وَأَمَّا الْحَيَاءُ وَالإِغْضَاءُ: فَالْحَيَاءُ رِقَةٌ تَعْتَرِي وَجْهَ الْإِنْسَانِ عِنْدَ فِعْلِ مَا يُتَوَقَّعُ كَرَاهِيَتُهُ أَوْ مَا يَكُونُ تَرْكُهُ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ وَالْإِغْضَاءُ التَّغَافُلُ عَمَّا يَكْرَهُ الْإِنْسَانُ بِطَبِيعَتِهِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً وَأَكْثَرَهُمْ عَنِ العَوْرَاتِ إِغْضَاءً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي منكم) الآيَةَ * حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَتَّابٍ بِقَرَاءَتِي عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ المروزي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَنَسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خذرها، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَطِيفَ الْبَشْرَةِ رَقِيقَ الظَّاهِرِ لَا يُشَافِهُ أَحَدًا بِمَا يَكْرَهُهُ حَيَاءً وَكَرَمَ نَفْسٍ، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ ما يَكْرَهُهُ لَمْ يَقُلْ ما بال فُلَانٍ يَقُولُ كَذَا وَلَكِنْ يَقُولُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَصْنَعُونَ أَوْ يَقُولُونَ كَذَا يَنْهَى عَنْهُ وَلَا يُسَمِّي فَاعِلَهُ.
وَرُوِيَ أَنَسٌ أنَّهُ دَخَل عَلَيْهِ رَجُلٌ بِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا وَكَانَ لَا يُوَاجِهُ أَحَدًا بِمَا يَكْرَهُ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَوْ قُلْتُمْ لَهُ يَغْسِلُ هَذَا، وَيُرْوَى يَنْزِعُهَا: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحِ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَّاشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا سَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَقَدْ حُكِيَ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ عَنِ التَّوْرَاةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سَلامٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ مِنْ حَيَائِهِ لَا يُثْبِتُ بَصَرَهُ فِي وَجْهِ أَحَدٍ وَأَنَّهُ كَانَ يُكَنِّي عَمَّا اضْطَرَّهُ الْكَلَامُ إِلَيْهِ مِمَّا يَكْرَهُ، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ما رأيت فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ.