الشّريعة أصدقاء لك ولأولادك، ولا تعاشرْ أهلَ السُّوءِ، ولا تأذن لأولادك بمعاشرة أهل السُّوءِ، وكذلك بالنسبة لزوجتك، فإنَّ صاحبَ السُّوءِ ساحبٌ، وكثير من الآباء في غفلة عن هذا، يتركون أولادهم فيفاجئون فيما بعد بأنّ ولدَهُ صار عضوًا في لجنة لفّ سجائر المخدرات أو في شم الكوكايين أو الإتجار بالهيرويين أو أنّ ابنته صارت عضوًا في مرقصٍ يراقصها فلانٌ والعياذ باللهِ تعالى، كُلّ ذلك بدعوى الحضارة، كُلّ ذلك بدعوى التّمدن، أمّا دِينُ اللهِ تبارك وتعالى فكثيرون يظنّون أنَّهُ للمساكين والفقراء، والذين شابت رؤوسهم وصاروا على حافة قبورهم.